فهد محمد السلمان

أنفق الشيخ حمود المعجل مؤخرا قرابة العشرة ملايين ريال لمشروع إيصال المياه إلى عدد من القرى في منطقة حائل .. هي (قنا وأم القلبان وروض جبة ورجامة والمندسة والطوال) كانت إلى ما قبل مبادرته تئن من وطأة العطش .
المشروع يتضمن حفر آبار أنبوبية وتنفيذ شبكات توزيع وتأمين مضخات ومولدات ولوحات تشغيل وبناء خزانات وخلافه !.

وبهذا يقدّم الشيخ المعجل إضافة نوعية ومتميزة لخيرياته الكثيرة والمتنوعة .. والتي حصل من خلالها على تقدير الناس ودعواتهم مثلما حصل على جائزة الأمير سعود بن عبد المحسن للأعمال الخيرية العام الماضي .

من جانبي .. يستوقفني كثيراً هذا النوع من المشاريع الخيرية .. لسبب بسيط وهو أنها تشكل في تقديري الأنموذج الأمثل للعمل الخيري التنموي .. الذي لا يكتفي بتقديم الخير كقيمة دينية وإنسانية وحسب ، وإنما يضيف إليه بعدا آخر مهماً هو البعد التنموي .. بمعنى أنه يقدم الفعل الخيري على هيئة إنمائية قابلة للاستمرار وبالتالي خدمة أكبر عدد من الناس .

ولأن الماء هو الحياة فإن استخراجه وضخه لعشرات الأسر التي تعيش في تلك القرى .. هو بمثابة تقديم بوليصة تأمين لأهم أساسيات المعيشة لهؤلاء السكان ، وبالتالي حمايتهم من الهجرة إلى المدن ، وهذا هدف خيري وتنموي وإنساني بالغ الأهمية .. جاء هذا العمل النبيل ليرعاه ويضع له أول ضماناته ، وفي هذا السياق يُصبح الشيخ المعجل بهذه المبادرة الإنسانية والخيرية النبيلة قد حقق بمشروعه الخيري هذا هدفين في وقت واحد : فعل الخير ولا سبيل إلى مناقشة الفضل العظيم أخروياً في تقديم شربة الماء لذي غلة .. فكيف بمشروع بمثل هذا الحجم ، ثم بناء أنموذج تنموي كوعاء لاستيعاب هذه الخيريات بما يعود بالنفع على الوطن وأبنائه .

بناء جامع أو مسجد أو حتى مصلى .. أمر مهم لا شك .. لكن أيضا الالتفات بهذه الأعمال الخيرية إلى جوانب حياتية أخرى، لا تستقيم الحياة إلا بها .. هي أيضا أمور مهمة وحيوية .. يجب أن يرعاها العمل الخيري ليسهم في التنمية الوطنية إلى جانب الدولة بمؤسساتها المعنية .. فالتبرع لأسرة محتاجة هو عمل خيري بالتأكيد .. ولكنه عمل نافق ينتهي بانتهاء الفعل نفسه .. أما تأسيس مثل هذه المشاريع فهو حتما بناء خيري يأخذ صفة الازدياد والتنامي .. ذلك لأن العائد الخيري يتحقق بحجم الإفادة ، وحجم الاستمرار .. لذلك أعتقد أننا بأمس الحاجة إلى دعم مثل هذا التوجه .. ليس فقط على سبيل مشاريع البنية التحتية كالماء وحسب ، وإنما حتى على صعيد بناء وتمويل المشاريع ذات الصفة النفعية بعد توجيه أرباحها بشكل خيري .. للإسهام في بناء اقتصاديات بعض الأسر الفقيرة .

وأعود مجددا إلى الشيخ حمود المعجل الذي دفعني بمشروعه الأكثر نبلا للانسياق خلف هذه التداعيات .. لأزعم أنه بما حققه لأولئك الشيوخ وتلكم النساء والأطفال .. في مجتمعات أولئك الطيبين الذين يظلون يقتلون الكباش كل يوم بمنتهى الأريحية .. إكراماً لضيوفهم حتى لو لم يجدوا بعدئذ ما يُقيم أودهم .. أولئك الذين يستحون حتى من الإلحاح في المطالبة بحقهم .. لأنهم ما روّضوا أنفسهم على الأخذ قدر ما روّضوها على العطاء ، لأزعم أنه الرجل الذي استطاع أن يبنى بصنيعه بينهم (رجمه) الأطول من كل القصائد التي قالوها فيه أو سيقولونها له !! .

لذلك هي مجرد تحية تكريم لرجل الخير .. رجل الماء .. تحية للشيخ حمود بن معجل الفرج .


[email protected]