موسكو: يتجه حزب فلاديمير بوتين الأحد إلى الفوز في الانتخابات التشريعية في روسيا، في غياب معارضة حقيقية بعد استبعاد حركة المعارض أليكسي نافالني وعرقلة الوصول إلى نصائحها بشأن التصويت من جانب شركتي "غوغل" و"آبل" تحت الضغط.

ويُتوقع أن يفوز في الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام من الجمعة إلى الأحد، حزب "روسيا الموحّدة" الحاكم رغم تراجع شعبيته، بعد أشهر من القمع أضعفت إلى حدّ بعيد منتقدي بوتين.

سُجن الناشط المناهض للفساد وأبرز منتقدي الكرملين أليكسي نافالني (45 عاماً) في كانون الثاني/يناير الماضي على خلفية قضية احتيال يعتبر أنها سياسية. وحُظّرت منظماته بعد تصنيفها "متطرفة" وأُرغم عدد كبير من المتعاونين معه على الفرار من البلاد خشية تعرضهم لملاحقات.

ويهدف الاقتراع إلى انتخاب 450 نائباً في مجلس الدوما أحد غرفتي البرلمان الروسي الذي يسيطر عليه حالياً حزب روسيا الموحّدة. وتُجرى أيضاً انتخابات محلية وإقليمية.

قال أندري وهو مبرمج كمبيوتر يبلغ 33 عاماً أثناء الإدلاء بصوته الأحد في موسكو، أن ما يجري هو "شبه انتخابات، وهذا أمر محزن". وأضاف في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنه اتّبع نصائح فريق نافالني إلا أنه رفض الكشف عن اسمه كاملاً خشية تعرضه لأعمال انتقامية.

التصويت الذكي

ونظرا إلى عدم السماح لأي شخص مناهض للكرملين تقريبا بالترشح للانتخابات، أسّس أنصار نافالني استراتيجية أطلقوا عليها تسمية "التصويت الذكي" بهدف دعم المرشحين الذين غالباً ما هم شيوعيون، الأوفر حظا لمقارعة مرشحي الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".

قال ألكسندر كورولكوف (61 عامًا) وهو عامل من موسكو، "أعطيت صوتي للشيوعيين حتى لا يذهب إلى روسيا الموحدة". مؤكدا انه "لم يصوت أبدًا" لبوتين.

لكنه لم يطلع على سيرة المرشحين الذين اقترحهم "التصويت الذكي"، وهي "حيلة للشاب لا تأتي فعليا بنتيجة" على قوله.

ومجددا، دعا المعارض المسجون إلى التصويت بناء على توصياته. وكتب في رسالة نُشرت الأحد على مواقع التواصل الاجتماعي "لصوتكم أهمية".

وللتصدي لهذه الخطة، مارست السلطات الروسية ضغوطاً غير مسبوقة في الأسابيع الماضية على الشركات الرقمية التي تنشر توصيات المعارضة ونجحت في إخضاع "غوغل" و"آبل" لإرادتها.

فقد وافقت هاتان الشركتان على أن تحذفا من متجريهما للتطبيقات على الهواتف المحمولة، تطبيق "التصويت الذكي" التابع لنافالني. واتّهم أنصار نافالني الشركتين الأميركيتين بأنهما "استسلمتا لابتزاز الكرملين".

وعرقلت شركة غوغل أيضاً في روسيا الوصول إلى محتويات أخرى تتضمن هذه التوصيات الانتخابية: مقطعا فيديو نُشرا على منصة يوتيوب التي تملكها غوغل، ولائحتان منشورتان على خدمة "غوغل دوكس" للتحكم بالنصوص.

وردّ فريق نافالني بأن نشر على موقع تويتر تعليمات لتحميل شبكة افتراضية خاصة "في بي إن" للالتفاف على الرقابة المفروضة.

وأفادت مصادر مقربة من آبل وغوغل، لوكالة فرانس برس أن الشركتين اتخذتا قرارهما بعد تهديدات تلقتاها من السلطات الروسية، خصوصاً بشأن توقيف موظفيهما في روسيا.

ُدعي حوالى 108 ملايين روسي للتصويت حتى الساعة 18,00 ت غ الأحد مع اغلاق آخر مكاتب الاقتراع. ويتوقع أن تصدر النتائج الأولية بعيد ذلك.

عند الساعة 11,30 ت غ الأحد، تخطت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية 40% بحسب اللجنة الانتخابية. وتحدثت رئيسة اللجنة إيلا بامفيلوفا عن "ثماني حالات حشو صناديق اقتراع" في أنحاء البلاد.

لكن بحسب منظمة "غولوس" غير الحكومية المتخصصة في مراقبة الانتخابات، أُحصيت أكثر من 3850 مخالفة محتملة منذ بدء الاقتراع حتى صباح الأحد، من بينها حشو صناديق وضغوط للاقتراع.

وقال كيريل سيرغيينكو وهو ناخب يبلغ 43 عاماً، لفرانس برس أنه جاء خصيصاً الأحد إلى سان بطرسبورغ ليصوّت، آملاً أنه تكون هناك "احتمالات أقلّ بحصول تزوير" في اليوم الأخير من الانتخابات.

تراجع في الشعبية

وفي غياب منافسة فعلية، سيفرض حزب روسيا الموحّدة نفسه في الانتخابات رغم تراجع شعبيته إلى أقل من 30% بحسب استطلاع للرأي أجراه مركز حكومي.

وتعتمد الأحزاب الأخرى الممثلة في الدوما، من شيوعيين وقوميين ووسطيين، نهجا قريبا من الكرملين حول القضايا الأساسية.

وقالت آنا كارتاشوفا (50 عاماً) وهي موظفة في شركة أدوية جاءت إلى موسكو للاقتراع، لفرانس برس "ببساطة نحن نؤمن به (بوتين)". وأكدت أنها صوتت لحزب الرئيس لأنها "لا ترى أي شخص آخر في الأفق".