الأربعاء:04. 01. 2006

حسين فتح الله


عقب أحداثrlm;11rlm; سبتمبرrlm;2001rlm; وتوجيه أصبع الاتهام إلي تنظيم القاعدة باعتباره مسئولا عما وقعrlm;,rlm; رشحت دوائر المخابرات العالمية علي اختلافها أن تكون أفغانستان معقل طالبان والقاعدة هدفا مباشرا لأولي الضربات الأمريكية المقبلةrlm;,rlm; وأكدت هذه الدوائر أن هذه الضربة ستتلوها ضربات أخري للعراق وسوريا وإيرانrlm;,rlm; وهي البلدان التي تقع داخل دائرة محور الشر الأمريكيةrlm;.rlm;

ومنذ هذا التاريخ وبعد سقوط الأنظمة الحاكمة في كل من العراق وأفغانستان تحت وطأة الغزو الأمريكي المباشر ظلت سوريا علي المحك وبين فترة وأخري تلوح في الأفق سيوف التهديد المشهرة في وجه سورياrlm;,rlm; فتارة هي المسئولة عن تهريب الكثيرين من قادة البعث العراقيين إلي أراضيها والإقامة فيها بمن فيهم من علماء وخبراءrlm;,rlm; وتارة هي المأوي لأبحاث وكل نتائج التطبيقات العملية لاستخدامات الطاقة النووية العراقية وأسلحة التدمير الشامل التي لا يعرف أحد حتي الآن ما إذا كانت أكذوبة أم أنها بالفعل وجدت طريقها إلي الأراضي السورية قبل دخول القوات الأمريكية بغداد واحتلالها عامrlm;2003,rlm; ثم بعد ذلك استمرت الحملات الإعلامية والتهديدية ضد سورياrlm;,rlm; فبعد تمام الاحتلال اتهمت الولايات المتحدة سوريا بأنها تقوم بتسهيل مرور الإرهابيين الأجانب عبر أراضيهاrlm;,rlm; بل واتسعت هذه الاتهامات لتشمل عمليات التخطيط والتمويل والدعم العسكري من جانب سوريا لعناصر المقاومة العراقيةrlm;.rlm;

وعندما قررت الولايات المتحدة القيام بضربات مكثفة ومستمرة ضد المقاومة في العراق أعلن قادة الجيش الأمريكي ـ بصراحة تامة ـ أن كل ما قيل عن أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف المقاومة العراقية كان مبالغا فيه للغايةrlm;,rlm; وأن عددهم الحقيقي لا يزيد بحال علي العشراتrlm;,rlm; وأنه ثبت أيضا أن سوريا كانت عند تعهداتها حيث سلمت في ذلك الوقت أحد قادة البعث العراقيين المطلوبين علي اللائحة الأمريكية الشهيرةrlm;.rlm;

هجوم الصحف الأمريكية
إلي هنا يبدو الأمر وكأن ساحة سوريا قد برئت من الاتهامات الأمريكية والإسرائيلية بدعم المقاومة المسلحة العراقيةrlm;,rlm; كان من المفروض ـ واقعيا ـ أن تتوقف الحملة المسعورة ضد دمشق حتي ولو مؤقتا إلي حين تلوح في الأفق حجة جديدة أو دليل جديد علي تورط سوريا في أعمال ضد المصالح الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشرrlm;,rlm; إلا أن الحملة التهديدية لم تهدأ واستمرت في غيهاrlm;,rlm; بل أضحت أكثر شراسة عن ذي قبلrlm;,rlm; فإذا بافتتاحيات ثلاث صحف أمريكية شهيرة تتناول موضوع مساعدة سوريا للإرهابيين الذين يقومون بقتل الجنود الأمريكيين في العراقrlm;,rlm; ومن أبرز هذه الصحف الواشنطن بوست والواشنطن تايمز والويكلي ستاندر وول ستريت جورنالrlm;.rlm;
ولوحت إحدي هذه الصحف بأن علي الولايات المتحدة أن تكون جادة في مواجهة سوريا وأن علي القادة السوريين أن يعلموا أنه علي الرغم من تركيزنا الآن علي العراقrlm;,rlm; فإن الخيار ـ سوريا مازال قائماrlm;,rlm; إننا نستطيع أن نضرب المواقع العسكرية السوريةrlm;,rlm; ونستطيع أن نعبر الحدود العراقية ـ السورية عنوة لإيقاف عمليات الاختراق والتسلل لعناصر المقاومة الأجنبية والسورية الواردة أو القادمة من العراقrlm;,rlm; ونستطيع ـ هكذا تقول الصحيفة ـ احتلال مدينة أبو كمال التي تبعد عدة كيلومترات عن الحدود العراقية التي تعد مركز التخطيط وتنظيم النشاطات السورية في العراقrlm;,rlm; ونستطيع أخيرا وليس آخرا أن نساعد جهدا وسرا المعارضة السوريةrlm;.rlm;

تقليد تركيا
وبعد هذا التلويح المباشر باستخدام القوة ضد سوريا من جانب الويكلي ستاندرد قامت صحيفة وول ستريت جورنال بالهجوم علي ردود الفعل السلبية للإدارة الأمريكية إزاء ما تقوم به دمشق في العراقrlm;!!rlm; وأكدت أن علي الرئيس بوش أن يقوم بما قامت به تركيا التي هددت سوريا عامrlm;1988rlm; بالقيام بعمل عسكريrlm;,rlm; وقامت بالفعل بحشد قواتها علي الحدود ليعطي التهديد أثره المباشرrlm;.rlm;

وما هي إلا ساعات بعد نشر هذه الافتتاحيات التي تزامنت مع حملات مماثلة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيةrlm;(FDD)rlm; والمحافظين الأمريكيين الجددrlm;,rlm; ومؤيدي حزب الليكود الحاكم في إسرائيلrlm;,rlm; إلا وكان الرئيس الأمريكي يدلي بتصريحات متشددة وقاسية ضد سوريا التي حذرها مع إيران من التدخل في الشئون الداخلية للعراقrlm;,rlm; وجاءت هذه النغمة الجديدة للرئيس الأمريكي متواكبة أيضا مع توجيه أصابع الاتهام لسوريا بتورطها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الحريريrlm;.rlm; وهنا تركت كل الأقلام المأجورة ضد سوريا الاتهامات السابقةrlm;,rlm; وراحت تعزف معزوفة الحريري والوجود السوري في لبنانrlm;,rlm; واستمرت حتي بعد الخروج من لبنان ومازالت مستمرة إلي الآنrlm;!!rlm;

إن هذه الحملة المستمرة كشفت من حيث لا تدري عن أوجه القصور الذاتي فيها التي يكون إجمالها فيما يليrlm;:rlm;

أولاrlm;:rlm; إنه خلال الرحلة الطويلة التي استمرت قرابة ثلاث سنوات لهذه الحملة لم يكن هناك دليل واحد يمكن أن تستند إليه في إدانة سوريا وإقامة البرهان علي تورطها في مساعدة المقاومة العراقية أو بعد ذلك مساعدتها حتي في عمليات التخطيط والتنسيق والتوجيهrlm;.rlm;

ثانياrlm;:rlm; أن البعض حاول توريط سوريا في إمداد المقاومة المسلحة العراقية بالسلاح بادعاء اكتشاف مجموعة أوراق في معتقل الفلوجة مطبوعة في سوريا وتحدد بعض النقاط غير المعروفة للمتسللين عبر الحدود السورية ـ العراقيةrlm;,rlm; إلا أن أحدا لم يعقب بعد هذا الإعلان أو يعطينا الدليل علي أن هذه الوثائق سورية الأصلrlm;.rlm;

ثالثاrlm;:rlm; أن النية كانت مبيتة لتوجيه ضربة إلي سوريا بعد تمام الغزو الأمريكي للعراق وتزايد الثقة والشعور الأمريكي بأنه أصبح اللاعب الأعظم الوحيد في المنطقةrlm;,rlm; الأمر الذي دعت إليه مجموعة المحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية وفي مقدمتهم وزير الدفاع رامسفيلدrlm;,rlm; إلا أن كارل روف المستشار السياسي لبوش طالب صقور البيت الأبيض بالتوقف عن دعوتهم خشية أن تكلف المغامرة العسكرية الجديدة الرئيس الأمريكي مقعده في سدة الحكم خلال الانتخابات المقبلة التي كانت تدق الأبوابrlm;!!rlm;

أهداف الحملة
رابعاrlm;:rlm; أن استمرار الحملة الأمريكية علي سوريا بات لا يعني إلا أنها تستهدف إما الضغط علي سوريا لإحكام قبضتها علي الحدود والتعاون مع المخابرات الأمريكيةrlm;,rlm; ونفي أو طرد قادة البعث العراقي السابق خارج أراضيها الذين ربما يكونون مسئولين عن دعم المقاومة العراقيةrlm;,rlm; أو أن يكون هدف هذه الحملة هو تحجيم الثقل الاستراتيجي السوري في المنطقة وتحالفها مع إيران لمصلحة الخطط التي تعدها الولايات المتحدة وإسرائيل لشرق أوسط جديد يستلزم مد طاولة المفاوضات بين سوريا وإسرائيلrlm;,rlm; وبين الفلسطينيين وإسرائيلrlm;,rlm; وهو أمر إذا كتب له النجاح فإنه من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية يستلزم إضعاف المفاوض السوري والفلسطيني أو يجعل علي الأقل بديل المفاوضات أشد خطراrlm;.rlm;

وعلي ذلك ـ كما رأينا ـ فإن توجيه ضربة عسكرية أمريكية لسوريا ليس أمرا مطروحا من الناحية العسكريةrlm;,rlm; كما أنه يتناقض تماما مع المنظور السياسي والخطط الخاصة بالشرق الأوسط الجديد ـ خاصة وفي ظل ـ معطيات التحالف الإيراني ـ السوري ووزنه الاستراتيجي والإقليميrlm;,rlm; ولا ننسي أن هناك من له رؤية موسعة لهذا الشرق الأوسط الجديد تري وجوب دخول كل من إيران وتركيا في عضويته كي يتحقق الاستقرار الذي ينشدونهrlm;.rlm;