علي حماده

لن نتوقف عند الغوغائية التي واجهت المقابلة المتلفزة لنائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام في quot;حصن الديموقراطيةquot; السورية وفي بعض الاوساط اللبنانية التابعة للنظام السوري. ولن نتوقف عند محاولة البعض التوسع في اتجاه اجراء محاكمة سياسية لاداء خدام خلال توليه الملف اللبناني عشرين عاما. المهم ان نحصر الاهتمام بكلام عبد الحليم خدام في نطاق قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والاضاءات القيمة التي يقدمها على الملف بوصفه quot;شاهداquot; عظيم الاطلاع على كل ما كان يجري ضمن النظام السوري. فإشارته وايحاؤه ان النظام السوري قتل رفيق الحريري يمثلان اختراقا كبيرا في مسار التحقيق الدولي لكونهما يضفيان مزيدا من الصدقية على الاقتناع الراسخ للمجتمع الدولي والمجموعة العربية بان النظام السوري هو بالفعل المشتبه فيه الوحيد في الضلوع بالجريمة الارهابية. هذا ما يفسر حقيقة الموقف السلبي الذي يحاصر النظام في سوريا، والسمعة السيئة التي تلاحقه في كل اصقاع الارض.

لقد عزز خدام بشهادته التاريخية (للمرة الاولى في تاريخ النظام) الشبهات التي لم يكن يجهلها احد في لبنان. ومع ان الرئيس السوري بشار الاسد حسم مسألة quot;براءةquot; مخابراته سلفا وقبل انتهاء التحقيقات، فان كلامه يصعب ان يغلب في صدقيته كلام نائبه السابق.

من منا يجهل هوية الجهة التي اتخذت قرار اغتيال الرئيس الحريري، وجملة الاغتيالات والتفجيرات التي اعقبت، وصولا الى جبران تويني؟ ومن منا يجهل التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي يتلقاها قادة وسياسيون واعلاميون احرار بسبب مواقفهم الاستقلالية؟ ومن منا يجهل خلفية الحملات التخوينية التي استهدفت الحريري وتستهدف قادة آخرين اليوم من وليد جنبلاط الى سعد الحريري فضلا عن مروحة واسعة من قادة السياسة والرأي في البلاد؟ ومن منا يجهل ان بعض اقرب حلفاء النظام السوري في لبنان يخشون ان تطالهم يد الاغتيال؟

ان الشهادة التي ادلى بها نائب الرئيس السوري السابق وطبيعة رد النظام السوري عليها تكشفان مدى عمق الازمة، وخطرها على مستقبل سوريا نفسها. وما الاغتيالات وغيرها، رغم تسببها بمزيد من الآلام في بلاد quot;ثورة الارزquot;، سوى محاولة لجر المجتمع الدولي صوب تسوية تمد في عمر النظام. ان سلوك النظام في سوريا يزيد من حدة الاستنفار الدولي ضده، وصولا الى فقد الامل نهائيا بامكان اصطلاحه من الداخل مما يفتح الابواب على احداث دراماتيكية.

همنا نحن في لبنان ان يستكمل التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى النهاية، وان يلقى المجرمون عقابهم العادل، وان يضغط المجتمع الدولي من جهة، وحلفاء سوريا وفي مقدمهم quot;حزب اللهquot; من جهة اخرى، لمنع الاغتيالات ومحاولات ضرب الاستقرار التي نعرف تماما المسؤول عنها المعادي لاستقلال بلادنا وحريتها.