سمير عطا الله
هناك كليشيهات كثيرة تمخضت عن بلادة العقل العربي والشغف بالتخلف، أسوأها، واكثرها خبثا وكسلا واتكالية، تلك القائلة: laquo;صحيح ما تقولون، ولكن لماذا جلد الذاتraquo;. احب ان اجيب، ان الذات المريضة يجب ان تجلد كل يوم. والذي يدعو الى بقاء الأمراض والعاهات والتخلف والجريمة هو الصهيوني الذي لا يريد لنا قيامة ولا نهوضا من المقابر الجماعية والكهوف الجماعية وثقافة القتل الجماعي.
القاتل الحقيقي هو هذه الجماهير الساكتة عن ثقافة الكهوف وقانون العصر الحجري. هو الأمة التي تقبل بان يخرج منها كل يوم خبر عن عملية خطف من اجل فدية. هي استسلام دولة في حجم اليمن وفي تاريخه، لرغبات الخاطفين وشرعة القبائل، من دون انزال العقوبة القصوى بالخاطف، بل مكافأته والنزول عند مطالبه، مرة بعد مرة، من دون ان يصدر عن مجلس النواب اليمني قانون يقضي بتجريم هذه الجريمة الكريهة الاكثر بشاعة من القتل.
وهل هناك ما هو أبشع من الاحتلال والخيانة والعمالة، فنعم. نعم. نعم. انه تفجير الجنازات والموتى ومودعيهم. وهل هناك ما هو ابشع من هذا؟ نعم. السكوت عنه. والتصرف laquo;القوميraquo; العام وكأن هذه هي يومياتنا الحضارية. وغداً تأتينا رسالة بالبريد تقول: فلنكف عن جلد انفسنا!
هذه النفوس الكريهة التي تفجر الجنازات والأم التي تودع فقيدها وأهل الفقيد وأهل العزاء، هذه نفوس تستحق ان تتبرأ منها الأمة في صوت واحد، معلنة انها ليست laquo;مقاومةraquo; بل فرقة تصفية لا وجود لها في اقسى المافيات وفرق القتل. واتمنى على الرئيس علي عبد الله صالح عندما يخوض معركة الولاية القادمة ان يعد اهل اليمن بشيء واحد، هو تخليصهم من عار الخطف، وإما ان يعلن منع دخول الاجانب ووقف التأشيرات، لكي لا يظل اليمن مصدر اخبار خطف السياح والآمنين. لكن لا يليق اطلاقا ببلد مثل اليمن ان يظل كل شهر في صدر الصحف ونشرات الاخبار، تحت عنوان واحد، هو هزيمة الدولة امام ثقافة الخطف.
لقد تخطت الجريمة السياسية في العراق كل تخيّل وكل تبرير وكل تفسير وكل اهانة للنفس البشرية. وتحول الاسلوب الاستشهادي الى جريمة مجنونة جبانة وخسيسة ضد موكب جنائزي. وقبل ان نبحث عن هوية الانتحاري الذي يفجر الجثث يجب ان نقرأ عناوين الابتهاج في صحف وفضائيات الفكر القومي الجديد. ولقد مات أرييل شارون سعيدا: العرب يفجرون الآن جنازاتهم وثمة من يكتب: فلنكف عن جلد انفسنا.
التعليقات