لندن - زكي شهاب: رد محمد دحلان وزير الشؤون الامنية السابق في حكومة محمد عباس (ابو مازن) على الاتهامات التي وجهت اليه بأنه "المحرك والمحرّض" في احداث في غزة. وقال: "انه شرف لا أدّعيه", معتبراً ذلك مجرد تهمة "من جانب المهزومين".

وقال في حديث الى "الحياة" انه باستثناء ما حصل من تجاوز في رفح في اشارة الى المناوشات بين المحتجين ومكتب الاستخبارات, فإن الهبّة الجماهيرية المطالبة بالاصلاحات جاءت بعد عشر سنوات من المطالبات المتكررة بأن تنظر القيادة الفلسطينية الى مصالح الشعب بعيداً عن الاتهامات المسبقة.

وجاء كلام دحلان في وقت استمرت فيه الاحداث في غزة, فقد أحرق مسلحون مقراً للشرطة الفلسطينية في قرية الزوايدة واحتلت عناصر من "كتائب الاقصى" مقر محافظة خان يونس لخمس ساعات.

وفيما نفى الرئيس ياسر عرفات وجود خلافات مع رئيس وزرائه احمد قريع اصدر "الجيش الشعبي ـ كتائـب الاقصى" بياناً اعتبر فيه احداث غزة "مؤامرة". وشهدت رام الله امس تظاهرة كبيرة مؤيدة لعرفات هي الاولى منذ بدء الازمة.

واشار دحلان الى "ان الاحتلال والفساد, يعمّق كل منهما الآخر" موضحاً ان الفساد لا يقتصر على الجانب المالي بل يشمل ايضاً الفساد السياسي والاداري والاخلاقي. وضرب مثلاً على ذلك بالقول انه حينما تتاح الفرص السياسية للحلول ويلقى بها جانباً, فإن هذا فساد وحين تتاح فرصة لإنقاذ الشعب الفلسطيني ولا تُستغل هذا فساد. وقال ان الحل ليس "بإطلاق التهم او الرصاص على كل من ينادي بالاصلاح", مؤكداً ان الحل هو في وقفة جريئة مع الذات والاقرار بأننا اخطأنا هنا او هناك. وشدد على انه ليس على خلاف مع الرئيس ياسر عرفات, بل "ان الخلاف هو مع الطبقة الفاسدة التي تريد بقاء رمز الشعب الفلسطيني محاصراً حتى تستمر في اخذ امتيازاتها المالية وان يستمر الاحتلال تحت هذه الحجج والذرائع حتى لا يتم اجراء انتخابات داخل حركة فتح".

ونفى وزير الشؤون الامنية السابق ان يكون في نيته شغل اي منصب وزاري, وقال: "ان الذين يقزّمون الوضع الداخلي بمنصب هنا او منصب هناك مخطئون, انني أبارك لهؤلاء الذين يستغلون المواقع الوهمية, وما اطالب به هو منهج ورؤية وطرد للفاسدين "بكل اشكالهم" موضحاً انه يريد ان يبقى "خارج المعادلة". وتحدى دحلان منتقديه بالقول انه لم يطلب منصباً او موقعاً في حياته او حتى المشاركة في وفد, وقال: "ان موقعي بين رفاقي وزملائي الذين ناضلت معهم من اجل ان تبقى راية الشعب الفلسطيني وهامته مرفوعتين, وهذا ما حصل اثناء عملي في جهاز الامن الوقائي او اثناء المفاوضات التي شاركت فيها". وكرر انه لا يزال مؤمناً بأن الرئيس عرفات يجب ان يكون القائد لهذه الرؤية والمنهج الجديدين, وانه لا يوجد منصب يستحق الخلاف عليه مع احد, بل الخلاف هو "بين منهج يقود الى طريق مجهول تحت شعارات مختلفة ويقوي ويعمّق الفساد والعشائرية ومنهج يقوم على رؤية للخلاص من الاحتلال وبناء مجتمع ديموقراطي".

وذكّر دحلان بانه استقال من جهاز الامن الوقائي في ذروة العلاقة الطيبة مع الرئيس عرفات "حين ساهمت بالإفراج عنه في حصاره الطويل وبعدما تخلى عنه اولئك الذين اصدروا البيانات لنفيه حينذاك, انا وقلّة معدودة على اصابع اليد كنا نؤمن بقيمة واهمية ان يُفرج عن الرئيس عرفات, ونجحنا في ذلك".

وشدد محمد دحلان على ان حركة "فتح" لن تواجه اي انشقاقات اذ ان "الحركة حركتنا ولن نكرر تجارب مخيمي البداوي ونهر البارد في شمال لبنان", موضحاً ان الفيصل بيننا هو "الشارع والانتخابات الحرة, وبرنامجنا يعتمد على فكرة الانتخابات وليس الانقلابات".

وتعليقاً على بيان "الجيش الشعبي لكتائب الاقصى" حول احداث غزة, اكد دحلان انه "لا يوجد جيش شعبي, بل كتائب شهداء الاقصى, وقياداتها معروفة وعناصرها يفتخرون بتنفيذهم عمليات بطولية شرّفت الشعب الفلسطيني ورفعت هامات ابنائه وبناته, وعناصر الكتائب مطلوبون للجيش الاسرائيلي, انا لست طرفاً فيما تعلنه الكتائب, لكنني أتشرّف وتشرّفت بالدفاع عنهم كلما تطلّب الامر ذلك".

وذكر محمد دحلان بأنه على اتصال مع كل الوزراء ورئيس الوزراء الحالي ابو العلاء (احمد قريع) ورئيس الوزراء السابق محمود عباس "وعلاقاتي مع الجميع ايجابية". كما اكد على انه "لا توجد اي مشكلة لي مع الاخ ابو عمار, مشكلته مع الشعب ومع الذين يعبّرون عن انتقاداتهم وغضبهم على تعيين اشخاص عرفوا بالفجور ويعرف عنهم هذه الحقيقة اكثر من غيره لان لديه ملفات وشكاوى تعجز عن حملها الجمال وتتناول الاعتداءات على الاموال والاعراض والاملاك العامة والخاصة".

وعما تردد عن عزمه زيارة القاهرة للاجتماع بمسؤول اوروبي, قال دحلان انه سيتوجه اليوم الى عمان لزيارة الوزير نبيل عمرو في المستشفى, وانه ليست له اي صفة رسمية ليلتقي اياً كان "بل ان اي نشاط اقوم به هو امتداد لما أقوم به في الحقل العام سواء في الداخل او الخارج". ودعا حركتي "حماس" و"الجهاد" الى الوقوف دائماً الى جانب الرئيس عرفات وان لا تبتعدا عنه, قائلاً: "هذا ما سعيت اليه منذ زمن ويسعدني كثيراً". واستبعد وقوع حرب اهلية في قطاع غزة, مشيراً الى ان الشعب الفلسطيني صاحب تجربة, ودعا الرئيس عرفات الى "ان يقف ويفكر في مستقبل شعبه بعيداً عن الوساوس والدسائس وطالبه بوضع استراتيجية لذلك تأخذ في الاعتبار حصول انسحاب اسرائيلي او بالمقابل دعم صمود الشعب الفلسطيني عبر بناء شبكة امان سياسي واجتماعي واقتصادي". وكرر دحلان ان الرئيس ياسر عرفات تحميه المؤسسة والشعب الذي يلتف حوله, وبالتالي فلا احد ينافسه على موقعه حتى يتخوّف ويبدأ اعادة حساباته.

وسخر من الاتهامات التي وجهت اليه ووصفته بأنه "رجل الولايات المتحدة" وقال: "الولايات المتحدة فاشلة في كل شيء وليست نموذجي, لقد فاوضت الى جانب الرئيس عرفات لمدة ثماني سنوات مع الجانب الاميركي وغيره, ولا اشعر بالدونية تجاه اي دولة او مفاوض. انا لست بحاجة لأميركا ولا لغيرها, انا يكفيني موقف وسيف يحمله طفل في مخيم من رفح الى جنين ليكون بجانبي".