السبت:07. 01. 2006

كرم نعمة

لن اعيد الاجابة ذاتها الباردة والجاهزة التي غالبا ما أرد بها على طلب والدّي المتكرر، عما أذا كنت قررت الزواج، على صديقة وهي تسالني بود السؤال نفسه، لا اشك وفق التقويم المفرط بالتفاؤل بنيتها الحسنة! لكنني أعتقد أن قناعاتي الذاتية متسقة تماما مع مسوغات رفضي.
اجبتها بهدوء ووضوح وبلا المواربة التي استخدمها غالباً مع والدّي منذ سنوات طوال (ربما لانني لاأريد أن اصدمها بقناعاتي).
لكن سؤال جون تيرني في صحيفة نيويورك تايمز أمس الاول أعاد السؤال نفسه بموضوعية أجتماعية جعل الامر بالنسبة لي أكثر جدية من نزق الرفض الذي يتلبسني، وجعلني أشعر بانانيتي كرجل تستهوية المتعة الشخصية مع النساء باحترام ويخلص لها باقصى مايملك، ويرفض الزواج كفكرة قائمة على اساس أجتماعي واضح!
تساؤل تيرني في مقاله المعنون (عندما توجد ثلاثة نساء لكل رجلين في الجامعات الأميركية، فمن ستتزوج الثالثة؟)
ليس هذا سؤالا نظرياً كما يقول، فالفتيات اللائي كنا أقلية في الجامعات قبل ربع قرن، يمثلن اليوم 57 في المائة من الجامعيين، ومن المتوقع أن تصل نسبتهن الى 60 في المائة خلال خمس سنوات. وهو ما يعني ان المزيد من النساء، ولا سيما السود، سيصبحن في وضع يسمح لهن بالحصول علي مرتبات أفضل ووظائف أكثر من ازواجهن، وهو ما يخلق وضعا مشابها لرواية (كبرياء وتحامل) لجين اوستين.
وبمقدورنا الان أن نعيد السؤال بصيغة عراقية محضة : (عندما توجد خمس نساء لكل رجلين في المجتمع العراقي، فمن ستتزوج الثلاث الباقيات؟)
واقول أيضا هذا السؤال ليس نظرياً في الواقع العراقي، وحتى اذا افترضنا ان الرجلين سيتزوجان فعلاً من إمرأتين، وهو أمر غير متحقق، فان النساء الثلاث المتبقيات أما ان يقبلن على مضض برجل سيمارس عليهن ذكوريته بطريقة متخلفة، أو يصبحن زوجات ثانيات لرجل متزوج أصلا، وهذا منطق ذكوري أسوء من الاول لانه لايمكن لرجل صادق مع مشاعره ان يقسمها بين أكثر من زوجة واحدة.
هل تتزوج المرأة او يتزوج الرجل كي يتشاجران على متطلبات معيشتهما؟ أم من أجل اقامة كيان متسق ومتناغم في دولة تحترم حقوق الانسان في المعيشة الكريمة؟
يبدو ان السؤال الاول هو القائم بقوة في عراق اليوم،الا أذا افترضنا أن هناك مئات الالاف من القنوات الفضائية التي تكرر نفس دور قناة الشرقية بمساعدة الشباب على الزواج، وهو افتراض مضحك وخيالي، ينبغي حينها على الحكومة راعية الشعب ان تعيد سؤال شكسبير (أيها الخجل أين حمرتك؟)
الامر عندنا ليس كما يفترضه جون تيرني بالفارق في فرص العمل بين المراة والرجل في امريكا وايهما يحصل على وارد أكثر ويطمح أن يقترن باخر لايقل عن وارده، وأنما في جحيم حياة متصاعد في العراق يحتم علي المرأة والرجل معاً أن يقاتلا كل ساعة من اجل الخبز والوقود والماء والكهرباء،من أجل ان يشعرنا بأنهما كائنان قادران على ممارسة الحب بحب! وهذا غير ممكن في وطن يتضاءل الامل فيه كل ساعة.

Karamnama@azzaman