ألوف بن
إنّ إعادة إدخال رئيس الحكومة أرييل شارون المستشفى لتلقي العلاج بسبب جلطة دماغية هذه المرة، سيجعل من الصعب عليه العودة إلى منصبه حتى وإن تجاوز بسلام العلاج الطبي واستعاد عافيته. أكثر من ذلك، حتى وإن شُفي، سيجد صعوبة بالغة في اقناع الجمهور بقدرته على أدائه مهامه لأربع سنوات أُخرى، بعد أن تعرّض لأزمتين دماغيتين في فترة زمنية قصيرة خلال اسبوعين ونصف. ومع كل الحذر، يبدو أن عهد شارون في قيادة اسرائيل قد وصل أمس إلى نهايته المأسوية.
تابع الجمهور الاسرائيلي خلال الأسبوعين الماضيين بفضول وقلق صراع شارون على صحته، وربما على حياته، ومحاولاته للعودة إلى عمله وإظهار انه يعمل بشكل عادي. فقد تم تقليص جدول أعماله، وبنصيحة من أطبائه تم الغاء ظهوره العلني ولقاءاته خارج مكتبه. وأمس أدار شارون النقاش الأمني حول قرية الغجر على الحدود مع لبنان، وظهر في احتفال بيع الأسهم في البنك القومي. وفي كلا الحدثين تصرف بشكل عادي، بحسب شهادة المشاركين. بعد الظهر ذهب للاستراحة في مزرعته، قبيل عملية القسطرة لقلبه التي كان من المزمع أن يخضع لها هذا الصباح.
تدهور الوضح الصحي لشارون يترك اسرائيل في وضع حكم غريب وهش: قائم مقام رئيس الحكومة، الوزير ايهود أولمرت، يرأس حكومة انتقالية عشية الانتخابات. حزب السلطة، كاديما، يفتقد المؤسسات ومن دون جهاز عمل، وليس واضحاً كيف سيتم انتخاب خلفٍ لشارون. والتنافس على رئاسة الحكومة، الذي بدا حتى أمس من خلال استطلاعات الرأي العام انه محسوم لشارون، سيُفتح من جديد كمعركة ثلاثية بين بنيامين نتنياهو، عمير بيرتس، والرئيس البديل لـ quot;كاديماquot;. في جميع الأحوال، يتوقع أن تشهد اسرائيل تغيّر أجيال على مستوى القيادة، بعد خمس سنوات من الاستقرار بقيادة شارون. استقرار أحبه الجمهور الاسرائيلي، وأراد الحفاظ عليه لولاية اضافية، بحسب كل الاستطلاعات.
أُدخل شارون المستشفى في الوقت الذي بلغت مكانته الداخلية والدولية أوجها في أعقاب التنفيذ الناجح لفك الارتباط. فقادة العالم، الذين تحفظوا عنه في السابق، اقتنعوا بأنه الرجل الوحيد القادر على تحقيق التسوية السياسية أو تنفيذ انسحاب آخر من المناطق الفلسطينية. لكن تغيير القيادة سيحول السياسة الاسرائيلية إلى لغز كبير، وسيثير بالطبع قدراً كبيراً من القلق والإرباك في العالم.
مرض شارون كسر حاجز الصمت حول الوضع الصحي لقادة اسرائيل وأرغم السلطة على البدء في بلورة إجراء لنقل صلاحيات رئيس الحكومة الذي quot;تعذّر عليهquot; أداءه مهامه. لكن ثمة عدداً غير قليل من الأسئلة المثيرة للقلق. هل أن الوضع الصحي لشارون، بعد الأزمة السابقة، كان أصعب مما قدمه أطباؤه؟ هل حاولوا التقليل من مستوى خطورة تكرار الجلطة؟. هذه الأسئلة ستثير نقاشاً مهنياً واعلامياً في الأيام المقبلة. وقد يُثار ايضاً السؤال حول من يتحكم بالمؤسسة الأمنية ويقرر العمليات العسكرية في مثل هذه الأوضاع، وما إذا كان يحق للجمهور الحصول على أجوبة مناسبة.
التعليقات