فاتح عبدالسلام


هناك ثلاثة انواع من الاوراق السياسية في العراق، ورقتان لعب بهما الجميع حتي اهترأتا وتوسختا واحترقتا لكنهما لا تزالان فاعلتين وقادرتين علي احياء نفسيهما من الرماد الاولى ورقة التلويح بالقوي الخارجية الساندة للاعبين السياسيين في الميدان وهي امريكية أو عربية أو ايرانية. و الثانية ورقة تجييش الشارع تحت قرع طبول النوازع الفطرية للانسان في الانتماء القبلي أو العرقي أو الديني أو المذهبي أو المناطقي. اما الورقة الثالثة فهي ذلك الشيء المضموم المستتر الذي يحاول كل طرف الاشارة الايمائية اليه علي نحو يزيد من غموضه والتأويلات ازاءه لتضخيم قوته في نظر الخصم من اجل التأثير النفسي عليه. ويبدو ان العوامل النفسية هي المستحكمة في هذه الورقة فضلا عن تأثيرها الكبير علي أوضاع السياسيين العراقيين الذين يبدون في المشاهد التفصيلية المكبرة واقعين تحت منخفض جوي نفسي كبير جعل اجواءهم ملبدة علي الدوام. فلا تصريح واضح ليصل الي فكرة وعمل، ولا استقرار علي رأي من الممكن ان ينعكس ايجابيا علي استقرار الناس، ولا قواسم مشتركة تزيد علي الشعارات التوافقية العامة التي تدور حول الحرص علي سلامة العراق ووحدته ارضا وجوا ومياها وشعبا من دون ان تنزل من فلكها الدائرة فيه الي ارض الواقع. حيث المفردات المتداولة في القاموس السياسي اليومي توحي بانها تحولت شئنا أم أبينا الي أستار واقية للسياسيين أو الدائرين في افلاكهم أو المستغلين لخصوماتهم الزائدة عن حدها لارتكاب اشنع الافعال تحتها وفي ظلها، فحين يستهل سياسي اي تصريح بالقول (اخواننا الشيعة..) فانك تتوقع في وقت متزامن ارتكاب مجزرة ذات دلالة طائفية قذرة ضد الابرياء من الشيعة العراقيين وحين يستهل سياسي اخر حديثه بالقول الهاديء الاملس (اخواننا السنة...) فذلك يعني ان تراقب الارجاء من حولك لتحصي عدد الاختطافات والاغتيالات التي تنفذ تحت جنح الليل وفي الاحياء السكنية أو اقبية التعذيب ضد مدنيين من السنة. حتي صار المرء يتشاءم ان يفتتح اي سياسي كلامه بالقول اخواننا من الجماعة الفلانية. ومادام الموت محيق بالجميع عبر الاتجاهات الاربعة فلم لا نستهل خطبنا بالقول (اخواننا وابناؤنا العراقيون) حتي لو كان الكلام يخص طائفة بعينها اكثر من سواها. وحدوا معاني مفرداتكم لعل قلوبكم ينالها شيء من التواد والرحمة بالعباد والتآلف.. وفي رواية اخري شيء من التوافق أو الائتلاف!

[email protected]