هذه الفتنة التي تطل غرب النهر.. بدأت في غزة وقد تمتد الى الضفة الغربية وهي تحمل نذر الخلاف.. قد تصل الى الفجيعة.. وقد تورث قميص عرفات!!
«في قميص عثمان» الحالة التاريخية المعروفة لم يكن عثمان فاسدا ولكنه كان ضعيفا استطاع اقاربه والمحسوبون عليه ان يتسللوا من خلال عباءته وأن يتولوا المناصب والأمصار وان يحوزوا الغنائم والفيء وان يبنوا البيوت المنيعة ويتملكوا الاطيان الواسعة.. ليس في الشام وانما عند عبدالله بن أبي السرح في مصر ايضا.. ولقد اخذ عثمان بجريرة بطانته وأهل بيته والمحسوبين عليه فخرج من عصاه وشق الطاعة عليه بل وتجرأ الخوارج على حصاره لأشهر ثم انقضوا عليه وقتلوه.. لم تنته القصة.. بقتل عثمان ولكنها بدأت.. مع المطالبين بدمه وما سميّ في التاريخ العربي والاسلامي بقميص عثمان.. اذ اشتعلت الفتنة بعد موته واحترب الاتباع وسفك دم غطى فترات طويلة من الزمن وتحول الى صراع على السلطة وتنازع عليها حتى جاء معاوية الذي جعل من قميص عثمان اساس دعوته.. هذه صورة تاريخية نسقطها الآن على الحالة الفلسطينية.. فالرئيس عرفات المحجوز في المقاطعة والذي يحتفظ بالشرعية في الخلع والتعيين وصل به الامر حدا لم تعد قراراته مقبولة واصبح بينه وبين شعبه اكثر من جدار وحاجز.. بل ان من احتسبوا عليه ولزموا بطانته واستفادوا من سطوة السلطة اوغروا صدور الأمة ونالوا من غضب الناس على الاحتلال كثيرا بل هناك من حمّلهم من الذنوب والاخطاء الكثير.. ويكرر عرفات القصة حين يعين قريبه موسى عرفات حاميا للأمن في غزة.. وحين يغطي على اسماء هي في موقع التساؤل او يبعدها فيخرجها من الشباك ليعود بها من الباب ويفرضها على شعب لم يعد يطيق سلطة تمثل دور الأسد عليه ودور النعامة في وجه أعدائه.
ليست المشكلة كلها في عرفات ولكنها قد تبدأ منه.. من تنازع السلطة فيه وعليه ومن بعده.. وها هم الذين يريدونه حيا او ميتا ليتغطوا به ويختبئوا خلفه يبحثون عن القميص.. قد يتركون الرجل لمصير سيء بسبب اعمالهم وردود فعل الشعب عليهم. وقد لا يقدرون ظروفه بل يواصلون الضغط عليه لمأربهم ولمزيد من التعيينات والنهش والبحث عن المكاسب وقد يجردونه من كل شيء.. قد يأكلونه لحما ويرمونه عظما لخصومه.. بل قد يدفعون خصومه برغبة منهم او بلا رغبة لتصفيته لأنهم ينتظرون قميصه وقد ابتل بالدم ليخرجوا صائحين في الناس يطلبون ملكا ووراثة وحكما.
الذين عينهم الرئيس أخيرا لا يستجيبون لرغبة شعبه في الاستقالة بل انهم يمسكون بورقة التعيين عربونا للحصول على القميص حين يتوفر له الدم وقد يفعلون.. قد نشهد مأساة لا تنته وقد ندخل قصة «قميص عرفات». وستودي اسرائيل يومها بكل شيء وستنتهي القضية رمادا وشذرات وسيصبح الجدار او السور كسور القسطنطينية التي كان يحاصرها الاعداء وكان قادتها يناقشون جنس الملائكة!!
هل أزفت الساعة.. وهل تأكل النار الفلسطينية (التي منعها اصحاب امتيازات اوسلو من التوهج) بعضها بعضا لأنها لم تجد ما تأكله من اعداء؟
من يقرأ الصورة الآن ولماذا تركت الامور لتصل الى هذا الحال باسم عدم التدخل في الشؤون الداخلية تارة وباسم وصاية لم تراع قاصرا او منكوبا او مشردا او مقاوما او اسرة شهيد تارة أخرى.. لماذا يجري لوم من نقدوا وقالوا للذين «يرفعون المصاحف على أسنة الرماح» ومن يريدون اتخاذ «دم عثمان» ذريعة للانفلات والعصيان والهرب بالمكاسب توقفوا وانظروا الى وجوهكم في المرايا.. لماذا يصب الغضب على المبعوث الدولي «لارسن» لأنه قال ان ضغط الدم الفلسطيني اصبح عاليا وحذر من حريق داخلي اشتم رائحته.. لماذا لا يجري الاعتذار له الآن كمقدمة للاعتذار للشعب الفلسطيني قبل وقوع الطوفان!
- آخر تحديث :
التعليقات