الخُبر، السعودية ndash; سعود الريس

الى اين تسير محاكمة الرئيس السابق صدام حسين؟ وهل يتجه القضاء في العراق الجديد الى تسجيل اول إخفاقاته؟ اسئلة كثيرة تبحث عن اجابة في ما يتعلق بمحاكمة صدام وعدد من اركان نظامه. إذ تردد قبيل المحاكمة أن قضية الدجيل ستكون كافية لإيصال رموز النظام السابق الى الإعدام. بيد ان المتتبع لفصول laquo;المسرحيةraquo;، كما يحلو لبعضهم تسميتها، لا يحتاج الى عناء كبير للتوصل الى ان الادلة غير كافية حتى الآن، وان الشهود الذين استعين بهم وقعوا في هفوات كثيرة. لكن السؤال الأهم: هل تستمر الحال على هذا المنوال والى متى؟

رئيس الادعاء العام في قضية الدجيل جعفر الموسوي اعتبر ان من المبكر الحديث عن المحاكمة وتوجيه انتقادات إليها. وأكد في حديث الى laquo;الحياةraquo; ان المحاكمة قد تستغرق وقتاً طويلاً, وان من مصلحة المحكمة الاستماع الى صدام واعوانه. وهنا نص المقابلة:


gt; يبدو أن المحاكمة اتخذت منحى آخر بعد ما تردد سابقاً من أنها كافية لإعدام صدام حسين وأعوانه. لكن مع انطلاقها انقلبت لمصلحتهم؟

- المحكمة ماضية في إجراءاتها القانونية، وليست مع صدام حسين أو ضده، لأنها المحكمة يجب أن تكون حيادية.


gt; لكن فتح المجال للرئيس السابق وأركان حكومته قلب الموازين وحوّلهم ضحايا؟

- ليس كذلك بالنسبة إلى المتهمين حالياً في قضية الدجيل, خصوصاً المتهمين صدام وبرزان، فهما دائماً يحاولان، ومن خلال أي مجال يفسح لهما، أن يشكوا من تعامل القوات الأميركية معهما ومن تعرضهما لأذى. وأنا ناقشت المتهم صدام حسين خلال الجلسة، وأبلغته بأنني زرت سجنه في تموز (يوليو) الماضي ولاحظت ان غرفته مبردة فيما كانت الكهرباء مقطوعة عن بغداد، كما رأيت بعيني الثلج وقوالبه في غرف الموقوفين. هذه حقيقة ولا اريد ان اكبّر الأمور او أصغّرها.

أما بالنسبة إلى المتهمين، فهم يبحثون عن أي ثغرة للخروج عن الموضوع، ويتجهون اتجاهات سياسية أو إعلامية، وهم يعتقدون بأنهم من خلال ذلك يمكنهم نقل هذه المحكمة إلى دولة ما. هذا هو التوجه الذي نشعر به.

وفي ما يتعلق بإتاحة المجال للمتهمين واسترسالهم، فان ذلك يتيح إدانتهم من خلال ما يتفوهون به. وأنا كرئيس الادعاء العام لا أقاطعهم، بل أعطيهم المجال، لأنهم من خلال احاديثهم عن مواقف معينة دانوا أنفسهم وأقروا بأمور ينكرونها اصلاً، وهذا يقوّمه القانونيون المتخصصون في المحكمة الجزائية.


gt; ذكر أن لديكم أدلة تدين صدام حسين. ولكن بحسب آراء خبراء قانونيين، كل ما قدم لا يدينه بالمفهوم المطلق؟

- أدلة التجريم تتمثل في شهود الإثبات والأدلة والمستندات الثبوتية الكتابية، ودور الادعاء العام يتضمن عرض كل الأدلة الموجودة لديه، وعرضها على المحكمة والجمهور، والتعليق على كل مستند وشرح أركان الجريمة، لأنها جريمة ضد الإنسانية. وجريمة كل متهم على حدة سيفندها الادعاء العام، بعد انتهاء المحكمة من تدوين أقوال الشهود. بعد ذلك ستستمع المحكمة الى شهود النفي، الذي طلب بعض المتهمين الاستماع إليهم، وقدموا أسماءهم منذ فترة. بعد ذلك يصار إلى تدوين أقوال المتهمين، كل على حدة، وتقوّم المناقشة من المحكمة ومن الإدعاء العام. ثم يأتي الدور الرئيس للادعاء العام. وستكون هناك مطالعة مطولة مبنية على الأدلة التي يعتمد عليها الادعاء، وهذه الأدلة ستعرض دليلاً دليلاً، مع كل التفاصيل الأخرى، وشرح أركان الجريمة، وشرح جريمة الإبادة الجماعية. وهي لا تعني القتل فقط، بل أيضاً التعذيب وتجريف الأرض ومصادرة الأموال. وهذه الجرائم تعد جرائم ضد الإنسانية. وكل جريمة لها أركان خاصة بها. وعلى الادعاء العام أن يثبت كل هذه الأركان.
صدام وخلفه برزان أثناء إحدى جلسات المحاكمة (رويترز)

gt; هل لديك من الأدلة ما يقود صدام حسين الى الإعدام؟

- أنا مؤمن بجرائم صدام حسين، ولدينا أدلة سنظهرها ونعرضها ونقدمها الى المحكمة. أما النطق بالحكم وتقويم هذه الأدلة، فمتروك للمحكمة التي تقرر هل تعتمد هذه الأدلة أم لا، لأن القرار في يد المحكمة وليس في يد الادعاء العام.


gt; لوحظ ان برزان التكريتي استفزك في الجلستين الاخيرتين، عندما ذكر كلمة رفيق، ودار جدال كبير حول أنك كنت عضواً في حزب البعث، فهل هذا صحيح؟

- هذا غير صحيح. لم أكن من أعضاء حزب البعث، وفي الجلسة الماضية عندما اتهم برزان كل اعضاء الادعاء العام بأنهم أعضاء في حزب البعث اعتبرنا ذلك دليلاً على أنه (برزان) شعر بخطورة الادعاء العام. هذا من واجبنا لأن الادعاء العام يمثل الضحايا، وهو يسعى الى التأثير في صدقية الادعاء، لكنه لن يتمكن من التشكيك في خلفية الادعاء العام وفي نزاهته.


gt; ألا تنتمي الى حزب الدعوة؟

- لا أنتمي الى حزب الدعوة. كنت محامياً في بغداد ولم أكن ضابطاً أو قاضياً قبل سقوط النظام. وما يقوله برزان يعد تخبطاً. فهو تارة يقول إنني نقيب في الاستخبارات الإيرانية، وتارة اخرى في الاستخبارات العراقية.


gt; بماذا تفسر ذلك؟

- هذا الإنسان له خلفية استخباراتية, وسلوكه وتصرفاته لا تدل على أنه كذلك. في الحقيقة لا أريد أن أرد على أي كلمة صدرت منه أو من المتهمين.


gt; الى ماذا تعزو ما يثار من قفشات خلال المحاكمة؟

- أنا وزملائي لا نحب تلك التصرفات، ولا نسمح بها، لكن القرار لا يعود إلى الإدعاء العام، وإنما الى المحكمة. فرئيس الهيئة هو المنوط به ضبط الجلسة وإدارتها. أحياناً ننبه الى أننا في جلسة قضائية ويجب أن تكون الجلسة ذات هيبة، ولسنا في مقهى. وأنا أعتبر هذه التصرفات من بعض المتهمين لجر البساط من تحت المحكمة وتحويلها منبراً سياسياً إعلامياً. فهم عندما يلاحظون أن الكاميرات تعمل تختلف تصرفاتهم. ربما يعتبرون هذا الموضوع بطولة، أو إنهم يريدون الإساءة إلى المحكمة والمحاكمة، وهناك بعض الأمور التي يرون أنهم حققوها من خلال التصوير من داخل الجلسة.


gt; هل تعتقد أن تصوير المحاكمة أضر بسيرها؟

- رأيي الشخصي أنه يجب أن تكون المحاكمة علنية. استُشرنا قبل المحاكمة وأصررت على أن تكون أمام العالم، ومهما حدث من سلبيات داخل الجلسة لا أفضّل أن يكون فيها أي قطع لكي يفهم العالم ماذا يجري وهل هذه المحاكمة عادلة ونزيهة وشفافة أم غير ذلك.


gt; هل تلقيتم أي تهديدات؟

- إذا كنا لم نتلق أي تهديدات في الواقع، فلا بد من أن نكون حريصين على أنفسنا وعلى عائلاتنا ولكي نحقق العدالة. يتهمني بعضهم بأنني غير حيادي، وهذا غير صحيح، نظراً إلى أن في داخلي إنساناً محباً للعدالة، وأحرص على تطبيق العدالة. ولا أسمح بتشويه اسمي أو شخصيتي في محكمة غير عادلة أو في أي موقع غير عادل.


gt; كم تتوقع أن تستغرق المحاكمة؟

- أتوقع أن تأخذ مجرياتها وقتاً طويلاً، وهذا يعتمد على مواعيد تأجيل الجلسات، إذ أن بعض الجلسات يؤجل 40 يوماً، وبعضها يوماً واحداً.


laquo;يا رفيق أنت رفيقيraquo; تثير جدلاً ... برزان سرق الأضواء من وراء القضبان

لم يجد القاضي رزكار محمد أمين، المعروف بهدوئه ووقاره، بداً من الضحك امام الطريقة التي يتكلم فيها الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي السابق صدام حسين، برزان التكريتي الماثل أمامه بتهمة جرائم ضد الإنسانية. وكان من الطبيعي أن يضحك القاضي لا أن يبتسم عندما رد برزان على إشارة منه بالسماح له في التحدث بعد الاستراحة بقوله?promise ، أي laquo;وعد؟raquo;.

ومن المعروف أن برزان كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وهما يحاكمان مع خمسة من أركان النظام بتُهَم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية. بيد أن المشاهد العربي الذي لم يتعود محاكمات على هذا النحو لم يتوقع أن يشاهد مواقف فكاهية تجبره على التسمر ساعات أمام التلفزيون، لمتابعة وقائع تلك المحاكمة.

ولم يمنع مرض السرطان الذي يعاني منه برزان التكريتي، من إطلاقه تعليقات ساخرة ذكّرت بما كان يلجأ إليه وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف في مرحلة ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق، ما دفع الكثيرين الى متابعته شخصياً في المحاكمة، بخلاف التوقعات التي كانت ترجح أن يتفرد صدام حسين بهذه الميزة. ولعل أبرز التعليقات التي لاقت رواجاً هي تلك التي أفرزت جدالاً مع رئيس الادعاء العام عندما ناداه برزان بـ laquo;يا رفيقraquo; ما أثار حنق الأخير، الذي رفض تلك الصفة لينطلق برزان بالقول: laquo;لماذا تتنكر لكلمة رفيقي... وكلمة رفيقي كلمة سامية... وأنت كنت عضواً سابقاً في حزب البعث.. وكنا نعمل سوياً ولا يوجد ما يعيب كلمة رفيق، وأنا أفضلها على أستاذraquo;. وأسفرت تلك المداخلة عن جدال كبير في الشارع العربي.