إيلاف من دبي: هذا الأسبوع، كانت كل الأنظار متجهة إلى اليونسكو، الهيئة التي تتخذ من فرنسا مقراً لها والتي تمنح تصنيف "موقع التراث العالمي" على بعض أجمل المواقع التاريخية في العالم. وخلال السنوات العديدة، كان الإعلان عن إضافات جديدة إلى قائمة اليونسكو سببًا لبعض الإثارة، على الأقل في عالم السفر. لكن يبدو أن موسم إعلان 2021 كان أكثر دراماتيكية بشكل ملحوظ، وفقًا لتقرير نشره موقع "سي أن أن".

يضيف التقرير: "أولاً، هناك الصراع بين أستراليا واليونسكو حول ما إذا كان سيتم إضافة الحاجز المرجاني العظيم إلى القائمة الرسمية للمواقع المعرضة للخطر". وفي نهاية المطاف، أفلت الحاجز المرجاني من تصنيف "في خطر"، في حين تم إلغاء وضع مدينة ليفربول تمامًا، وهو ما قالت منظمة اليونسكو إنه "بسبب الخسارة التي لا رجعة فيها للسمات التي تنقل القيمة العالمية البارزة للموقع".

ومع كل هذه الجلبة حول المواقع التي ستنضم أم لا، هناك سؤال واحد لم تتم الإجابة عليه: هل يُحدث تصنيف اليونسكو فرقًا حقًا مع المسافرين؟

كيفية تحديد التراث

مع وجود 1،153 موقعًا للتراث العالمي في القائمة، لا ينبغي للمسافرين توقع نهج واحد يناسب الجميع. ويمكن تعريف "التراث" بعدة طرق، وتقوم اليونسكو بتقسيم المواقع إلى ثلاث فئات: الأهمية الثقافية، والأهمية البيئية، أو مزيج بين الاثنين معًا.

ومن بين أكثر من ألف اسم على القائمة، هناك بعض المواقع المفضلة في العالم مثل ماتشو بيتشو، والممرات المائية في البندقية، وغراند كانيون، وأنغكور وات. وتعد عملية الترشيح شاقة وتستغرق وقتًا طويلًا، كما أنها مكلفة، وفقًا لـ "سي أن أن".

تمتلك العديد من البلدان النامية مواقع يمكن الاعتراف بها لأهميتها العالمية، ولكنها لا تستطيع تحمل الوقت والمال اللازمين لعمل حملة. ويوضح أحد ممثلي اليونسكو لـ "سي أن أن" أن "الحد الأدنى للمدة بين الترشيح والتسجيل هو سنتان، ولكنه عادة ما يستغرق وقتًا أطول بكثير".

ويجب على البلدان أولاً تسجيل موقع تنوي ترشيحه في القائمة المؤقتة، والتي تُقدم إلى اليونسكو، ثم يتعين عليهم استكمال ملف الترشيح الذي يجب أن يحتوي على معلومات حول سمات الموقع وآليات الإدارة والحماية الموضوعة للموقع، حسبما ذكره أحد ممثلي اليونسكو لـ "سي أن أن".

ومجرد تقديم ترشيح لا يعني أن الرحلة قد انتهت، إذ لا يتم تسجيل الكثير من الوجهات خلال محاولتها الأولى. ويمكن لليونسكو إرسال ملاحظات أو اقتراحات حول كيفية تحسين ملف الترشيح. وهنالك بعض المواقع التي تقبع في الملف "قيد النظر" على مدى أعوام.

ولا يعتبر الجميع هذه التعيينات، أو الاستثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية للسياحة، أولوية. ولا ترى بعض الحكومات فائدة في محاولة ترشيح مواقعها، بينما يسعى البعض الآخر إلى قوائم اليونسكو بالطريقة التي قد يطاردون بها الميداليات الذهبية الأولمبية.

ورغم أن اليونسكو تعتبر نفسها منظمة غير سياسية، إلا أن مقرها الرئيسي يقع في باريس، مما يعني أن بعض النقاد يتهمون المنظمة بأنها تتمحور حول أوروبا أكثر من اللازم.

ويوجد في أوروبا وأمريكا الشمالية معًا 545 موقعًا مدرجًا، وهو ما يمثل أكثر من نصف القائمة الإجمالية. ولدى إيطاليا 58 موقعًا بمفردها، في حين أن القارة الأفريقية بأكملها لديها 98 موقعًا فقط.

علاقات عامة مجانية

تعرف ماريا غرافاري بارباس، وهي منسقة كرسي اليونسكو لبرنامج "السياحة والثقافة والتنمية" في جامعة السوربون بباريس، أكثر من أي شخص تقريبًا كيف يمكن لقوة العلامة التجارية لليونسكو أن ترفع من مستوى وجهة أقل شهرة إلى مستوى مختلف، وهو ما يطلق عليه "تأثير اليونسكو".

مع إعلان اليونسكو يأتي إعلان عالمي مجاني، ومن خلال الإعلانات العالمية المجانية، يأتي آلاف الأشخاص الذين قد يسمعون عن مكان ما لأول مرة ويبذلون جهدًا للبحث عنه أو إضافته إلى خط سير الرحلة التالي، وهكذا تأتي الأموال مع هؤلاء السياح، وفقًا لـ "سي أن أن".

و تقول بارباس: "نعم، من الواضح أن ذلك يحدث فرقًا، فاليونسكو معروفة للغاية بين السياح"، وتضيف أنه يمكن أن يكون الحصول على تأييد "اسم علامة تجارية" دوليًا هو العامل الحاسم في سبب اختيار المسافر لإجازة محتملة على أخرى.

ومن بين هؤلاء الأشخاص الذين يبحثون في القائمة مايكل ترتل، وهو مدون سفر أسترالي زار 322 موقعًا للتراث العالمي لليونسكو.

يقول ترتل: "إذا كنت تحضر متحفًا أو معرضًا يحاول سرد تاريخ العالم، وبإمكانك الذهاب وجمع كل هذه الأماكن التي تروي القصة، فإن مواقع التراث العالمي هي تلك الأماكن". ويعترف ترتل، الذي يصدر كتابًا يحمل عنوان "عجائب الدنيا: 100 موقع من مواقع التراث العالمي الرائعة" في أغسطس الجاري، بأنه مهووس بشطب المواقع من القائمة نوعًا ما.

لكن ما هو أكثر من مجرد امتلاك حقوق المفاخرة، يعتمد ترتل على اليونسكو لتوجيهه نحو أهم الأماكن في بلد أو مدينة معينة.

ويشرح ترتل :"ما يحدث هو أن ينتهي بك الأمر بالذهاب إلى بعض الأماكن التي ربما لم تسمع بها من قبل. ولكن بالذهاب إليها، تكتشف هذا الجزء بأكمله من البلد، وتراثه، وثقافته التي لم تكن لتعرف عنها بخلاف ذلك".

وتشير غرافاري بارباس إلى أنه مع تصنيف اليونسكو يأتي استثمار أعمق في البنية التحتية للسياحة، وسيحتاج كل هؤلاء الزوار الجدد إلى أسرّة للنوم، ومطاعم لتناول الطعام فيها، وهدايا تذكارية لشرائها.

وفي أفضل حالاتها، يمكن لتصنيف اليونسكو للتراث العالمي أن يجلب الأموال التي تشتد الحاجة إليها والدعم والاعتراف العالمي لوجهة تستحقها، وفي أسوأ حالاتها، يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو السياحة المفرطة.

وأدرجت اليونسكو مدينة ليفربول التجارية إلى قائمتها في عام 2004، وشهد هذا العام إزالة الموقع.

مشاريع مقبلة

استشهدت اليونسكو بمشاريع التنمية المقبلة مثل إنشاء ملعب جديد لفريق إيفرتون لكرة القدم في قرارها، قائلة إن مثل هذه المشاريع ستدمر ما يجعل المدينة مميزة.

وبالنسبة لعمدة المدينة، كان هذا قرارًا مستحيلًا. وكتب رئيس بلدية مترو ليفربول ستيف روثرهام في مقال رأي عبر موقع "آي نيوز" البريطاني: "نحن فخورون بتاريخنا ولا نخجل منه". أضاف: "إنه معروض بالكامل في بعض متاحفنا ذات المستوى العالمي ومناطق الجذب للزوار، هذا لا يعني أنه يجب علينا الجلوس والسماح للمدينة نفسها بأن تصبح متحفًا".

ووصف روثرهام حكم اليونسكو بأنه "رجعي"، وذكر مواقع التراث العالمي الأخرى التي يمكن اعتبارها أيضًا مذنبة بنفس "جريمة" التحديث حول معلم قديم، وتعتبر مطاعم الوجبات السريعة عبر الشارع مقابل أهرامات الجيزة مثالاً يُستشهد به كثيرًا.

وويضيف روثرهام: "لا ينبغي أن تواجه أماكن مثل ليفربول خيارًا ثنائيًا بين الحفاظ على مكانة التراث أو تجديد المجتمعات التي تُركت وراءها - واستعادة الوظائف والفرص التي تأتي مع ذلك".

وتؤكد اليونسكو أن أي موقع تم حذفه من قائمة التراث يمكن إعادة تقديمه وأن الإلغاءات ليست دائمة. ومع ذلك، حتى الآن لم يتمكن أي موقع من العودة إلى القائمة بعد إزالته.