السبت:07. 01. 2006
د. عبدالعزيز المقالح
هي ملاحظات فقط، وليست قراءة أو تصورا، لأن اي حديث متفائل او متشائم عن العام الجديد سيكون ضربا من خيال المنجمين الذين قيل عنهم بحق ldquo;كذبوا ولو صدقواrdquo;. وقبل أن أضع ملاحظاتي بين يدي القارئ العزيز ومنه الى العام الجديد أرغب في التأكيد على اننا مدعوون جميعا لطرح ملاحظاتنا في هذا المنعطف السنوي الذي يتكرر في حياتنا وحياة أمتنا من دون أن نتبين فارقا بين الأعوام إلا في ارتفاع درجة السوء ومضاعفة حالات اليأس والاحباط، وهو ما لا يحدث مع أي امة سوى أمتنا التي كانت خير أمة أخرجت للناس.
الملاحظة الاولى: وهي الأكثر اهمية وتقف عند التأكيد على ضرورة الاحساس بالزمن وكيف ينبغي ان نتعامل مع هذا العام الجديد وفي بقية الأعوام المقبلة بصورة تختلف عن طريقة تعاملنا مع الأعوام في الماضي عندما كانت تمر على الأمة العربية بحلوها ومرها من دون أن يشعر مواطنوها لماذا جاء العام ومتى ذهب لأنه لا قيمة على الاطلاق للزمن في وعي الانسان العربي الذي لم يعد وجوده يشكل شيئا مهما للعالم، وكل دوره أو مشاركاته تتمثل في انه مستهلك من الدرجة الاولى ولا يضاهيه في هذا المضمار انسان في طول الكرة الارضية وعرضها.
* الملاحظة الثانية: ان الانظمة التي تعاقبت على حكم الوطن العربي في القرن العشرين لم تستطع ان تضع مشروعا للنهوض الوطني والقومي الشامل يشارك المواطن في تحقيقه ومراجعة صعوده أو هبوطه، فالزمن لا يقاس بالتبدل بين الليل والنهار ولا بتوالي الاعوام وإنما بمدى الانجازات التي تحققها الشعوب وتضيفها الى رصيدها الوطني الذي بدوره يرسم مدى تطورها واستجابتها للتحديات الداخلية والخارجية.
* الملاحظة الثالثة: إننا كأمة عشنا دهرا طويلا في ظل ثقافة المديح والهجاء نمدح من نحبهم وأن لم يكونوا أهلا للمديح، ونهجو من نكرههم وان لم يكونوا أهلاء للهجاء، ومن هذه الثقافة المتأصلة في الوجدان العربي بدأنا ننظر الى الأعوام اما سيئة سوداء، وأما حسنة بيضاء من دون أن تخضع احكامنا لمنطق العقل والتحليل، وهو ما لا يجعلنا نرى الجوانب المضيئة او المظلمة في العام الواحد لكي نركز على الجانب المضيء عسى ان تمتد اضاءته لتغطي مساحة أكبر بعد ان كانت لا تغطي إلا رقعة ضيقة من الواقع.
* الملاحظة الرابعة: وهي عن الصرعة الإعلامية العالية تلك التي اتسعت في العام المنصرم ،2005 وشملت اكثر من قطر عربي وفي مقدمتها مصر ولبنان قد تكون جاءت من قبل البعض بحسن نية ومن البعض الآخر بسوء نية ومع سبق الإصرار والترصد، وأعني بها صرعة الترحيب بالحل السياسي على يد الأجنبي، فقد جنت هذه الدعوة على المثقفين وشكلت صدمة في الشارع الشعبي وجعلته يشك اكثر فأكثر في مواقف المثقفين باعتبارهم - كلهم من دون استثناء - يبشرون بالاحتلال ولم يعودوا دعاة حرية وتمرد على كل ما ينتقص من الاستقلال والسيادة، والإشارة الى هذه الملاحظة تشكل أمنية بأن تختفي وإلى الأبد كل إشارة من مثقف حسن النية وصادقها الى اي حل يأتي عن طريق الاجنبي حتى لو كان على هيئة نبي مرسل.
التعليقات