هونيارا: أعلنت سلطات جزر سليمان حظر تجوّل ليليًّا لأجل غير مسمى في عاصمة الأرخبيل هونيارا إثر أعمال شغب مستمرة منذ ثلاثة أيام دفعت الشرطة إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق متظاهرين حاولوا الوصول إلى مقر إقامة رئيس الوزراء ماناسيه سوغافاره.

وقال الحاكم العام لجزر سليمان ديفيد فوناغي في بيان "سيفرض حظر تجول يوميًّا في هونيارا من الساعة 19,00 إلى الساعة السادسة صباحًا اعتبارًا من 26 تشرين الثاني/نوفمبر إلى حين رفع القرار".

وقد هاجم آلاف الأشخاص مسلّحين بفؤوس وسكاكين الجمعة الحي الصيني ووسط الأعمال في هذه المدينة.

وأُضرمت النيران في مبانٍ ونهبت متاجر بالتزامن مع نشر أستراليا قوة لحفظ السلام.

وبدأت أعمال الشغب الأربعاء عندما تظاهر مئات الأشخاص مطالبين باستقالة رئيس الوزراء قبل أن يتوجّهوا إلى الحي الصيني في هونيارا الذي تسكنه 80 ألف نسمة.

من السؤول؟

وأكّد سوفاغاره أن قوى خارجية معارضة لقرار اتخذته حكومته في 2019 بالإعتراف دبلوماسيًّا بالصين بدلاً من تايوان، تقف وراء هذه الإضطرابات.

وقال رئيس وزراء الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ للتلفزيون الأسترالي "للأسف قوى عظمى أخرى تشجّع على ما يحصل. لن أذكر أسماء، سأتوقف عند هذا الحد، لكنّنا نعرف من هي هذه الأطراف".

ويرجع آخرون ما يحدث إلى صعوبات إقتصادية فاقمتها جائحة كوفيد-19 والخصومة التقليدية بين سكان مالايتا أكثر جزر الأرخبيل تعدادًا للسكان، وجزيرة غوادالكنال حيث مقر الحكومة.

وانتشرت طلائع قوة حفظ السلام الأسترالية ليل الخميس الجمعة بعد ساعات على نداء وجهه رئيس الوزراء للحصول على مساعدة.

وأعلنت بابوا غينيا الجديدة المجاورة الجمعة نشر 34 جنديًّا مكلفين حفظ السلام أيضًا.

والخميس ورغم قرار حظر الخروج، نزل متظاهرون إلى الشوارع ونهبوا متاجر وشوهدوا في الطرقات محملين صناديق وسلعًا في حين غطّت سماء المدينة سحب الدخان السميك.

قلق بالغ

وأعرب الناطق باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان عن "قلق بالغ" على مصالح بلاده داعيًا حكومة جزر سليمان إلى "اتّخاذ كل الإجراءات الضرورية لتأمين حماية الرعايا الصينيين والمؤسسات الصينية".

شهدت جزر سليمان توتّرات إتنية متكررة وأعمال عنف منذ استقلالها عن بريطانيا في 1978.

في أواخر تسعينيات القرن الماضي، شنّ متمردون من غوادالكنال هجمات استهدفت خصوصًا مواطنين جاؤوا من مالايتا، واستمرت الاضطرابات خمسة أعوام وشلّت البلاد.

وشكّلت لجنة للحقيقة والمصالحة في العام 2009 لتهدئة أعمال العنف العرقية التي استمرّت بين العامين 1998 و2003.

وكانت "التوترات" هدأت مع نشر قوة إقليمية لمساعدة جزر سليمان بقيادة أستراليا ومساندة نيوزيلندا و13 دولة أخرى من منتدى جزر المحيط الهادئ.

وحرصت وزيرة الداخلية الأسترالية كارين أندروز على التشديد على أنّ الإنتشار الحالي لمهمة حفظ السلام سيستمر "بضعة أسابيع" خلافًا للمهمة السابقة.

وأكّدت "هدفنا الأول هو إعادة الهدوء وتطبيق القانون وليس التدخّل في المشاكل السياسيّة الحاصلة حاليًّا".

ويشكو أبناء جزيرة مالايتا باستمرار من تهميش الحكومة المركزية لجزيرتهم وقد تفاقمت الخلافات مع اعتراف سوغافاره ببكين.

وعارضت سلطات مالايتا هذا القرار وحافظت على علاقاتها مع تايوان. ونتيجة لذلك لا تزال تتلقّى مساعدة كبيرة من تايبيه وواشنطن.

الخصومة الجيوسياسية

واتهم رئيس حكومة المقاطعة دانيال سويداني، سلطات هونيارا بأنها دمية في يد بكين وأنها أعطت الأولوية لمصلحة الأجانب على حساب مصلحة مواطني جزر سليمان.

وأضاف "الناس يدركون ذلك ويرفضون التعرّض للخداع مجدّدًا".

ويقول محلّلون إنّ هذه الخصومة الجيوسياسية تفاقم الأزمة لكنها ليست السبب الوحيد.

وقال ماهاي سورا خبير منطقة المحيط الهادئ في معهد لاوي الأسترالي "المنافسة السياسية لا تتسبّب بشغب في هونيارا لكن ممارسات هذه القوى الكبرى" التي تتقرب من لاعبين سياسيين فرديين "لها تأثير مزعزع في بلد هش وضعيف أساسًا".

وأشار في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أنّ الإغلاق والقيود وحالة الطوارئ الناجمة عن الجائحة تفاقم الأزمة، قائلاً إنّ "تداعيات كوفيد-19 على القطاعين الصحي والإقتصادي زادت الضغوط التي كانت البلدان النامية تواجهها قبل الجائحة".