الإثنين:09. 01. 2006


تقريرrlm;:rlm; ليلى حافظ


لن يستطيع الرئيس الفرنسي جاك شيراك تلبية دعوة آرييل شارون رئيس وزراء اسرائيل بزيارة منتجعه في صحراء النقبrlm;.rlm; الدعوة التي كان قد وجهها اليه رئيس الوزراء الاسرائيلي في يوليو الماضي في أثناء زيارته التاريخية لفرنسا تأكيدا علي عودة العلاقات الطيبة بين الزعيمين بعد سنوات من التوتر والاضطراب الذي وصل في وقت ما إلي اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي شخص غير مرغوب فيه في فرنساrlm;.rlm;

فخلال السنوات الماضية وحتي يوليةrlm;2005rlm; تدهورت بسرعة العلاقات الاسرائيلية الفرنسية أو بالأخص العلاقات بين شيراك وشارون لسببين أساسيين الاولrlm;:rlm; أن شارون لم يغفر لشيراك علاقته الوثيقة بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وإيمانه بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية والثانيrlm;:rlm; أن شيراك لم يغفر لشارون دعوته ليهود فرنسا بالهجرة إلي اسرائيلrlm;.rlm;

فكانت فرنسا الدولة الوحيدة من الدول الغربية التي كانت تتعامل مع عرفات باعتباره الرئيس الشرعي للشعب الفلسطينيrlm;.rlm; وكان المسئولون الفرنسيون يلتقون معه في مقره في رام الله في تحد لتحذيرات شارون الي أي زعيم غربي من لقاء عرفات وتهديده بمقاطعته ورفض لقائهrlm;.rlm; فقام وزير الخارجية الفرنسي مرتين مرة في عامrlm;2002rlm; عندما كان يتولي الوزارة دومينيك دي فيلبان ومرة ثانية فيrlm;2004rlm; مع الوزير ميشيل بارنييه بزيارة الرئيس عرفات في مقره رغم كل العزلة التي فرضها شارون علي الرئيس الفلسطينيrlm;.rlm;

فقد ظلت فرنسا متمسكة بمبادئها التي حددت سياساتها في الشرق الاوسط منذ عهد الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديجول واستمرت مع كل الرؤساء التالين له وهي السياسة التي تبنت حلا عادلا للقضية الفلسطينية وموقف شيراك الذي اعتبر دوما أن الرئيس عرفات هو الشريك الشرعي لمفاوضات السلام مع اسرائيل لأنه هو الرئيس المنتخب شرعيا من شعبهrlm;.rlm; وذلك بعكس ما كان يزعمه كل من شارون والرئيس الأمريكي جورج بوش واللذين كانا يرددان أن ليس هناك شريك للسلام علي الجانب الفلسطينيrlm;.rlm;

وفي نهايةrlm;2004rlm; كانت باريس هي المحطة الأخيرة للرئيس عرفات حيث استقبلته فرنسا لعلاجه من مرض في أمعائه غير معروفrlm;.rlm; وبقي في المستشفي العسكري فال دي جراس حتي وفاته في نوفمبرrlm;.rlm; فكما استقبلته فرنسا بصفته رئيسا شرعيا للشعب الفلسطيني ودعته كرئيس دولةrlm;.rlm; فأقامت له جنازة رسمية علي مستوي رؤساء الدولrlm;.rlm;

وعلي الجانب الأخر لم يغفر الرئيس الفرنسي لشارون أنه كان يدعو كل عام منذ عامrlm;2002rlm; يهودي فرنسا إلي الهجرة إلي اسرائيلrlm;.rlm; وكان يحذرهم في دعوته لهم منrlm;'rlm; معاداة السامية التي تفجرتrlm;'rlm; في فرنساrlm;,rlm; وذلك كما قال شارون في دعواه بسبب العدد الكبير منrlm;'rlm; المسلمينrlm;'rlm; هناكrlm;.rlm; وزيادة في إغرائهم علي الهجرة من فرنسا وعد شارون يهودي فرنسا ممن يريد الهجرة بمنحهم مساعدة مالية وفرصة عمل وسكنrlm;.rlm; كما هاجم شارون فرنسا بحدة واصفا اياها بأنها أكثر الدول الغربية معاداة للسامية لانrlm;10%rlm; من سكانها من العرب المسلمينrlm;.rlm;

ولقد وصلت حدة التوتر بين الدولتين بسبب دعوة شارون في عامrlm;2004rlm; إلي حد أن الرئاسة الفرنسية نقلت إلي شارونrlm;'rlm; شفهياrlm;'rlm; رسالة تقول له فيها انهrlm;'rlm; غير مرحب به في فرنساrlm;'rlm; حيث كان من المقرر أن يقوم بزيارة لم يتحدد موعدها وذكرت الرسالة أن فرنسا قد علقت زيارة وزير الخارجية ميشيل بارنييه إلي اسرائيل في نفس العام إلي حين يصل فرنسا إيضاحات من رئيس وزراء اسرائيل حول تصريحاته إلي يهود فرنساrlm;.rlm; ووصل الوضع إلي حد أن صرح جان لوي دوبريه رئيس الجمعية الوطنية بأن شارون قدrlm;'rlm; اضاع فرصة لأن يصمتrlm;'.rlm;

لقد تركت تلك المواقف الاسرائيلية جرحا عميقا داخل المجتمع الفرنسي خاصة ان اليهود الفرنسيين هم اكثر يهود أوروبا الغربية استقرارا في وطنهم ولا ينسون أبدا أن نابليون بونابرت والجمهورية الفرنسية كانت اول من منحتهم الجنسية في القرن التاسع عشرrlm;.rlm; وأبدت الاحزاب السياسية الفرنسية استياءها من تلك التصريحات وذكر البعض أنها غير مبررة وغير مقبول التلميح بأن هناك حربا دينية في فرنساrlm;.rlm;

وفي نفس الوقت اعربت المنظمات الدينية اليهودية تحفظها علي دعوة شارونrlm;,rlm; واعتبرت أنها تضع الوقود علي النارrlm;.rlm; وحللت وسائل الاعلام تلك السياسة بانها محاولة تحييد فرنسا التي تعتبر اكثر الدول الغربية موالية للقضية الفلسطينيةrlm;.rlm;

ولكن التوتر في العلاقات الفرنسية الاسرائيلية كان يؤثر بشدة في علاقات فرنسا بالولايات المتحدة وعلي دور فرنسا من خلال الاتحاد الاوروبي في عملية السلام في الشرق الأوسطrlm;.rlm; كما إنه كان يؤثر في سياساتها الداخلية أيضا مع الفرنسيين اليهود وهي اكبر جالية يهودية في اوروباrlm;600rlm; ألف يهوديrlm;)rlm; خاصة أن عدد المهاجرين اليهود بدأ يرتفع تلبية لدعوة شارونrlm;.rlm; لذلك كان يجب التوصل إلي حل سريعrlm;.rlm;

وجاءت الانفراجة الاساسية بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفاتrlm;.rlm; فاستبعد مع رحيله في نوفمبرrlm;2004rlm; أكبر عقبة أمام تحسين العلاقات الفرنسية الاسرائيلية وفتح الطريق أمام إمكانية إستقبال شارون في فرنسا التي قام بزيارتها بناء علي دعوة من الرئيس شيراك وجهها اليه في ربيعrlm;2005.rlm;

وفي نهاية شهر يوليو استقبل الرئيس جاك شيراك رئيس الوزراء الاسرائيلي ليفتح معه مرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتينrlm;.rlm; وحتي لا يتساءل أحدrlm;:rlm; هل قدم شارون ايضاحات علي تصريحاته ودعوته إلي اليهود كما طلبت منه باريس ذلك قبل عام ؟ تحدثت وسائل الإعلام الفرنسية عن أن التوتر بينهما كان نتيجةrlm;'rlm; سوء فهمrlm;'!rlm;

ورغم أن شيراك أوضح في كلمة الترحيب التي استقبل بها شارون بأن استقباله له هيrlm;'rlm; رسالة ثقةrlm;'rlm; توجهها فرنسا إلي صديقها الا أنrlm;'rlm; الصديقrlm;'rlm; قام مرة أخري بتوجيه نفس الدعوة إلي يهود فرنسا بالهجرة إلي اسرائيل من خلال حديث في صحيفة لوفيجارو الفرنسية بمناسبة الزيارة الا أن تلك الدعوة مرت هذه المرة بدون أزمةrlm;.rlm; ورأي شيراك في حديث ادلي به في ذلك الحين إلي صحيفة هاآرتس أنrlm;'rlm; الواقع يبقي أن العلاقات بين اسرائيل وفرنسا قوية ووصف مبادرة شارون للانسحاب من غزة بأنها مبادرةrlm;'rlm; شجاعةrlm;'.rlm;

إن خروج شارون من الساحة السياسية الاسرائيلية الآن سوف يغير الكثير في شكل العلاقات بين الدولتينrlm;.rlm; ومع غياب كل من عرفات اولاrlm;,rlm; ثم شارون ومع التغييرات السياسية المتوقعة في فرنسا مع الانتخابات الرئاسية في عامrlm;2007rlm; فإن مرحلة جديدة من العلاقات بينهما ستبدأ تميزها في الاساس بالتركيز علي الجوانب الثنائيةrlm;.rlm; وفي نفس الوقت سوف تنتهي فاعلية واهمية خارطة الطريق التي تعيرها فرنسا أهمية خاصةrlm;,rlm; وبالتالي تتنازل طواعية عن دورها في عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينيةrlm;.rlm;