إيلاف من الرياض: في إطار اهتمام المملكة بالبحوث العلمية، بصفتها مؤشراً معرفياً مرتبطاً باحتياجات المجتمع، ومساعداً في تدعيم التنمية، رسمت وزارة التعليم خارطة مشروعات تحوّلية ذات طابع استراتيجي من أجل إعادة بناء هويات جامعاتها البحثية، والتعرف على القدرات البشرية والبنى التحتية المتوافرة فيها، مرورا بعدد من الإجراءات والدراسات لاكتشاف أفضل الممارسات العالمية الناجحة في تطوير منظومات البحث والابتكار.

وأجرت وزارة التعليم دراسات بشأن حالة البحث العلمي في جامعات البلاد، التي تنتج نحو 90% من الناتج البحثي الوطني، شملت تحليل واقع الصناعات البحثية، ومدى قدرة الجامعات لتطوير تلك الصناعات، إضافة إلى تقييم الناتج البحثي المحلي ومقارنته بالدول المتقدمة.

وخلصت معظم تلك الدراسات التي أطلعت "إيلاف" عليها إلى توافر فجوة بين مخرجات البحث العلمي بشكل عام في الجامعات والاولويات الوطنية والاحتياجات المناطقية، وعدم تركيز البحوث على الاولويات والاحتياجات الوطنية، واقتصرت الآثار في كثير من الأحيان على ارتفاع معدلات الجامعات في التصنيفات الدولية، وترقية أعضاء هيئة التدريس، دون تحقيق أثر تنموي ملموس.

وفي هذه الأثناء، عَمَدت وزارة التعليم إلى إجراء دراسات مقارنة - بمشاركة خبراء محليين ودوليين متخصصين في بناء وتطوير منظومات البحث والابتكار في الجامعات - للتعرف على آليات رفع كفاءة التمويل البحثية التي انتهجتها الدول المتقدمة، وتركزت تلك الدراسات المعمقة على الدول المتقدمة بحثيا والمشابهة في منظوماتها البحثية والتعليمية للمنظومة التعليمية والبحثية في السعودية.

وشددت نتائج وتوصيات تلك الدراسات على ضرورة إعادة بناء استراتيجيات الجامعات البحثية لضمان تعظيم أثر البحث العلمي على الأولويات الوطنية ووضع أجندات بحثية محددة، وعلى الفور عملت وزارة التعليم بهذه التوصيات، ونشرت استفتاءات وطنية على جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص؛ لرصد الاحتياجات البحثية، إضافة إلى التحليل الدقيق لوثائق الرؤية لمعرفة ماهية الأولويات الوطنية التي قد تتطلبها.

وأوضحت وزارة التعليم لـ "إيلاف" أن القطاع الحكومي والخاص سرعان ما تجاوب مع ما تبذله وزارة التعليم في سبيل رصد احتياجات هذه القطاعات ومتطلباتهم البحثية، وتزويد الوزارة بها.

الجامعات السعودية تحت سقف واحد

إلى ذلك، دعت وزارة التعليم الجامعات السعودية كافة في ورش عمل بهدف تزويدهم بنتائج الحصر التي حصلت عليها مسبقاً لمعرفة الاحتياجات البحثية الوطنية المطلوبة من الجامعات والباحثين.

وركزت ورش العمل على واقع الاحتياج البحثي التطبيقي الوطني، وحالة البحث العلمي في البلاد، إلى جانب معرفة القدرات البحثية في الجامعات، وكيفية توجيه بوصلة البحث العلمي نحو مسارها الصحيح لردم فجوات الاحتياج الوطني.

لكل جامعة هوية بحثية

ومنذ قرابة العامين، أعادت الجامعات السعودية بناء هوياتها البحثية وفقاً للاحتياجات الوطنية بحسب ما أفادت به الوزارة لـ "إيلاف"، لتصبح مجموعة المؤسسات التعليمية السعودية ذات هويات واضحة تتبنى استراتيجيات علمية مرتكزة على الاحتياجات الوطنية.

وفي سياق الهويات الوطنية البحثية، صاغت بعض الجامعات استراتيجياتها البحثية في مجالات متعددة تضمنت قطاعا المياه والتصحر إضافة إلى قطاع الطاقة وخدمات الحج والعمرة وإدارة الحشود وقطاع السياحة، فيما اختارت جامعة الملك فيصل في المنطقة الشرقية هوية بحثية متخصصة في الأمن الغذائي، وتخصصت جامعة جدة في الخدمات اللوجستية نظراً إلى ما تتمتع به تلك المنطقة من البلاد بحركة سياحية متنوعة، ومواسم دينية سنوية، ووضعت جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل هويتها الوطنية في الأمن الدوائي، وهكذا تخصصت باقي الجامعات في مجالات بحثية ذات احتياج وطني ومناطقي.

دليل إرشادي للتمويل البحثي

وفي إطار مأسسة عمليات التمويل للمشاريع البحثية، استحدثت وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة المالية نظام تمويل مؤسسي (مدعوما بأدلة إرشادية) وخُصص هذا النظام التمويلي، لدعم المشروعات البحثية بما يضمن تحقيق آثر تنموي ينعكس على اقتصاد المملكة.

الهويات البحثية.. وعي للجامعات

من جهته قال الدكتور ناصر العقيلي، وكيل وزارة التعليم للبحث والابتكار، إن رسم الهويات البحثية ساهم في رفع مستوى الوعي عند الجامعات في معرفة الاحتياجات الوطنية، وكيفية اختيار المشكلات البحثية ومعالجتها، مشدداً على ضرورة وجود أجندة بحثية لدى المؤسسات التعليمية.

وتابع الدكتور ناصر العقيلي في حديثه لـ "إيلاف"، وضعت وزارة التعليم أهداف بحثية واضحة مرتبطة بالتمويل المؤسسي، وحينما تلتزم الجامعة بها، تُموّل بشكل مباشر، علما بأن الجامعات اختارت هويتها البحثية بما يتوافق و يتواءم مع القدرات البحثية التي لديها والبنى التحتية التي تمتلكها، وزوّدت الجامعات بتقارير تفصيلية حول حالة البحث العلمي أعدتها الوزارة لكل جامعة على حدة.

الدكتور ناصر العقيلي، وكيل وزارة التعليم للبحث والابتكار، إن رسم الهويات البحثية ساهم في رفع مستوى الوعي عند الجامعات في معرفة الاحتياجات الوطنية، وكيفية اختيار المشكلات البحثية ومعالجتها، مشدداً على ضرورة وجود أجندة بحثية لدى المؤسسات التعليمية.

وتابع الدكتور ناصر العقيلي في حديثه لـ "إيلاف"، وضعت وزارة التعليم أهداف بحثية واضحة مرتبطة بالتمويل المؤسسي، وحينما تلتزم الجامعة بها، تُموّل بشكل مباشر، علما بأن الجامعات اختارت هويتها البحثية بما يتوافق و يتواءم مع القدرات البحثية التي لديها والبنى التحتية التي تمتلكها، وزوّدت الجامعات بتقارير تفصيلية حول حالة البحث العلمي أعدتها الوزارة لكل جامعة على حدة.

وأضاف أن تلك التقارير بيّنت جوانب التميز التي تتمتع بها الجامعات الأمر الذي بدوره يساعدهم في اختيار هوياتهم البحثية وتوظيفها لخدمة المستهدفات الوطنية، لافتاً إلى أن وزارة التعليم ساعدت من خلال التقارير التي أعدتها على رفع مستوى الوعي لدى الجامعات، وبالتالي اختيار استراتيجيات علمية بحثية واضحة الارتباط بالاحتياج الوطني.

الريادة العلمية للسعودية

وحول تفوق أبحاث الجامعات السعودية في المؤشرات العلمية، قال وكيل وزارة التعليم للبحث والابتكار إن أبحاث الجامعات في تلك المؤشرات لم تتفوق في العدد فحسب، بل في الجودة أيضاً، لافتاً إلى التفوق العلمي الذي أحرزته المملكة أخيراً في مؤشر نيتشر لـلعام الجاري وصعد مؤشر النشر لدينا من (18) ألف بحث علمي منشور (كمستهدف) إلى (33) ألف بحث علمي منشور (كمتحقق) بحسب مؤشرات النشر العالمية.

تسع لقاحات سعودية

وفي حديثه لـ " إيلاف" يقول الدكتور ناصر العقيلي، نحن نتابع في الوزارة تسعة لقاحات سعودية مرتبطة بفيروس كورونا تطور حاليا في الجامعات السعودية، مشيراً إلى أن إحدى هذه اللقاحات والذي يتم العمل عليه في جامعة الإمام عبد الرحمن الفيصل، قد وصل إلى مرحلة التجارب السريرية، وإذا سارت الأمور كما ينبغي، فإنه بنحو ستة أشهر، سيكون لدينا لقاح سعودي، إذ أنه الآن تجاوز الاختبارات الحيوانية، والجامعة الآن بصدد تطوير الجرعات، وسيبدأ الباحثون في الجامعة في الإجراءات السريرية على الإنسان الفترة المقبلة. وفي السياق ذاته ، بيّن العقيلي أن جامعة الملك فيصل في الأحساء، وجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، وجامعة نجران، تعكف على تطوير لقاحات لكورونا، إسهاماً منها في هذا المجال .