الأحد:08. 01. 2006

نظرية المؤامرة(2)
سعد محيو


أضخم نظرية مؤامرة في التاريخ تدور حول أهم إنجاز أمريكي في التاريخ: الهبوط على سطح القمر في 20 يوليو/ تموز 1969.

وهي، بالمناسبة، نظرية لها جماهيرية كاسحة: 20 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن السلطات الأمريكية زورت هذه الرحلة وأجبرت ldquo;ناساrdquo; على تصويرها في صحراء نيفادا، بهدف إجهاض التفوق السوفييتي الكاسح في سباقي الفضاء والحرب الباردة.

الأدلة التي يقدمها أنصار هذه النظرية تكاد لا تحصى، من العلم الأمريكي المرفرف فوق سطح قمر لا هواء فيه، إلى غياب ظلال رواد الفضاء على السطح (مما يشير إلى وجود إضاءة اصطناعية داخل الاستوديو)، مروراً بالطبع بالصمت المريب لوكالة الفضاء الأمريكية ووجود رئيس ldquo;محتالrdquo; آنذاك هو ريتشارد نيكسون على رأس الادارة. هذا إضافة إلى الشرائط الوثائقية التي بثتها ldquo;بي.بي. سيrdquo; ومحطة ldquo;فوكسrdquo;، والتي تعزز نظرية تزوير ldquo;هبوط الصقر (أبولو-11)rdquo; على القمر.

ماذا إذن؟ هل هبط الأمريكيون على القمر في صيف ،1969 أم ان هذا كان مجرد حلم ليلة صيف ldquo;تآمريrdquo;؟

لا أحد سيعرف على وجه اليقين قبل أن يقوم أحد من أوروبا أو اليابان أو الصين بتصوير بقايا الأدوات الفضائية التي يفترض أن الرائد أرمسترونج تركها وراءه هناك.

لكن في الانتظار، في وسع الشكاكين الأمريكيين المفاخرة بأن العديد من نظرياتهم التآمرية أثبتت صحتها، أبرزها:

كشف النقاب عن ldquo;عملية نورث وودrdquo; التي وضعتها ldquo;البنتاجونrdquo; في الستينات لارتكاب أعمال إرهابية ضخمة في الداخل الأمريكي (ربما تشبه أحداث 11 سبتمبر/ ايلول)، لتبرير غزو كوبا.

تأكيد قيام السلطات الأمريكية بإجراء تجارب السيفليس لمدة 50 عاماً على السكان السود في بلدة بولاية ألاباما، في إطار أبحاثها حول الحرب الجرثومية.

تأكيد الجنرال سميدلي باتلر أمام الكونجرس وجود مؤامرة العام 1933 للقيام بانقلاب عسكري في أمريكا، خططت له مجموعة من كبار الصناعيين الأغنياء الأمريكيين لإطاحة الرئيس فرانكلين روزفلت وإقامة حكومة فاشية.

اعتراف ال ldquo;سي.آي.ايهrdquo; والجيش الأمريكي بقيامهما طيلة الفترة من الخمسينات إلى السبعينات بأبحاث حول السيطرة على العقول بواسطة العقاقير والكيماويات، طاولت العديد من كبار الكتاب الأمريكيين. كل هذه الوقائع، وغيرها الكثير، كانت مجرد نظريات مؤامرة قبل الاعتراف بها أو تأكيدها. وكلها صنفت من قبل السلطات الأمريكية حين خرجت إلى الوجود في خانة الأمراض النفسية أو الخيالات المريضة.

لكن، وكما يتضح الآن، نظريات المؤامرة تشبه إلى حد بعيد الإله الاغريقي الشهير (جانوس). فهي بوجهين أحدهما حقيقي باسم والآخر خيالي متجهم. والوسيلة الوحيدة لتمييز الوجهين، ومعهما الغث والسمين في هكذا نظريات، هي تعريضهما لضوء شمس الوقائع والعلم والحقائق.

* * *

هل يمكن الاستعانة بهذه الشمس للتدقيق بنظريات المؤامرة حول العراق؟

أجل. بالتأكيد.

كيف؟