الخميس:05. 01. 2006

(2rlm; ـrlm;1)

رجائي عطية


ظواهر الحساسيات التي تسللت عبر سنوات الي الجماعات الوطنيةrlm;,rlm; وتستوجب وقفة صادقة فاحصة متأملةrlm;,rlm; لأن النسيج الوطني هو قوام الوطن وعماد حاضره ومستقبلهrlm;..rlm; هذه الوقفة تستوجب فيما تستوجبه أن تمتد أنظارنا وبصائرنا باحثين مفتشين منقبين ممحصين في كل شيءrlm;,rlm; ما عساه يكون أو لا يكون سببا في إثارة الحساسياتrlm;,rlm; لا نستبعد شيئا أو عاملا أو سببا إلا بعد اخضاعه للنظر والتأمل والفحص والدراسة الجادة الصادقةrlm;..rlm; هذه الغاية تستحضر بصدقها عناصر وعوامل عديدة يتوجب علينا أن نفتش فيها لنفرز في النهاية بين السبب وغير السبب وبين الواقع و الوهم وبين الحقيقة و الظن وبين العام و الخاص وبين الفعلي و المفتعل و الداخلي و المستورد وبين الصادق و المضللrlm;!!rlm;

نقطة البداية التي لا يجوز التحرج عندهاrlm;,rlm; هي التفتيش والبحث في الأديان ذاتهاrlm;,rlm; هل هي سبب للحساسية أو الاحتقان أو العداء؟rlm;!..rlm; إن الأديان ـ خلاف القوانين والفرامانات والأوامر ـ لا تقوم إلا علي الرضا والاقتناع والإيمانrlm;..rlm; القوانين والأوامر والفرامانات قد تفرض علي الناس فرضا بالقسر والإجبار والإرغامrlm;,rlm; وقد يحملون حملا برغم إرادتهم وحتم أنوفهم علي الانصياع لهاrlm;,rlm; ولا يعني الأمر الفارض أن يكون المخاطب الملتزم مقتنعا أو غير مقتنع بالقانون أو الفرمان أو الأمرrlm;,rlm; فالغاية هي احترامه وتطبيقه والالتزام بهrlm;,rlm; لأنه يصب في نظام ما يحرص عليهrlm;,rlm; ولا يعتني بالحنايا والقلوب والرغاب والقناعاتrlm;..rlm; ولكن الدين شيء آخرrlm;,rlm; بغاية أخريrlm;,rlm; وقوام وفلسفة مغايرةrlm;..rlm; الدين في جوهره داخليrlm;..rlm; داخلي في علاقة الآدمي مع نفسهrlm;,rlm; وفيما يخاطبها وتخاطبه بهrlm;,rlm; وداخلي في علاقته بربه عز وجلrlm;,rlm;

بل هو يكاد يكون داخليا فيما يباشره أبناء الديانات من فروض وصلوات وطقوس ومناسك تعني أساسا بالداخل وتفسد غايتها إذا إهتمت فقط بالظاهر وداخلها النفاق والرياءrlm;!..rlm; عناية الأديان أساسا واتجاهها الي داخل الانسان وإيمانهrlm;,rlm; أوجبت ـ وستظل توجب ـ قاعدة بدهية هي أن قوام الأديان ـ انتشارا أو انحسارا ـ هو بوصلة الآدمي الداخلية التي تستجيب وتقبلrlm;,rlm; أو تنأي وتعرضrlm;,rlm; وقوامها الرضا والاقتناع والايمانrlm;,rlm; وتأبي بطبيعتها القسر والاجبار والإرغامrlm;!rlm;

هذه الحقيقة تفوت الكثيرين حين يتوقفون أو لا يتوقفون عند عهد الحديبية الذي عقده رسول القرآن صلي الله عليه وسلم مع قريش ومن والاهاrlm;,rlm; وارتضي فيما ارتضاه فيهrlm;,rlm; أن يرد الي قريش من يأتيه منها مسلماrlm;,rlm; وألا ترد اليه قريش من يذهب اليها مرتدا عن الاسلامrlm;!..rlm; يومها عاجلت عمر بن الخطاب حميتهrlm;,rlm; وأثاره ماظنه عدم سواء في الميزانrlm;:rlm; أن يرد المسلمون الي قريش من يأتيهم منها مسلماrlm;,rlm; بينما لا ترد قريش من يذهب اليها مرتدا عن الاسلامrlm;!...rlm; وفات عمر في حميته زو ثورته ـ مثلما لا يزال يفوت كثيرينrlm;,rlm; أن لب الموقف النبوي يصدر عن حقيقة لا تفوتrlm;,rlm; هي أن الأديان لا تنتشر ـ إن انتشرت ـ إلا بالرضا والاقتناعrlm;,rlm; ولا تفرض بالقسر والاجبار والإرغامrlm;!..rlm; وأنه لا حاجة من ثم للإسلام والمسلمينrlm;,rlm; ولا لأي دين آخرrlm;,rlm; بمن يفارق دينه ويرتد عنه الي دين سواهrlm;,rlm; لأن الأديان لا تضم صفوفا شكلية مظهريةrlm;,rlm;

وإنما هي تجمع أفئدة مصدقة مؤمنة آلفها هذا الاعتقاد الذي أقبلت عليه طواعية مختارةrlm;..rlm; وفي المقابلrlm;,rlm; لم تكن قريش حكيمة حين شرطت أن يرد اليها المسلمون من يذهب اليهم مسلماrlm;..rlm; فاتها أن من أسلم منها وذهب الي المسلمينrlm;,rlm; أسلم عن عقيدة واقتناعrlm;,rlm; وأن رده اليها لن يخرجه عن دينه الذي به آمنrlm;,rlm; وأنه من ثم خطر علي قريش ومآربها إن صد عن المدينة وأجبر علي البقاء بينها بمكةrlm;,rlm; وخطر عليها أيضا إن هرب منها واضطر ازاء التزام المسلمين بعهدهم ـ لأن يتخذ مكمنا كما فعل أبو بصير وجماعته الذين عسكروا علي ساحل البحر الأحمرrlm;,rlm; وهددوا من مكمنهم قوافل قريش الي الشامrlm;,rlm; حتي أفاقت قريش الي خطأ ما اشترطته وفاتها فيه أنه لا جدوي لها ولا أمل فيمن تركها واعتنق الاسلامrlm;,rlm; فعادت تطلب بنفسها الي رسول القرآن صلي الله عليه وسلم نقض ما شارطته عليه في عهد الحديبية من رده علي قريش من يأتيه مسلما منهاrlm;!rlm;

الأديان السماوية نزلت لايمان الناسrlm;.rlm; لا لتجييش الجيوش وصناعة الأمجادrlm;..rlm; لا يوجد في الاسلام مثلما لا يوجد في المسيحية ما يدعو لمعاداة الآخرينrlm;..rlm; طلب الأمجاد صناعة آدمية واختلاق العداوات انهيارات آدميةrlm;!!..rlm; البحث والتنقيب في كل من الاسلام والمسيحية يؤكد براءة الأديان من أي أسباب للاحتقانrlm;..rlm;

علي أن الأديان بعامةrlm;,rlm; لا يقتصر خطابها علي بنيها أو المدعوين إلي دخول باحتهاrlm;,rlm; ذلك أنه مهما يكن نصيب الدين ـ أي دين ـ من الانفتاح أو الانغلاقrlm;,rlm; من الانتشار أو الانكماشrlm;,rlm; فإنه لا يمكن أن يفترض أنه دين الناس جميعاrlm;,,rlm; فذلك محال يأباه المنطق وينفيه الواقع الحاصل المشاهد الذي يوري أن المعمورة قد تفرق ساكنوها علي أديان مختلفةrlm;,rlm; سماوية كتابيةrlm;,rlm; أو غيرها من الملل والنحل والمذاهبrlm;!..rlm; هذا الواقع فرض ويفرض علي كل دينrlm;,rlm; أن يفرد في منظومته أسسا وقواعد وأسلوبا للتعامل مع الأغيار الذين يدينون بدين آخر أو بملة أخريrlm;..rlm; هذا الموقف له خصوصيته في كل دينrlm;..rlm; قد تقترب أو تختلف عن رؤية غيره من الأديانrlm;..rlm; وهو الباب الذي يحدد لغة التعامل لابناء الديانة مع غيرهم تسامحا أو ضيقاrlm;.rlm; سلاما أو عداوةrlm;,rlm; قربا أو ابتعاداrlm;,rlm; تعاملا أو انغلاقا ومجافاةrlm;!!rlm;