تتكون ملامح صورة العربي من الثري المتخلف، الجاهل البعيد عن المدنية، الطارئ على الحضارة، وتزداد الصورة قتامة عند مقارنتها بخصوم العرب من المستعمرين البريطانيين والفرنسيين الذين سعوا إلى "تمدين" المنطقة ولكنهم جوبهوا ب "الجحود" .
وعلى المنوال نفسه- يقول الكاتب جلال الماشطة العراقي الذي يعيش بين موسكو وبغداد - يُنسج تاريخ نشوء إسرائيل في المنطقة، إذ نقرأ في "التاريخ المعاصر" لاكسندر شوبين أن اليهود اشتروا قطع الأراضي وأقاموا في "أرض خالية" أي أننا إزاء نسخة منقحة من المعادلة الصهيونية المعروفة "وطن بلا شعب لشعب بلا وطن" والتي قيلت لتبرير احتلال فلسطين وطرد سكانها .
ولاحقاً يحمّل المؤلف العرب مسؤولية "السعي لتدمير إسرائيل" ويرى أن ذلك كان سبباً لاندلاع حرب 1948م التي قال : إن إسرائيل في إثرها "وسعت بعض الشيء أراضيها" جميلة "بعض الشيء" هذه فالتلميذ يعتقد أن الحديث يدور عن بضعة دونمات تم "غنمها" عقاباً للعرب "المعتدين" ويظل جاهلاً بأن إسرائيل كادت تضاعف مساحة الأرض التي تحتلها.
وبعد الحرب ظل العرب "الكسالى" على حالهم، فيما يرى شوبين أن "العمل المتفاني للإسرائيليين وتدفق الكوادر الماهرة ومساعدات الولايات المتحدة، مكنت إسرائيل من إيجاد صناعة متقدمة وزراعة متطورة وضمان مستوى أوروبي في الحياة والمعيشة" . ونجد صورة مناقضة لهذه على الجانب الآخر، فالمؤلف يقول إن : "الحضارة الإسلامية تقوم على إخضاع الحياة السياسية للمعتقدات الدينية ما يرسخ ويكرس التقاليد" وهكذا يوحي للتلميذ بأن ثمة تطوراً إسرائيلياً مقابل "تحجر" عربي سببه الدين الإسلامي . ولتكريس هذه الصورة يقول إن "أنظمة الحكم في البلدان العربية تتفادى اللجوء إلى الإصلاحات، فالمؤلف يتحدث عن"انقلاب" في مصر عام 1952م أعقب الصراع على السلطة بين الضباط جاء بجمال عبدالناصر إلى الحكم . وهو يختزل كل تاريخ مصر في تأميم قناة السويس ويتحدث عما أعقب ذلك من "إنزال" فرنسي بريطاني، إسرائيلي، أي أن شوبين - كما يرى جلال الماشطة - لا يستخدم تعبير العدوان الثلاثي الذي كان متبعاً في كل الكتب الدراسية السوفياتية والذي يحمل ليس فقط تسجيلاً للحقيقة - بل يعبر عن تعامل موضوعي معها .
ويأخذ الزيف مداه عند الحديث عن حرب 1967م . إذ نقرأ عند شوبين أن مصر وسورية والأردن قررت أن تسحق إسرائيل وفرضت حصاراً حولها وأن الإسرائيليين استبقوا الأحداث بضربة وقائية، وهكذا يصبح العدوان "وقاية" ويغدو الاحتلال ضرباً من "التحرير" ويبدو للتلميذ أن العربي هو الجاني والإسرائيلي هو الضحية .
أسامة أمين الذي يعيش في ألمانيا وله فيها تجربة عميقة يرى أن أحد كتب مادة التربية الدينية المقررة على الصفين السابع والثامن في إحدى الولايات الألمانية، يكتب في بداية استعراضه للإسلام أن كل "مسلم مكلف بمقاتلة أعداء الإسلام، الذين لا ينصاعون للقرآن، تبعاً لمبدأ الجهاد، حتى تكون كلمة الله هي العليا، وحتى يمكن تحقيق الهدف السياسي المتمثل في جمع المسلمين العرب في دولة واحدة" فيجب على القارئ المسلم أن يتساءل، هل يعقل أن يقبل الجار الألماني بمسلم يسكن بجواره يعلم أنه يترصد له ليقاتله، أو أن ترتضي الجهات الأمنية بوجود مسلمين ينشطون في سبيل هدم أنظمتهم السياسية. والتركيز على المسلمين العرب دون سواهم من غير العرب، خصوصاً إذا عرفنا أن غالبية المسلمين في ألمانيا والبالغ إجمالي عددهم أكثر من ثلاثة ملايين مسلم هم من الأتراك بنسبة تعادل الثلثين تقريباً .
وإلى جانب هذه المعلومات التحريضية نجد معلومات ساذجة لا تمت إلى الحقيقة بأية صلة، فمثلاً اعتبار أن أهداف الحج هي تقبيل الحجر الأسود والحق في ارتداء عمامة خضراء أو حمل لقب حاج وانتهاء مواسم الحج بوجبة فاخرة في مكان يدعي "مكة"!! .
إضافة إلى القول بأن المسلمين يصلون الجمعة وقوفاً ويخلعون نعالهم بعد الوضوء، وليس قبله لغسل الرجلين، وتحديد مقدار الزكاة ب 10% من الدخل وربط صلاة العشاء بالدخول للنوم، والقول بأن ترتيب سور القرآن حسب الطول، دون الإشارة إلى أن الفاتحة ليست أطول من سورة البقرة والزعم بأن بعث عيسى عليه السلام لم يرد في القرآن {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيَّا} (مريم: 33) واعتبار المسجد الأقصى ثاني الحرمين الشريفين وأن بداية السنة الهجرية تتزامن مع حلول شهر رمضان، وتوضيح وضع العرب في الجاهلية بذكر حوار وهمي بين عربي من الجاهلية ويهودي تترسخ من خلال هذا الحديث صورة العربي الساذج الجاهل واليهودي الحكيم المتعلم مما يؤثر بطريقة غير مباشرة في موقف التلاميذ من القضية الفلسطينية" .
وفي كتاب آخر مقرر في مادة التربية الدينية للصفين الخامس والسادس نرى الكاتب يجعل قواعد الإسلام الخمس هي الشهادة والصلاة والاحتفال والصوم والاهتمام بالآخرين، والقول بأن الصيام من شروق الشمس إلى غروبها، ويغير في الترجمة الألمانية لمعنى الآية 177من سورة البقرة، ترتيب اليتامى والمساكين والقول بكثرة احتفالات المسلمين ما بين عشاء وفجر رمضان، والتركيز على ربط الإسلام بالأتراك وحدهم .
الداعية الكوري المسلم قمر الدين مون يقول إن معظم الكوريين لا يعرفون الإسلام على النحو الصحيح . بعض الناس المتعلمين أو المثقفين يعرفون بعض الشيء عن الإسلام . معظم الكوريين يعرفون أن المسلمين يؤمنون بالله.
ويضيف ان بعضهم يفهم الإسلام على هذا النحو : "يد ترفع القرآن، وأخرى تمسك السيف" في الوقت الذي تحدث فيه بعض الأعمال الإرهابية في أمريكا وأماكن أخرى، ولا يعرف الكوريون المشكلات الحقيقية القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويعتقد الكوريون أن الإسلام دين جبر أو دين مفروض وأعتقد أن كل هذه الأفكار متأثرة بما تبثه أمريكا والأوروبيون . ونبذل ما في وسعنا ( نحن المسلمين الكوريين ) لتفهيم الكوريين الإسلام الحقيقي، والإسلام المسالم . لكن المسلمين هناك قليلون وإمكاناتهم محدودة جداً .
ويفهم معظم الكوريين أن المسلمين يتمتعون بأكثر من زوجة ويطلقون زوجاتهم بمنتهى السهولة دون أي شروط . وهناك أيضاً تأثر من جانب المسيحيين بهذا الأمر، حتى إن بعض المسيحيين سألوني مرات عدة كم زوجة لدي، فابتسمت للسؤال . وعندما تقطع يد أي امرئ ( سارق ) أو يقتل أي قاتل، يسأل المسيحيون، وإذا كان الله رحيما، فلماذا يكون الإسلام بهذه القسوة؟!!
وفي البرازيل يقول أحمد علي الصيفي مدير مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية إنه يوجد في المناهج الدراسية ما يقارب من أربع إلى خمس صفحات تقدم معلومات خاصة عن الإسلام وخصوصا الأركان، إلا أنها في غالبيتها مغلوطة وغير صحيحة، وهم يركزون على قضايا المرأة وأنها تجبر على الزواج من قبل ولي أمرها ويتحكم في مهرها .
حتى إن بعض الكتب تتحدث عن أن المرأة في الإسلام ليست بشراً ولا يوجد لها روح، وبعضها يتحدث عن مكة وأن الذي بناها هو محمد صلى الله عليه وسلم وبعض من صناديد العرب . وكل هذه الأمور تحدث بطريقة عشوائية، فهذه المعلومات مقتبسة من كتب إنجليزية ومراجع غير موثوقة . إلا أن الحال تختلف الآن فقد قام بعض المفكرين بالاتصال بوزارة التربية والتعليم، وسعت بعض المراكز الإسلامية طلباً لتصحيح هذه المعلومات، وهناك فيلم وثائقي أعد لتوضيح حقيقة الإسلام، وأصبح الإسلام اليوم بعد هذه النهضة هو الدين الأكثر انتشاراً في العالم .
تقول إحدى الباحثات في هذا الفيلم، إن الدين الإسلامي هو الأكثر انتشاراً في العالم، ونستطيع القول إنه أكثر الأديان الذي يساء فهمه .
وخصص كتاب الأدب البرازيلي للصف السادس درساً كاملا عن الإسلام بعنوان "الإسلام اليوم" صفحة 132ومن أهم ما قالوا عن الإسلام في هذا الدرس :
إن الإسلام دين مهم على الأرض العربية، وبسبب الاختلاط مع المسلمين، كان هناك من يدخل الإسلام من غير العرب، وهكذا فإن المسلمين ليسوا من العرب فقط، فهناك مسلمون في آسيا وأوروبا وأفريقيا ومصر وباكستان وتركيا والإسلام الذي أسسه "محمد"!! هو الأكثر انتشاراً في العالم اليوم، وخصوصا في البلاد التي يدين غالبية أهلها بالديانة المسيحية مثل البرازيل، حيث إن هناك أقلية مسلمة تقيم شعائرها الدينية .
*الرياض السعودية