رندة تقي الدين- الحياة: الاتهامات التي وجهت الى نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، بعد حديثه الى الزميلة laquo;العربيةraquo;، بأنه جزء من مؤامرة من الخارج، وأنه تكلم بايحاء من باريس وواشنطن، ردة فعل يائسة ممن يريد دائماً إلقاء المسؤولية على الخارج.
باريس فوجئت بكلام خدام، وكبار مسؤوليها لم يعلموا بما قاله إلا بعد عودتهم من اجازة الأعياد، أي ليلة السبت الماضي، وبعد أن كان خدام أدلى بحديثه.
وباريس عاصمة الحريات، لديها تقليد على صعيد استقبالها للشخصيات السياسية والإعلامية التي تأتي إليها، لتلقي العلاج الطبي مثلما هي حال خدام منذ سنوات، ومثلما استقبلت الزميلة مي شدياق إثر تعرضها لإجرام وحشي بتر ذراعها وساقها والأضرار التي أصابت جسدها نتيجة laquo;المؤامرة القاتلةraquo; التي يشهدها لبنان.
خدام موجود في فرنسا، لكن ليست للمسؤولين الفرنسيين أي علاقة به، حتى أنه لم يكن على أي علاقة معهم منذ اللقاء الشهير بينه وبين الرئيس الفرنسي جاك شيراك في 6 نيسان (ابريل) 2004. وفي حينه جاء خدام الى باريس موفداً من الرئيس السوري بشار الأسد. واتسم لقاؤه مع الرئيس الفرنسي ذاك اليوم بالتوتر والاستياء من الجانب الفرنسي. اذ حذر شيراك آنذاك من عدم قبول سورية بالفقرة المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل الواردة في نص اتفاق الشراكة الأوروبية. وانتفض شيراك وقتها عندما حاول خدام أن يقول له: laquo;سنعطيك عقد توتالraquo;، فرد قائلاً اعطوه لأي شركة أخرى، فهذا ليس الموضوع.
وصورت الديبلوماسية السورية عندها استياء فرنسا بأن مرده الى عدم حصول laquo;توتالraquo; على عقد في المنطقة التدمرية للغاز، في حين أن هذا الاستياء كان مرده الى سياسة سورية في لبنان، والى رفض الأسد لكل الرسائل التي وجهها اليه شيراك.
وتناولت هذه الرسائل مواضيع عدة أولها التمديد للرئيس اميل لحود ودفع لبنان الى تطبيق الاصلاحات المطلوبة بعد laquo;باريس 2raquo;، وتوقف الحوار كلياً من قبل الجانب السوري، في الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي أدى الى قطيعة كلية من قبل الجانب الفرنسي.
باريس لا تنظم مؤامرات مع خدام، ولن تتآمر مع خدام ولا مع سواه من النظام السوري. وهي كما قال أكثر من مسؤول فرنسي لـ laquo;الحياةraquo;، ليست مسؤولة عن مغادرته دمشق، فهو غادرها لأسباب داخلية.
ولو كانت باريس على اتصال مع خدام لكان أضعف موقفها المتشدد تجاه سورية، اضافة الى أنه لم يكن محاوراً مميزاً بالنسبة الى فرنسا، لأنه كان من أركان النظام السوري والشخص الذي هندس سياسة سورية في لبنان لمدة عقود، وبالتالي فإن باريس لا تبرّئ خدام مما حصل في الماضي. وفرنسا لم تنس قطعياً ان سفيرها في لبنان لوي دولامار اغتيل لأنه اجتمع برئيس منظمة التحرير الفلسطينية في حينه ياسر عرفات في السفارة الفرنسية في بيروت.
من الواضح ان أهمية ما قاله خدام تكمن في دفع التحقيق الدولي في اغتيال الحريري نحو الحقيقة. فخدام عايش كل الظروف التي سادت قبل قرار التمديد للرئيس اللبناني وبعده. ومن الواضح ايضاً ان كلامه شهادة للتاريخ وللجنة التحقيق الدولية، اذ انه أكد وفصّل حقيقة كانت كل الطبقة السياسية في لبنان على علم بها وتكلمت عنها قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
مسلسل الاجرام الذي شهده لبنان سنة 2005 قد يستمر، لكن ليتذكر مرتكبو هذه الجرائم، من المنفذين الى اولئك الذين يقفون وراءها، نهاية قصي وعدي صدام حسين، ووالدهما الذي لم يتردد في توجيه الأوامر بالقتل والتعذيب
التعليقات