ريدلي: في وديان وسط كاليفورنيا، تحوّل البحث عن المياه إلى هوس فيما تعاني المنطقة موجة جفاف قد تهدّد الإمدادات الغذائية الأميركية.

وشاهد سكان المنطقة بحزن تحول الحقول الخضراء إلى سهول مغبرة بنية، ولم يتبقَّ إلّا أشجارًا ذابلة ونباتات ميتة ومزارعين غاضبين.

وشهد جزء كبير من ولاية كاليفورنيا وغرب الولايات المتّحدة مواسم أمطار كانت خلالها المتساقطات أقل من المعتاد وشتاء جافًّا.

وخشية عدم توافر مياه كافية لسكان المدن أو الحياة البرية، قطعت سلطات الولاية والسلطات المحليّة الإمدادات عن المزارع بشكل مفاجئ ما أثار الغضب والذعر.

على طول الطرق بين المزارع الرئيسيّة، تظهر لوحات إعلانيّة في كلّ مكان تحضّ على "توفير مياه كاليفورنيا" متّهمة السلطات "بإلقاء(...) مياهنا في المحيط".

ويشتكي المزارعون من أنّ الحاكم الديموقراطي للولاية غافين نيوسوم، يخنقهم بمجموعة من القيود غير الضرورية ما يجعلهم غير قادرين على تأدية دورهم المعتاد المتمثّل في إمداد متاجر السوبرماركت الأميركيّة.

وقال نيك فوليو (28 عامًا) وهو مزارع أبًا عن جد لوكالة فرانس برس "جفّت اثنتان من آباري الأسبوع الماضي" مضيفًا أنّ لديه "800 هكتار من البرسيم الحجازي بدأت تجفّ".

وأعرب فوليو فيما يقف في حقل مغبر قرب فريسنو، عن قلقه قائلًا أنّه "مع وجود أجندة سياسيّة خاطئة، فإنّنا ببساطة سنجوع وقد نجوّع بقية العالم".

ولا يبدو أنّ سلطات كاليفورنيا تسمع هذه الرسالة.

قوانين طوارئ جديدة

وكردّ فعل على العلامات الرهيبة لتفاقم أزمة المناخ، أصدرت قوانين طوارئ جديدة الأسبوع الماضي لمنع الآلاف من الناس، لا سيما المزارعين، من تحويل مجاري المياه أو الأنهار.

وقالت جينين جونز مديرة إدارة الموارد المائية في كاليفورنيا "في عام لا تمطر فيه الطبيعة، لن يكون هناك مياه لهم".

عندما تقطع السلطات إمدادات المياه، يجد المزارعون أنفسهم مجبرين على الإعتماد على آبار محفورة في أعماق الأرض بكلفة باهظة تصل إلى آلاف الدولارات. وهم يسحبون المياه الجوفيّة من طبقات سطحيّة يبلغ عمقها مئات الأقدام. لكنّها في النهاية، ستجفّ أيضًا.

وقالت ليزيت غارسيا التي كانت تعتمد على مياه الآبار لري نصف مزرعتها التي تبلغ مساحتها حوالى ثمانية هكتارات "الوضع رهيب جدًّا".

وكانت تنتظر منذ أسابيع وصول خدمة حفر الآبار إلى مزرعتها آملة في العثور لو على إمدادات صغيرة من المياه في أعماق الأرض.


(منطقة وديان وسط كاليفورنيا تعاني من الجفاف الذي قد يهدد الإمدادات الغذائية الأميركية)


تدمير المحاصيل

ودمّرت درجات الحرارة المرتفعة العديد من محاصيلها التي "خبزت حرفيًّا تحت أشعة الشمس".

وقالت ليزيت "هناك الكثير من أوراق الشجر التي احترقت وجفّت إلى حد كبير" بالإضافة إلى أنّ "الفاكهة لا تكتسب حجمًا، وبالتالي لا يمكن الإستحصال على العصير وحلاوة الطعم".

وتابعت "إنّ الحصول على الطعام أصبح رفاهية. هل هذا يبدو جنونيًّا؟"

وسيؤدّي تغيّر المناخ، وفق العلماء، إلى موجات جفاف أكثر حدّة وتواترًا، ما يزيد من تعريض الأمن الغذائي للخطر.

وسيكون إطعام أميركا في ظلّ هذه الظروف تحدّيًا. لكن المنطقة ربما وجدت منقذًا: تحت أشعة الشمس الحارقة، يفتح العمال صناديق كبيرة في وسط الحقول غير المزروعة وفي داخلها آلاف الألواح الشمسيّة، وأملًا في إعطاء منطقة على حافة الهاوية، دفعة جديدة.