إيلاف من بيروت: أجرى الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لأول مرة حوارًا إذاعيًّا مع إذاعة الفاتيكان، أذيع مساء الجمعة، على هامش مشاركته في قمة قادة الأديان بشان المناخ والتعليم، والمنعقد بالعاصمة الإيطالية روما، وتحدث خلاله عن العديد من القضايا المعاصرة وأبرز محطات علاقة الأزهر مع الفاتيكان.

وبحسب بيان للأزهر على صفحته في فيسبوك، تناول اللقاء تاريخ العلاقات بين الأزهر والفاتيكان وأسس العلاقات بينهما وفترات توقفها وأسباب عودتها على يد فضيلة الإمام الأكبر والبابا فرنسيس، ومبادرات الأزهر للحوار مع الفاتيكان، موصيا كل من يريد أن يتعرف على تفاصيل القصة الكاملة بقراءة كتاب "الإمام والبابا والطريق الصعب" لمؤلفه المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للأخوة الإنسانية، المستشار التشريعي السابق لشيخ الأزهر.

وقال شيخ الأزهر، بحسب شبكة "سي أن أن": "رسالة الدين إلى الإنسان لا يمكن أن تثمر ثمارها المرجوة في هداية البشر إلا إذا حملها إليه مؤمنون مخلصون متصالحون بينهم أولا"، مضيفًا أن ما يقال عن إن الأديان سبب الحروب في التاريخ "كلام غير دقيق"، وأكد أن "ما وقع من صراعات باسم الدين هي في الواقع صراعات سياسية"، واصفا هؤلاء الذين ينشرون العنف باسم الدين بأنهم "كاذبون وخائنون لأديانهم".

وأشار شيخ الأزهر إلى العلاقات التاريخية بين الإسلام والمسيحية. وقال إنه "في العصر الحاضر انبثقت لجنة من الأزهر الشريف سميت بلجنة الحوار مع الفاتيكان وكانت تعقد اجتماعات سنة في الفاتيكان وأخري بالأزهر لكنها توقفت لفترة تقريبا 6-7 سنوات، ثم عادت إلى الظهور مرة أخري في 2015 بعدما تولى الأخ العزيز البابا فرنسيس الكرسي البابوي فبادر الأزهر بالتهنئة، ثم تلقينا ردا جميلا من البابا فرنسيس شجعنا على أن نفكر من جديد في أن نبدأ علاقة قوية جدا بين الفاتيكان والأزهر".

وأضاف: "قررت أن أزور البابا فرانسيس في مايو 2016، وفي هذه الزيارة اكتشف كل منا أن الأخر يحمل قدرا هائلا من التجانس الفكري والروحي المشترك تجاه الأزمات التي يعاني منها الإنسان المعاصر وخاصة الفقراء والأيتام والمرضى والأرامل والمشردين".

وتابع شيخ الأزهر بالقول: "هذا التجانس المشترك يمكنه أن يقدم الكثير من أجل أن يخفف هذه الأزمة وحين إذا لم أتردد في أن أمد يدي لهذا القائد الديني الذي تأكد لي منذ الدقائق الأولى في مقابلته أنه رجل السلام والإنسانية بامتياز"، مؤكدا أن "رسالة البابا مهمة سواء للمسلمين أو لغيرهم لأنها تقول كلنا أخوة".

ويقوم شيخ الأزهر بزيارة إلى إيطاليا منذ الثالث من أكتوبر حضر خلالها قمتي قادة الأديان للتعليم والمناخ، كما أجرى لقاءات متنوعة مع عدد من القيادات الدينية والشخصيات السياسية والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، والاجتماع الدولي «الصلاة من أجل الإنسانية» بحضور بابا الفاتيكان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وذلك في إطار جولات فضيلة الإمام الأكبر الخارجية لنشر ثقافة الحوار والتعايش بين أتباع الرسالات السماوية، وترسيخ الدور العالمي للأزهر الشريف في نشر السلام وإظهار الصورة الصحيحة لسماحة الإسلام.

وكان الطيب قد قال إنه مع أزمات المناخ وجائحة كورونا، والرُّعب الذي عانَتْه ولا تزال تُعانيه كلُّ أسرة، تَوقَّعنا أن يُهرَعَ العالم بأسرِه إلى الاعتصام بالسماء ورحمتها الواسعة التي تُجيب دعاء المضطرين، وتكشفُ كربَ المكروبين، جنبًا إلى جنبِ اعتصامِهم بمصانع الأدوية، وتوفير اللقاح والأمصال الواقية من هذا الوباء الخطير..

وأضاف خلال الجلسة الختامية للمؤتمر السنوي لسانت إيجدو، المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما تحت عنوان "الدعاء من أجــل السلام"، بحضور البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وعدد من قادة الأديان وممثليها، أنَّ السياسات العالمية إزاءَ جائحة كورونا لا تُشير إلى أنَّ وعيًا حقيقيًّا بضرورة الالتجاء إلى الله تعالى بالصلاة والدعاء بدأ يأخذ مكانه اللائق به في تصرُّفات الناس، ومواجهتهم لهذا الخطر الدائم، فإنتاجُ اللقاح وفلسفةُ توزيعه على المستحِقين لم يكن أي منهما على مستوى المسؤولية الإنسانية، وكانت النتيجة أنْ حصَد الموت أرواح خمسة ملايين من الضحايا في أقل من عامين، كما أن الخلل الفادح في نظام التوزيع أدَّى إلى حرمان قارَّات بأكملها من الحصول على هذه اللقاحات، ونحن نعلم أن الإحصاءات الحديثة تقول: إن نسبة مَن حصلوا على اللقاح من سكان قارَّة إفريقيا، قارةِ الذهب والثروات المعدنية، هي فقط اثنان إلى ثلاثة بالمائة، في مقابل قاراتٍ أخرى حصَل نصف سكانها أو ثلاثةُ أرباعهم على حقهم في الحياة بسبب وفرة هذه اللقاحات.

وأكد شيخ الأزهر أن هذه الأزمةَ كشَفتْ عن فقرٍ شديدٍ في مجالِ «الواجبِ والضميرِ والمسؤوليَّةِ»، ارتكس فيه عالمنا المعاصرُ رغم الجهودِ التي تَضطلِعُ بها المؤسَّساتُ الدِّينيَّةُ في العالم، ورُموزُها وقادتُها لتعزيزِ فلسفة التعاون وتبادل الخيرِ بين الناس، وتقديم مصالحِ المجموع على مصالح الأفراد.

وشدد على أن أي نداء جديد يجب أن يَقرَع أسماعَ الناس ليُذكِّرُهم بالله تعالى، وبضرورة العودة إليه والتقرب منه والتعرض لرحمته، والرجاء في أنْ يَكشف عن عباده ما نَزَل بهم من بلاء ووباء، وليس لذلك من طريق أو وسيلة إلا وسيلة الصلاة والدعاء، مع طهارة القلب واستقامة السلوك.