... ونظرة علي صنع القرار داخل الكونغرس

توماس جورجيسيان:

تعامل الكونغرس مع إعصار كاترينا
جاء إعصار كاترينا ـ الذي اجتاح جنوب الولايات المتحدة وضرب بشدة ولايات مسيسيبى ولويزيانا والاباما ـ ليحتل رأس أجندة الكونغرس في بداية جلساته المقبلة بعد أيام.

والهدف من طرح الأمر أو عرضه على الكونغرس هو ضمان إسراع تقديم المساعدات المالية للمناطق المنكوبة. ومن المتوقع أن يستمر التعامل مع هذه القضية شهورا وأن تتكلف عمليات إعادة الحياة الطبيعية عشرات المليارات من الدولارات. وبالتالي علي الكونغرس مهمة شاقة وعسيرة في تدبير واعتماد الأموال والموارد الضرورية.

وتحظى مثل هذه الكوارث الطبيعية غالبا بالاهتمام السريع والعملي في الكونغرس ولا تتعرض كثيرا للمصادمات السياسية والمواجهات الحزبية.

وليس السؤال الذي يطرح عادة في مثل هذه الحالات ما إذا كان الكونغرس سيقدم يد المعونة أو يمرر تشريعا خاصا بها، وانما متى سوف يتم تقديم هذه المعونات ؟ وكم سيكون حجمها؟.

ويذكر أن في مثل هذه الحالات من الكوارث الطبيعية فإن الإغاثة السريعة والأموال المخصصة لها تأتى من الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ Emergency Management Agency Federal المعروفة اختصارا ب FEMA. أما المعونات المالية الإضافية ـ الطويلة المدى ـ فتحتاج إلى رصد لأموال ضخمة وتحويلها إلى المناطق المنكوبة بمبادرة وموافقة من الكونغرس.

وتشاء الظروف في الوقت الحاضر أن يكون رئيس لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ هو السيناتور الجمهوري بات كوكرن ممثل ولاية ميسيسيبي ـ التي بليت بكاترينا. وقد وعد السيناتور بأن يتم رصد واعتماد مبالغ كبيرة في أقرب فرصة ممكنة لمساعدة ضحايا الكارثة الطبيعية. والسيناتور ترنت لوت من الولاية نفسها كان زعيم الأغلبية في السابق إلا أنه خرج من منصبه بسبب تعليقات قالها علنا حول الحقوق المدنية والأقلية السوداء اعتبرت في حينها "عنصرية" واضطر بسببها أن يتنحى عن زعامة الأغلبية بمجلس الشيوخ.

ومما لاشك فيه أن وجود كوكرن في منصبه الحالي سوف يساعد كثيرا على تمرير المعونة المالية لضحايا إعصار كاترينا. ومعروف أن ولاية فلوريدا التي قد تعرضت لكارثة طبيعية في العام الماضي نجحت في الحصول على 6.13 مليار دولار من خلال قرارين منفصلين من الكونغرس.

وأيضا من خلال مساندة قوية من جانب الإدارة الأمريكية ذاتها. وأشار بعض المراقبين حينئذ إلي أن موسم الانتخابات الرئاسية كان حافزا لإقرار المعونة للولاية التي لعبت دورا هاما وحيويا في حسم الأصوات لصالح الرئيس بوش. إلا أن الأمر في حالة كاترينا مختلف وأكثر مأساوية وبالتأكيد يحتاج إلي أموال وموارد أكثر والكونغرس يجد نفسه أمام تحدي كبير.

خطوات اتخاذ القرار وصنع القانون
تعتبر عملية إقرار قانون ما صميم اختصاصات الكونغرس وغالبا ما تكون غير معروفة بتفاصيلها للكثيرين فإننا نذكر القارئ بأن هذه العملية تبدأ بما يسمى ب Bill أي " اقتراح تشريعي" أو "مشروع قرار" يطرحه عضو بالكونغرس كراعي أو متبني للمشروع.
ثم يسعى من خلال اتصالاته ولقاءاته لحشد أكبر قدر ممكن من التأييد من جانب زملائه. وهؤلاء هم الذين ينضمون في أغلب الأحوال إلى قائمة المشاركين أو المساهمين في تبنى هذا التشريع. ويوصفون أحيانا بـ"الموقعون على التشريع". ومشروع القرار يطرح فيما بعد على اللجنة المختصة وذلك للبحث والتشاور وأخذ آراء المسؤولين والمختصين حوله. وقد تعقد عدة جلسات عامة للتعرف على الرأي المؤيد والمعارض لمشروع القرار. وهذه الجلسات قد تدوم لأسابيع وربما أشهر تجرى أثناءها أيضا ما يسمي بـ" مشاركة الناخبين" أو الرأي العام للعملية التشريعية. وتلعب جماعات النفوذ والضغط “لعبتها" ـ عملية اللوبي ـ من اجل تمرير أو عرقلة هذا التشريع. وحينما توافق إحدى اللجان في كلا المجلسين على مشروع القرار يتم إحالة المشروع إلى المجلس بكامل أعضائه لمناقشته ثم إقراره بالتصويت عليه. وبذلك يصبح مشروع القرار قرارا .Resolution وهذه العملية التشريعية تتم بالتوازي في كلا المجلسين بحيث يتم التوصل في نهاية الأمر إلى قرار مشترك للكونغرس. وبعد ذلك يحال القرار إلى الرئيس الأمريكي.

وحسب الدستور فان إقرار القانون أو القرار الموافق عليه من جانب الكونغرس يتم بتوقيع الرئيس ليصبح قانونا ساري المفعول.
وللرئيس حق خيار التوقيع على القرار أو رفضه. وأي مشروع قرار أو قانون ـ سواء كان يخص شانا داخليا أو خارجيا ـ يتم إقراره أو اعتماده أو تمريره عبر العملية التشريعية وسط أجواء سياسية و "لعبة الشد و الجذب" بين مراكز صنع القرار ورغبة كل طرف في فرض مطالبه. ومن خلال هذه اللعبة تجري مشاورات في الكواليس و تعقد صفقات ما بين الإدارة من جهة وقيادات الكونغرس من جهة أخرى. ويذكر أن عدد مشروعات القوانين المقدمة من جانب أعضاء الكونغرس في كل دورة تزيد عن المئات، إلا أن ما يصبح قانونا منها لا يزيد عن عشرات.

نائب الرئيس رئيسا لمجلس الشيوخ
يرجع السبب وراء جلوس ديك تشينى نائب الرئيس بجانب رئيس مجلس النواب خلال إلقاء الرئيس الأمريكي لخطاب حالة الإتحاد هو أن نائب الرئيس ـ حسب الدستور الأمريكي ـ هو رئيس مجلس الشيوخ. إلا أن هذا الرئيس لا يحق له التصويت إلا في حالة تعادل أو تساوى الأصوات. لذلك يحضر نائب الرئيس في مثل هذه الحالات جلسات مجلس الشيوخ للتصويت وترجيح كفة الأغلبية.