عبد الرحمن الراشد

هذه ليست نبوءة للعام الجديد بل قراءة لاحداث الساعة. فوفاة شارون سياسيا غير المتوقعة تعادل حالة انقلاب، وعراك الفصائل الفلسطينية ينذر بحرب اهلية.

نحن الآن ندخل مرحلة جديدة لا نعرف معها من سيقود اسرائيل ولا كيف سيدير القضايا الخطيرة المقبلة. هل سيدخل اليمين المتطرف ومعه سنوات سيئة؟ ام سيكسب اليسار الاسرائيلي ويتحقق مشروع اقامة دولتين وفق وضع حدود ما قبل حرب 67؟

القلق من المجهول مرده احتمال اعتلاء بنيامين نتنياهو السلطة عبر حزب الليكود، حيث ستكون تبعاته على الجانب الفلسطيني سيئة وخطرة.

أما في داخل المعسكر الفلسطيني فنحن نشهد بوادر حرب أهلية حقيقية، حيث انشق الأخوة في الهدف والبندقية على بعضهم الى معسكرات حرب متخندقة، وبعضهم مستعد لاستخدام السلاح. في الافق حرب أهلية فلسطينية فلسطينية بدأت بخطف الاجانب، واحتلال مقرات الحكومة، وتبادل اتهامات التخوين، والتهديد بالقتال بالذخيرة الحية.

ومهما اوغل البعض من العرب في الدعاء بأن يأخذ ربنا روح شارون فان الآتي قد يكون اسوأ. دعوتهم استجيبت لأن شارون مات سياسيا وإن خرج يمشي على قدميه من المستشفى، وذلك وسط فرحة اليهود المتطرفين الذين يقولون انهم ايضا دعوا عليه بالموت لأنه اخرجهم من غزة واعلن عزمه لانسحابات مقبلة من الضفة الغربية.

وبين الانقلاب في بيت الحكم الاسرائيلي مع جلطتي شارون ومؤشرات الحرب الاهلية الفلسطينية ندخل مرحلة بالغة الخطورة والخاسر فيها الجانبان الفلسطيني والعربي عموما.

الأكيد اننا لا نؤثر على القرار الاسرائيلي الا في حالة واحدة وهي توحيد القرار السياسي الفلسطيني الذي يعني اهمية تطويق الأزمة الفلسطينية. ان اندلعت المعارك بين الفصائل والتنظيمات سيكون رأب الصدع صعبا وسننشغل في العالم العربي سنة كاملة نحاول اصلاح ذات البين بدل تحقيق اقامة دولة فلسطينية مستقلة.

النزاع الفلسطيني وغياب شارون هما اللذان سيمنحان اقصى المتطرفين الاسرائيليين فرصة لتسلم دفة الحكم. فكل اسرائيلي، مهما كان ميالا للانسحاب، سيجد ان أمنه مرتبط بزيادة قوته وسيضطر الى منح ثقته لرجل موتور مثل نتنياهو.

ومع ان المعلقين العرب لا يلقون بالا للخطوات التي حققها الفلسطينيون خلال مسيرتهم الأخيرة، حربا وسلما، الا انها بالنسبة للمواطن الفلسطيني تعتبر مهمة بعد نحو عشر سنوات من الحرمان والمعاناة والسجن الجماعي. الى البارحة، وقبل تأزم الموقف الأخير، كسب الفلسطينيون كل معاركهم من تحرير غزة ودفع الاسرائيلي للاستعداد للانسحاب الجزئي الاولي من الضفة وفتح الممرات وتنظيم التنقل بين القطاع والضفة وفتح معبر رفح مع مصر، اضافة الى المكاسب الادارية والمعيشية المهمة في حياة الفرد اليومية. اليوم على الفلسطينيين ان يعوا خطورة الاقتتال على المناصب والمنافع خاصة انها في وقت يقرر فيه عدوهم من سيقود المعركة او السلام ضدهم.