تركي بن عبد الله السديري
أرييل شارون.. عدو عربي.. بطل إسرائيلي.. ربما حتى هذا التعريف المقتضب - الذي يسجل صفة العداوة المتوحشة في شخصيته - لا يكون مقبولاً طالما سوف ترصد له صفة بطولة في الجانب الآخر.. تعودنا في العالم العربي أن نلغي صفات الآخرين ونحتفظ لأنفسنا بكل مواقع التفوق وفردية الكفاءة.. هذا على الأقل يحدث على مستوى القيادات العربية التي حتى عندما خرج بعضها لكي يغتصب السلطة لم ينسَ أن يسمي بضع عشرات حوله بالضباط الأحرار وسط آلاف ربما من فئة العبيد حسب مدلول التعريف.. ولعل القادة الأكثر اعترافاً بالشعارات والهتافات وسرمدية الأماني الحالمة هم الذين تبرزهم مناسباتهم وكأنهم رب بشري هبط إلى الأرض..
شارون بدأ من نقطة الصفر تماماً.. طفل فقير.. استعار معطفاً عندما أراد زيارة أمريكا في سن الشباب.. قضى حياته في معارك متواصلة.. ورغم أنه المنتصر الأساسي من بين كل القادة العسكريين في حرب laquo;73raquo; إلا أنه لم يركب دبابته ويغتصب السلطة ويقتل من هم أكبر منه سناً بمعاذير الثورات المألوفة.. ولكنه بعد خروجه من الحياة العسكرية قاد أكثر المعارك السياسية نجاحاً كمعارض وكمؤسس رؤية إسرائيلية تقبلت مبدأ السلام ولو أتى محاصراً بجدران لعُزل وشُتّت في غربة التوزع ما بين المستعمرات اليهودية..
لقد سبق إسحق رابين في التوجه نحو السلام مع العرب إلا أنه لم يكن في قوة شخصية هذا البرميل الضخم من الثقة بالنفس فلم يفعل شيئاً ملموساً من أجل السلام مع الفلسطينيين..
تقرأ مذكرات شارون فيأتيك الظلم صارخاً عندما تجد أن زوجاً من دولة أوروبية شرقية وزوجة من دولة أخرى لا يعرفان شيئاً عن لغة فلسطين.. عربية أو عبرية.. ومع ذلك فهما يأتيان إلى laquo;أرض ممنوحةraquo; من قوة دولية ظالمة ويتحقق من الزواج ميلاد رجل دولة يتحكم وبعنف بمصائر السكان الأصليين كما لو كان قد دفن له ولو جد واحد في أرض أولئك السكان..
وتقرأ مذكرات شارون فتجد نموذجية سلوك وتعامل مع قضايا الإسرائيليين الخاصة فتجد اختلافاً جوهرياً عما هو عليه حال التعامل مع القضايا العربية من قبل من بمقدورهم حل تلك القضايا وطرح أفكار التأسيس لمجتمعات قادرة على حماية ذاتها.. خصوصاً وأن إسرائيل لم تتوسع فقط كدولة محتلة ولكنها توسعت أيضاً كدولة نتيجة بيع من صناعاتها لدول متقدمة صناعياً مثل الهند..
إن معركة الكراهية بين العرب والإسرائيليين - وهي في اعتقادي كراهية مبررة من قبل الفلسطينيين - ستبقى متأججة ما لم يحكم إسرائيل رجل في مثل قدرة شارون على التعامل مع أمثال نتنياهو ومدرسة المخادعة تحت مظلة النفوذ الأمريكي..
التعليقات