سيفيرودونيتسك (أوكرانيا): استبعد آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في ماريوبول الاستسلام رغم تكثّيف روسيا ضرباتها على شرق أوكرانيا حيث فقد 60 شخصا اثر قصف مدرسة، فيما تعهدت مجموعة السبع الأحد وقف استيراد النفط الروسي.

في اليوم نفسه، التقت السيدة الأولى الأميركية جيل بايدن نظيرتها الأوكرانية أولينا زيلينسكا في مدرسة في أوكرانيا قرب الحدود مع سلوفاكيا. وقالت للصحافيين "أردتُ أن آتي يوم عيد الأمّهات. أظنّ أن من المهمّ إظهار للشعب الأوكراني أن هذه الحرب يجب أن تتوقف".

وفي زيارتين مفاجئتين أخريين، توجه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى ضاحية إيربين في كييف التي دمرها القتال، فيما زارت رئيسة مجلس النواب الألماني باربل باس ضاحية بوتشا بالعاصمة التي شهدت فظائع ضد مدنيين.

مجموعة السبع

على صعيد الطاقة، أعلن البيت الأبيض الأحد في بيان أن "مجموعة السبع بجميع أعضائها تعهدت اليوم حظرا أو الغاء تدريجيا لواردات النفط الروسي".

وقالت الرئاسة الأميركية إن هذا القرار "سيوجه ضربة قاسية إلى الشريان الرئيسي الذي يغذي اقتصاد (فلاديمير) بوتين ويحرمه عائدات يحتاج إليها لتمويل حربه".

وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، ستتواصل المفاوضات "مطلع الأسبوع" بين الدول الأعضاء لإزالة العوائق أمام الحظر الأوروبي المقترح على النفط الروسي، والذي تعطله المجر.

على مستوى أكثر رمزية، أقام المغني الإيرلندي بونو حفلة موسيقية في مترو كييف، وقال إن الأوكرانيين يقاتلون "من أجلنا جميعًا نحن الذين نحب الحرية".

عشيّة احتفال روسيا بالانتصار على ألمانيا النازية، استبعد المقاتلون الأوكرانيون المتحصنون في مصنع آزوفستال الاستسلام.

وصرّح الضابط في جهاز الاستخبارات الأوكرانية إيليا سامويلينكو في مؤتمر صحافي عبر الفيديو أن "الاستسلام ليس خيارًا لأن حياتنا لا تهمّ روسيا"، في إشارة إلى المقاتلين في مصنع أزوفستال للصلب في ماريوبول.

في لوغانسك، قال حاكم المنطقة سيرغي غايداي الأحد إن قرية "بيلوغوريفكا تعرضت لضربة جوية وأصابت القنابل المدرسة التي دمرت بالكامل للأسف".

وأضاف "كان هناك تسعون شخصا بالإجمال، أنقذ منهم 27... قضى على الأرجح ستون شخصا كانوا في المدرسة".

وأوضح أن المفقودين كانوا قد لجأوا بسبب المعارك إلى المدرسة في المنطقة بشرق أوكرانيا.

وقال منسق الامم المتحدة للازمة في اوكرانيا في بيان "صدمتني المعلومات عن هجوم طاول مبنى مدرسيا في بيلوغوريفكا في منطقة لوغانسك بشرق اوكرانيا حيث كان قد لجأ نحو تسعين شخصا".

واضاف امين عواد ان هذا الهجوم "هو تذكير آخر بوحشية هذه الحرب".

هيئة الأركان

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية صباح الأحد إن "العدو لا يوقف العمليات الهجومية في منطقة العمليات الشرقية من أجل بسط سيطرته الكاملة على أراضي مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون، والحفاظ على الممر البري بين هذه الأراضي وشبه جزيرة القرم المحتلة" منذ عام 2014.

وأضافت أنه في منطقة دونيتسك، واصلت القوات الروسية عملياتها الهجومية حول ليمان وبوباسنيانسكي وسيفيرودونتسك وأفدييفكا.

وتابع حاكم منطقة لوغانسك "في سيفيرودونتسك وحدها، شُنّت عشرات الضربات وأصيب مستشفى أيضا".

وأكد سيرغي غايداي أن مدينة بوباسنا أصبحت خرابا وانسحب العسكريون الأوكرانيون منها لشغل "مواقع أفضل".

على الجانب الروسي، أعلنت وزارة الدفاع في إحاطتها الأحد تدمير "مركز قيادة لواء ميكانيكي" في منطقة خاركوف (شرق) وكذلك "مركز اتصالات مطار تشيرفونوغلينسكوي العسكري القريب من قرية أرتسيز".

وتحذر السلطات الأوكرانية منذ أيام عدة من تكثيف محتمل للهجمات الروسية مع اقتراب إحياء ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية في 9 أيار/مايو.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد إن "الشر عاد" إلى أوروبا، مقارناً غزو روسيا لأوكرانيا بعدوان ألمانيا النازية على الدول الأوروبية، في خطاب ألقاه في ذكرى انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

اعتبر زيلينسكي في تسجيل فيديو تم تصويره بالأسود والأبيض أمام المباني السكنية المدمرة "بعد عقود من الحرب العالمية الثانية، حل الظلام على أوكرانيا وعادت من جديد باللونين الأبيض والأسود".

في ماريوبول، وبعد العديد من الدعوات والمحاولات الفاشلة في الأسابيع الأخيرة، قال الرئيس زيلينسكي مساء السبت في كلمته اليومية "قمنا بإجلاء المدنيين من آزوفستال" مشيرا إلى إخراج 300 شخص. وأضاف "نعد الآن للمرحلة الثانية... (إجلاء) الجرحى والطواقم الطبية".

وكان مئات المدنيين قد لجأوا إلى قاعات تحت أرض مصنع الصلب في آزوفستال حيث يتحصّن آخر المدافعين عن ماريوبول.

وقف أحادي لإطلاق النار

وأعلنت موسكو الأربعاء وقفا أحادي الجانب لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من صباح الخميس للسماح للمدنيين في آزوفستال بالمغادرة.

لكن السلطات الأوكرانية أكدت أن الروس هاجموا المصنع مرة أخرى خلال تلك الفترة.

وبحسب كييف، مكّنت هذه العمليات من إجلاء 500 شخص في أسبوع واحد تحت رعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وأضاف زيلينسكي "بالطبع، نعمل أيضا على إجلاء عسكريينا. كل هؤلاء الأبطال يدافعون عن ماريوبول" بدون أن يورد أي عدد. وقال "هذا في غاية الصعوبة، لكنه مهم جدا".

وأشارت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في تقريرها الصباحي الأحد إلى أن "وحداتنا في منطقة مصنع آزوفستال ما زالت محاصرة"، متحدثة أيضا عن "عمليات هجوم روسية... بدعم من نيران المدفعية والدبابات".

ومدينة ماريوبول التي كانت تضم قبل الحرب نحو 500 ألف نسمة باتت منكوبة ومدمرة بالكامل بعد شهرين من القصف الروسي.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد في رسالته بمناسبة الثامن من أيار/مايو أنه "كما في عام 1945، سيكون النصر لنا"، في تشبيه جديد للحرب العالمية الثانية بالنزاع في أوكرانيا.

ولم تتمكن روسيا حتى الآن من إعلان السيطرة الكاملة سوى على مدينة واحدة كبرى هي خيرسون.

جوازات سفر

وسيتمكن سكان المدينة من الحصول على جوازات سفر روسية هذا العام، حسب ما كشف كيريل ستريموسوف "نائب رئيس الإدارة العسكرية والمدنية للمنطقة".

من جانبه قال دينيس بوشلين رئيس "جمهورية دونيتسك" التابعة للانفصاليين الموالين لروسيا، إن العمل في مدينة ماريوبول الساحلية "يجري على قدم وساق" ولكن "لا يزال هناك الكثير للقيام به". وأضاف "نتوقع إعادة إعمار واسعة النطاق في وقت وجيز".

واعتبرت الدول الأعضاء في مجموعة السبع في بيان مشترك الأحد أن أفعال الرئيس الروسي في أوكرانيا "تلحق العار بروسيا وبالتضحيات التاريخية لشعبها".

وخلال اجتماع عبر الفيديو شارك فيه الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، كرر رؤساء دول وحكومات ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا واليابان والمملكة المتحدة "تعهدهم اتخاذ اجراءات جديدة لمساعدة أوكرانيا في ضمان مستقبل حر وديموقراطي" و"الدفاع عن نفسها وصد أعمال عدائية مقبلة"، بحسب البيان الذي صدر اثر الاجتماع.