موسكو: نددت موسكو الأربعاء بالتهديدات الصادرة عن واشنطن بفرض عقوبات مباشرة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أن خطوات من هذا النوع ستكون غير فعالة وستضر بجهود خفض التوتر المرتبط بأوكرانيا.

ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا في باريس الأربعاء، في إطار محاولة جديدة للتخفيف من حدة الأزمة التي أثارتها المخاوف من احتمال أن تكون موسكو تستعد لغزو جارتها المؤيدة للغرب.

وحذّرت دول غربية روسيا من عواقب شديدة في حال غزت أوكرانيا، وذهبت واشنطن أبعد من ذلك لتعلن الثلاثاء استعدادها فرض عقوبات تستهدف بوتين شخصيا.

وقلل الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف من قيمة التهديدات مشيرا إلى أنه يُمنع أساسا على كبار المسؤولين الروس امتلاك أصول في الخارج.

لكنه شدد مع ذلك على أنه من شأن خطوة من هذا القبيل أن تضر بدرجة كبيرة بالجهود الدبلوماسية الرامية لنزع فتيل التوتر حيال أوكرانيا.

وقال بيسكوف للصحافيين "سياسيًا، هذا الأمر ليس مؤلمًا، إنه مدمّر".

وسبق للكرملين أن أشار إلى أن أي عقوبات أميركية تستهدف بوتين شخصيا، ستمثّل تجاوزا للخط الأحمر، محذرا من أن الخطوة ف ستؤدي إلى انقطاع العلاقات الثنائية.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن أي هجوم عسكري روسي على أوكرانيا ستكون هناك "عواقب هائلة" حتى أنه قد "يغيّر العالم".

عقوبات محتملة

وتحدّث مسؤول أميركي رفيع الثلاثاء عن عقوبات اقتصادية محتملة على روسيا "تحمل عواقب هائلة" تتجاوز تلك التي فرضت عام 2014 بعدما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

وقال المسؤول إن التدابير الجديدة ستشمل قيودا على صادرات معدات التكنولوجيا الأميركية المتقدّمة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية وتكنولوجيا صناعة الطيران وهو ما "سيضرب بشدّة طموحات بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".

وأفاد رئيس مجلس النوّاب الروسي فياتشيسلاف فولودين الأربعاء أن تهديد واشنطن تجاه بوتين يظهر بأن الولايات المتحدة "ترغب برئيس روسي موال يمكنها السيطرة عليه".

وكتب فولودين على وسائل التواصل الاجتماعي أن "الولايات المتحدة غير راضية بأن الاتحاد الروسي بات قويا ومستقلا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين".

وعلى مدى أسابيع من المحادثات بين دبلوماسيين روس وأميركيين وأوروبيين، حذّر القادة الغربيون مرارا من إجراءات اقتصادية واسعة النطاق ضد موسكو في حال وقوع اعتداء.

ومن المقرر أن يشارك في الجولة الجديدة من المحادثات في باريس الأربعاء نائب لرئيس الوزراء الروسي ومساعد رفيع للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إضافة إلى مستشارين دبلوماسيين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس.

بدوره، أكّد وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني في بيان أن بلاده ستحافظ على التزاماتها حيال حلف الأطلسي في ظل أزمة أوكرانيا، فيما شدد على ضرورة التوصل إلى حل سلمي.

وقال "تحرّك الحلف لتعزيز إجراءات الردع في خاصرته الشرقية، وهو أمر تشارك فيه إيطاليا في إطار العمليات والمهمات التي وافق عليها البرلمان".

وأضاف "إذا تم اتّخاذ قرارات إضافية، دائما ضمن إطار استراتيجية الناتو للردع، فستساهم إيطاليا إلى أقصى حد وستقوم بدورها".

وأعلن حلف الأطلسي الاثنين أنه سيرسل طائرات وسفن لتعزيز منطقة شرق أوروبا.

إجابات أميركية

وتتوقع روسيا هذا الأسبوع تلقي إجابات أميركية مكتوبة على المطالب الأمنية الواسعة التي رفعتها موسكو العام الماضي والرامية للحد بشكل كبير من إمكانيات وهيمنة حلف شمال الأطلسي على شرق أوروبا والدول التي كانت منضوية في الاتحاد السوفياتي.

وحذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في خطاب أمام النواب الأربعاء من أن موسكو ستتخذ "كافة الإجراءات اللازمة" ما لم تحصل على ردود بنّاءة وإذا واصل الغرب "سياسته العدوانية".

وأفاد دبلوماسيون من دول حلف الأطلسي الأربعاء أن الناتو يقترب من استكمال كتابة مقترحاته لموسكو في هذا الصدد ومن المقرر أن يسلّمها إياها الأسبوع الجاري.

وقال دبلوماسي غربي لفرانس برس "العديد من المطالب الروسية غير مقبولة ولا واقعية، لمن الرد يحدد عددا من القضايا التي يمكن التعامل فيها مع مخاوفهم.. السؤال هو إن كان هذا ما يريده الروس".

في الأثناء، أعلنت موسكو عن سلسلة تدريبات عسكرية بما في ذلك في بيلاروس وقالت الثلاثاء إنها ستجري مناورات جديدة يشارك فيها 6000 جندي قرب أوكرانيا وفي منطقة القرم.

وأكد بيان لـ"الأسطول الشمالي" أن سفنا حربية روسية دخلت بحر بارينتس الأربعاء كجزء من تدريبات بحرية منفصلة.

واتّهم الغرب روسيا بحشد حوالى 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية.

وأفاد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الأربعاء بأن عدد الجنود الروس "غير كاف لهجوم واسع النطاق" لكنه يمثّل "تهديدا مباشرا" لأوكرانيا.

وتنبع المخاوف من غزو روسيا من ضم موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014 وسيطرة انفصاليين موالين للكرملين على منطقتين وإعلانهما تأسيس جمهوريتين من طرف واحد في شرق أوكرانيا.

وقتل أكثر من 13 ألف شخص في المعارك بين القوات الحكومية الأوكرانية والمتمرّدين الموالين لموسكو.

ودعا البابا فرنسيس الأربعاء إلى السلام في أوكرانيا مناشدا تجنّب إشعال حرب في أوروبا.

وقال "أرجوكم، لا حرب بعد الآن"، داعيا المؤمنين إلى "الصلاة من أجل السلام في أوكرانيا".