تركي بن عبد الله السديري

مع التسليم أن ابن لادن «أسامة» قد أسس للإرهاب وعمل على نشر فكره الذي اعتبر كل من هو غير مسلم عدواً للإسلام، ومع انتشار عمليات الإرهاب المنتمي إليه في أكثر من مكان في العالم، لكن يجوز لنا أن نتساءل هل كل إرهاب يحدث ويتكاثر ينتمي إليه ويعمل تحت قيادته..؟..
الرجل ليست لديه ذرائع واتصالات ومريدون بالحجم الذي يسمح له بالانتشار في العالم كمحرك لنظام عالمي مؤسسي سريع التجاوب بعضه مع بعض.. ربما هو قتيل منذ سنوات في قرية أفغانية أو هو حي محاصر عاجز عن التحرك..

إذا قلنا إن هناك من استغل فكر إرهاب القاعدة وعمل على نشره هل هو أيضاً صاحب انتماء ديني..؟..

لماذا لا نطرح سؤالاً يفترض أن الالتقاء عند الغاية لا يمنع من اختلاف المسببات والدوافع..

أسامة بن لادن رجل غني في عز شبابه خرج من ثياب الثروة كي يرتدي ملابس الجهاد الأفغانية، فهل كل الآخرين مثله ومثله الدكتور الظواهري أو عزام قبلهما، أو مشائخ الأسماء المستعارة مثل أبوقتادة وأبوحفص وأبولؤي.. ممن انتشروا في العواصم الأوروبية لنشر فكر القاعدة..

لماذا لا نقول إن هناك مجاميع بشرية استفادت من غايات القاعدة لكنها انطلقت بدافع من مسببات تختلف عنها..

مثلاً أعمال الشغب العنيف التي شهدتها فرنسا ومارست التخريب العشوائي بشكل أذهل السلطات الفرنسية، لقد التقى ممارسوه مع غايات القاعدة لكن المسببات مختلفة، فهؤلاء مثلما عرفت من بعض المستقرين في فرنسا يعدون أبناء الجيل الثالث لفئات هاجرت إلى هناك، وهم جميعاً يحملون الهوية الفرنسية ويعانون من التهميش وظيفياً حيث إذا شفعت لهم الهوية واللغة فإن الملامح التي تصلهم بالقارة الإفريقية شمالاً أو جنوباً تجعلهم خارج الاهتمام والعناية، فالعاطل مثلاً لن يملك مصروفات التعليم أو التدريب، والبطالة تقود إلى ضغينة الكراهية.. ولا أقبل أن يدعي أحد بعدم وجود تمييز عنصري هناك، فقد شاهدته صارخاً في أكثر من مكان..

الفلسطيني الذي ابتكر من الاستشهاد وابتكر جندية الانتحاري، لولا واقع الظلم المرير والوحشي الذي يعيشه لما لجأ إلى مثل هذا الأسلوب من المقاومة الذي يؤدي به إلى الموت قبل خصمه..

من قال إن الزرقاوي ينتمي فعلاً إلى القاعدة، فهو في الحقيقة مستفيد منها.. من قال إن من يقاوم هم فئة السنّة فقط، أليس البعثيون هم من سُلبت منهم السلطة وكان يجب عند مخاصمة صدام ومحاربته مراعاة أن هناك مئات ألوف لن يقبلوا بتهميشهم..؟.

الأمثلة كثيرة في أماكن عديدة من العالم، بل من داخل أمريكا ذاتها نستطيع العثور على نموذج لسطوة انتقام المهملين بما فعله الفقراء في مواقع الأعاصير من تدمير ساند تدمير الإعصار..

إذن يجب توفير العدالة.. إيقاف سطوة تهمة الرغبة في الاستيلاء على حقوق الآخرين حتى تنكمش القاعدة في جبال أفغانستان.