مسؤول امريكي سابق في مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية في محاضرة بلندن:

لندن ـ القدس العربي ـ من سمير ناصيف: اكد فلينت ليفيريت، المسؤول السابق لقسم الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي الامريكي، وأحد أبرز العاملين السابقين في شؤون منطقة الشرق الاوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ان ادارة جورج بوش الابن مصممة علي اعتماد سياسة تبديل النظام في سورية عبر الاستمرار بممارسة الضغوط علي نظام الرئيس بشار الاسد بعد انسحاب سورية من لبنان.
ولكن ليفيريت، مؤلف كتاب وراثة سورية، محاكمة بشار بواسطة النار اضاف في محاضرة القاها في تشاتهام هاوس في لندن انه لا يؤيد هذه السياسة ويفضل ان تتعامل الادارة الامريكية مع سورية بطريقة اذكي، فاما ان تعيد احياء مفاوضات السلام بين سورية واسرائيل او تتعامل مع سورية في كل قضية علي حدة وتوضح لها النتائج الايجابية اذا تعاونت والسلبية اذا لم تتعاون.
ويعمل ليفيريت حاليا في مركز صابان التابع لمؤسسة بروكينغز التي نشرت كتابه، وقد ظل عضوا فاعلا في الادارة الامريكية حتي عام 2003.
واستهل محاضرته بقوله ان المرحلة الحالية دقيقة جدا بالنسبة لسورية، فقد تطورت السياسة الخارجية الامريكية ازاء نظام بشار الاسد نحو الاسوأ. فبعدما كانت الادارة السابقة تتعامل مع هذا النظام بواسطة سياسة الجزرة والعصا اصبحت الآن مصممة علي تبديل النظام. واشار الي ان اسرائيل بقيادة ارييل شارون ليست في وارد اعادة احياء مفاوضات السلام مع سورية في وقت لا ترغب فيه الحكومة الامريكية بحدوث هذا الأمر، علي الرغم من ان مسؤولين امنيين كبارا في اسرائيل يعتقدون بان السلام مع سورية في هذه المرحلة هو في مصلحة اسرائيل وبينهم رئيس الاركان موشيه يعلون الذي تنتهي مدة عمله هذا العام.

وأوضح ليفيريت ان المشكلة الاساسية في ادارة بوش الابن الحالية هي في كونها لا تملك سياسة استراتيجية وتكتيكية ازاء سورية وتعتقد بانها بواسطة الضغط والعقوبات ستبدل النظام بينما، برأيه، فان النظام السوري لا يمكن تغييره بهذه السهولة. وهو نظام قادر علي الصمود داخليا، والنظام الذي سيحل مكانه في حال سقوطه سيكون نظاما اصوليا متطرفا.
واعترف ليفيريت بان الرئيس بشار الاسد لا يسيطر علي النظام السوري كما كان يفعل والده حافظ الاسد، ولكنه قال ان الوالد توصل الي لقب اسد دمشق بعد 12 سنة من الاختبارات الصعبة التي تواجه فيها مع خصوم داخليين وخارجيين شرسين، فيما اقتصرت ولاية بشار حتي الآن علي خمس سنوات ما زال يحاول خلالها فرض الاصلاحات المطلوبة ولكنه يتواجه مع الحرس القديم. واكد ليفيريت بان بشارا ابلغه ان الحرس القديم في سورية لا يتشكل، بصفة ضباط، هنا وهناك، من الذين كانوا جزءا من النظام الأمني في فترة ولاية والده، بل من الالاف من السوريين العاملين في شتي القطاعات والذين يستفيدون من استمرار البيروقراطية التقليدية في سورية في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
كما اشار ليفيريت الي انه يؤمن بالمثل القائل بان القائد او الانسان العادي يعرف الي حد كبير من خلال زوجته، وقال ان السيدة اسماء الاسد تمثل المرأة المتعلمة والمتدربة تكنولوجيا والمنفتحة علي عالم الاقتصاد المتطور، وبالتالي فانها تملك تأثيرا كبيرا علي زوجها. بيد انه ذكر ايضا ان بشارا لم يتدرب في الطب في بريطانيا لأكثر من سنة واحدة، بعد تخرجه، وبالتالي لا يمكن القول بأنه منفتح مئة في المئة علي الحضارة الغربية وخصوصاً انه كان يتخصص في الطب ولم ير الكثير من الحياة الاجتماعية البريطانية.

وأوضح ليفيريت ان صورة بشار الاسد في امريكا تختلف حسب توجهات الناس، فالبعض يعتبرونه مصلحا من الضرورة التعامل معه، والآخرون يرون انه لا يختلف عن والده في ايديولوجيته واستعداده لاستخدام كل الوسائل للحفاظ علي سلطته او انه لا يملك الخبرة الكافية لادارة بلده. واشار الي انه هو شخصيا يؤمن بميل بشار نحو الاصلاح ولكنه يعتقد بانه لا يملك خطة ورؤية واضحة حول السبل لتحقيق هذا الاصلاح وتبديل الاوضاع في سورية، وعلي امريكا والدول الغربية التعاطي معه ومع نظامه بشكل افضل لكي تصبح هذه الرؤية اكثر وضوحا. كما يجب ان يزداد عدد الاشخاص المرتفعي الثقافة والعلم والقدرة التكنولوجية العصرية الذين يحيطون به لان اعدادهم حاليا قليلة. كما اقترح تقديم المعوزة المادية والتقنية والسياسية من الدول الغربية الي سورية. وقال ان سورية تحبذ حاليا اعادة تحسين وتقوية علاقتها بأوروبا.
وانتقد ليفيريت سياسة اعتماد العقوبات الاقتصادية ضد سورية، وقال انها فشلت في السنوات الـ25 الماضية فلماذا ستنجح الآن؟ ومن الناحية العملية اذا ارادت ادارة بوش تبديل النظام السوري الحالي، قال ليفيريت، عليها القيام بغزو عسكري لسورية كما فعلت في العراق، والانعكاسات السلبية والخطيرة لمثل هذا الغزو كبيرة جدا برأيه.

وقد وافق السفير السوري في المملكة المتحدة الدكتور سامي الخيمي الذي حضر المحاضرة علي هذا الرأي وقال ان تصميم امريكا علي ازالة سورية كدولة او تحويلها الي دولة من دون نفوذ او القيام بغزو عسكري لها سيشعل انتفاضة في الاراضي والبلدان العربية ولن يؤدي فقط الي الفوضي السياسية، وسيعاني الشرق الاوسط معاناة كبيرة بسبب ذلك.
وكان ليفيريت قد اشار الي امكانية حدوث حرب اهلية داخلية في سورية تتبعها سيطرة الجهات الاسلامية علي الاوضاع. وعندما سئل من يقصد بالجهات الاسلامية، قال المحاضر ان جماعة الاخوان المسلمين التي تواجهت مع نظام حافظ الاسد في اوائل الثمانينات ما زالت تشكل خطرا وخصوصا ان المواطنين السوريين السنة اصبحوا اكثر تقليدية في توجههم الاسلامي بعد انتقالهم الي المدن، وهم يشكلون ثلثي عدد سكان سورية.
ومع ان ليفيريت عبر عن تفضيله خيار اعادة احياء المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية الذي نجح في السابق في تعزيز التعاون السوري مع الدول الغربية المشرفة علي هذه المفاوضات، فانه قال ان الخيار الاكثر واقعية في هذه المرحلة هو التعاطي الايجابي المشروط مع دمشق، اي عرض ما تريده الدول الكبري من سورية والتوضيح لها ما هي الايجابيات في التعاون والسلبيات في عدم التعاون. وتمني ان تعتنق ادارة بوش الابن هذا الخيار ولكنه تحفظ حول اقتناعها به.