عبد الرحمن الراشد

لو جاز لي ان أتنبأ سأفضل ان أراه كما اتمناه متفائلا. حدسي ان العام الجديد سيكون أفضل من العام الذي سبقه. فالذي مضى، رغم فواجعه الكبيرة، جاء افضل من الاعوام التي سبقته. المسألة نسبية. يمكن لك ان تقيم السنة المنصرمة عراقيا مثلا بأي وجه تراه، تقول ان العراقيين سعداء لأنهم اجروا اعظم ثلاثة انتخابات في تاريخهم في سنة واحدة، او تقول انها سنة التزوير والتلاسن والدماء. لك ان تكون سعيدا لان غالبية العراقيين صوتت، او تقول ناقما ان ثلاثة ملايين تخلفوا عن واجبهم في انتخابات مصيرية. كله صحيح تماما. وربما كان لأوضاعنا ان تكون أسوأ مما شهدناه في فلسطين ولبنان وسورية وزلزال تسونامي البحري ووباء إنفلونزا الطيور، لكننا محظوظون انها أقل سوءا، لذا جميل ان نتطلع الى عام أفضل.

عند قراءة العام الذي أقبل ليس صعبا ان نسطر مائة احتمال سيئ، أيضا ليس صعبا ان نلتقط عشرة احتمالات ايجابية بديلة ربما تسعدنا عام 2006 وخير ان نفعل الثانية. سيستمر التنازع في العراق على السلطة انما عساه أن يبقى في اطاره الشرعي المؤسساتي، فيحتكم العراقيون للصناديق والبرلمان لا الى البنادق والسيارات المفخخة.

قد تشتعل النزاعات بين الفصائل الفلسطينية، فتلجأ الى خيار التمثيل الانتخابي، وتفرغ من خلاله كل شحنات التقاتل المحتملة، وتنتهي الى قيادة ترضى عنها الأغلبية وتسكت عنها الأقلية المهزومة، ليبدأ الفلسطينيون مشوارهم السياسي الموعود نحو أرض محررة ودولة مستقلة. ربما تستثمر ايران ثروتها الجديدة من مداخيل النفط في بناء إيران الحديثة لا إيران القوية فقط.

ليس بالبعيد ان يطفئ العام الجديد حريق العام المنصرم بين لبنان وسورية. وما اكثر القضايا الصعبة التي شبت لسنين ثم أنهيت في ليلة ود باردة. دمشق قادرة حتى اليوم على نزع الفتيل قبل ان يصبح الحل خارج ارادتها.

هذا في عالم السياسة، لكن عالم الناس بآمالها وهواجسها اكبر من ذلك. وليس صعبا من اجلهم ان نتخيل، في العام الذي يبدأ اليوم، رايات شركة laquo;إعمارraquo; الاماراتية ترفرف في كل ركن عربي، تنقل تجربتها الناجحة والمربحة، لا أعلام النزاعات والمغامرات الخاسرة. ليس كثيرا على الناس في بلداننا ان نتخيل لهم عاما جديدا تستمر فيه الاصلاحات التي يلمسون أثرها في حياتهم اليومية، وظائف ومقاعد دراسية لأولادهم وبناتهم وأسرَّة علاج لمرضاهم. فالسير في درب الاصلاح علامة عافية للنظام نفسه يجدد قدراته وعطاءه مع كل عام جديد.

في عام 2006 نحمل نفس المنظار، ونتطلع من خلاله الى الايام المقبلة لكن في اي اتجاه وبأي روح؟ مهما تمنينا نعرف اننا لن نستطيع منع الكوارث والتنازع لكن باستطاعتنا ان نقلل من أضرارها، ونضيء دربنا بالآمال الكبيرة والتمنيات الخيِّرة، متمنيا ان يكون عامكم هذا عامَ خيرٍ.


[email protected]