الإثنين:09. 01. 2006

... الغالبية تتوقع تقدم التحقيق في اغتيال الحريري وتتخوف من النفوذ الإيراني في الساحة الفلسطينية


بيروت ndash; محمد شقير

توقعت مصادر وزارية رفيعة المستوى ان يحقق التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع بداية العام الجديد تقدماً ملموساً معززاً بالأدلة والبراهين، سيرتب، مع استعداد القاضي البلجيكي سيرج براميرتس لتسلم رئاسة اللجنة خلفاً للألماني ديتليف ميليس تداعيات سياسية على الصعيدين السوري واللبناني قد تدفع باتجاه تصعيد المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية اميل لحود.

وأوضحت المصادر لـ laquo;الحياةraquo; ان العودة الى تصعيد المطالبة باستقالة لحود ستضع لبنان امام مرحلة وسياسة جديدة من دون الدخول في التفاصيل التي املت عليها الرهان على ان بقاءه في سدة الرئاسة الأولى يتوقف على عامل الوقت، مبدية ارتياحها الى الموقف المتطور للبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير الحريص على موقع الرئاسة رافضاً التفريط فيه لمصلحة اشخاص.

ونقلت المصادر التي واكبت زيارة وزير الخارجية البريطاني جاك سترو لبيروت الأسبوع الماضي عن الأخير قوله ان العام الحالي سيكون حافلاً بالإنجازات بالنسبة الى لبنان. ومحذرة في ضوء المحادثات التي أجراها مع كبار المسؤولين اللبنانيين من مغبة عدم التعاون السوري الجدي مع لجنة التحقيق الدولية ومن استمرار تدخل دمشق في الشؤون الداخلية اللبنانية ورفضها التجاوب مع السلطات المحلية في بيروت لضبط الوضع الأمني ووقف مسلسل الاغتيالات الذي استهدف عدداً من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية.

وأكدت ان اهمية زيارة سترو لبيروت تكمن اولاً في الرد المباشر على الذين اخذوا يتصرفون مع القرار الدولي الرقم 1644 الصادر عن مجلس الأمن بناء للتقرير الثاني الذي رفعه إليه ميليس عن اغتيال الحريري وكأن المجتمع الدولي اصيب بهزيمة بسبب عدم توصله الى ما يثبت ضلوع مسؤولين سوريين في الجريمة وبالتالي فإن الفريق المناوئ للغالبية النيابية بدأ الاستعداد، بعد ان نجح في ان يلتقط انفاسه، للقيام بهجوم سياسي مضاد للقوى المنتمية الى الرابع عشر من آذار (مارس).

وفي هذا السياق، كشفت المصادر ان سترو شدد على مساعدة لبنان لتمكينه من استرداد سيادته واستقلاله وسيطرته على كل الأراضي اللبنانية وأن المجتمع الدولي سيتصدى لأي محاولة لإعاقة جهود الحكومة على هذا الصعيد، لافتة، نقلاً عن وزير الخارجية البريطاني الى ان المشاورات للجوء الى البند السابع في القرار 1595 قطعت شوطاً بعيداً على طريق إنضاجها لفرضها لاحقاً على سورية في حال رفضت التعاون غير المشروط مع لجنة التحقيق الدولية.

وإذ اقرت بأن سترو نصح كبار المسؤولين في الدولة بضرورة استيعاب الوضع الشيعي والتعامل معه بإيجابية من خلال الإصرار على عودة الوزراء الشيـــعة الخمسة عن قرار تعليق حضورهم جلسات مجلس الوزراء خصوصاً ان لهذه الطائفة دوراً فاعلاً في الحياة السياسية اللبنانية، اكدت في المقابل ان الغالبية النيابــــية ليست في وارد القــــبول بعـــــزلها او تطويقها، لكنها، أي الغالبية تعتبر ان اتفاق الطائف كان وسيبقى الناظم الوحيد للعلاقات بين اللبنانيين تحت شعار احترامه وعدم التفريط بالدستور اللبناني او بصلاحيات رئيس الجمهورية.

وأضافت هذه المصادر ان الغالبية كانت ولا تزال مع استمرار الحوار مع حركة laquo;املraquo; و laquo;حزب اللهraquo; لكنها ليست في وارد التسليم لهما باتخاذ القرار في الحرب والسلم من دون العودة إليها والتشاور معها، خصوصاً ان البلد يقف الآن على عتبة الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة تستدعي التواصل.

وتابعت انها لن تسلم بموافقة مجلس الوزراء على صيغة جديدة تتعلق بالمقاومة وسلاحها ودورها ويمكن ان تشكل تجاوزاً لمضمون البيان الوزاري يمكن ان ينتج مواجهة مع المجتمع الدولي، مشيرة الى ان اصرار الحزب والحركة على هذه الصيغة يتطلب موافقة الثنائية الشيعية ومن خلال نص مكتوب على طلب الحكومة انشاء محكمة خاصة ذات طابع دولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الحريري وتوسيع صلاحية لجنة التحقيق للنظر في الجرائم التي حصلت في بيروت من محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة الى استشهاد النائب الصحافي جبران تويني.

وذكرت المصادر ان الغالبية، وإن كانت على علم بالتحالف القائم بين النظام السوري والثنائية الشيعية فإنها لا تطلب منها الانقلاب على هذا التحالف بمقدار ما ان المطلوب عدم التعاطي مع أي مسألة تتعلق بالتحقيق في الجرائم على انها تستهدف سورية وبالتالي لا بد من الوقوف ضدها.

وأوضحت انها ضد التفريط بالمقاومة وبدورها في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن من حقها المطالبة بضرورة ترسيم الحدود بين البلدين لتحديد هوية المزارع لأن من غير الجائز الاستمرار في تحرير ارض غير لبنانية في حال ثبت انها سورية خصوصاً ان دمشق سارعت في الأمس الى التأكيد ان بلدة الغجر سورية، خلافاً لما كان يجرى التداول فيه لبنانياً من ان قسماً منها لبناني والآخر سوري.

وحذرت المصادر من عودة البعض الى استخدام الورقة الفلسطينية في الجنوب وقالت انها تتعامل بحذر مع المعلومات عن تزايد حجم التأثير الإيراني في الفصائل الفلسطينية المنتمية الى قوى التحالف المدعومة من سورية.

وقالت ان طهران بدأت تتبع سياسة جـديدة حيال لبنان تحاول من خلالها تجميع اكبر عدد من الأوراق، ليس من اجل استخدامها، وإنما للتلويح بقدرتها على التأثــير في مجريات الأحداث في لبنان وذلك كورقــة ضغط تمارسها على الولايات المتحدة الأميركية والمجموعة الأوروبـية في معركتها laquo;النوويةraquo;.

وبكلام آخر، ترى المصادر ان طهران كانت تحظى بتأثير في الساحة اللبنانية من خلال البوابة السورية، اما اليوم فإنها تتمتع بدور مباشر.

وأكدت أن الدور الإيراني اخذ يتزايد في الساحة الفلسطينية في لبنان وان لإعادة السفير الإيراني محمد حسين اختري الى منصبه السابق في دمشق علاقة مباشرة بالنفوذ الذي اخذت تتمتع به القيادة الإيرانية الجديدة. لكنها توقفت في المقابل امام ما يتردد عن تكليف تيري رود لارسن بمتابعة ملف الجنوب اللبناني بعدما كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان كلفه بمتابعة تنفيذ القرار 1559 خصوصاً ان مجلس الأمن سيدرس قبل نهاية الشهر الجاري الطلب اللبناني التمديد لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب بعدما كان دعا في القرار 1614 الى انتشار الجيش اللبناني فيه.

واعتبرت هذه المصادر ان مجلس الأمن سيدعو في قراره الجديد الحكومة اللبنانية الى نشر الجيش في الجنوب مؤكدة ان القوى الأمنية اللبنانية باشرت قبل فترة قصيرة تعزيز مراكزها الأمنية اضافة الى استحداث مراكز جديدة لها في منطقتي صور وبنت جبيل.

وعلى أي حال، والكلام للمصادر، فإن الجـــنوب قد يكون امام مرحلة جديدة في حال وفـــاة رئـــيس وزراء اسرائـــيل أرييل شارون والمجيء بخلف له لا يستطيع السيطرة على قرار المؤسسة العسكرية التي ستضطر في حال عودة التـــوتر الى الجنوب الى الرد بعــنف وهـــذا ما يستدعي ضبط الوضع في ظل التوقعات الدولية من ان المجتمع الدولي سيضغط باتجاه انسحاب اسرائيل من منطـــقة المزارع وتســليــمها لقوات الطــوارئ وهــــذا ما يـــرغــــم لــــبنان على مطالبة ســورية بترسيم الحدود كأمر واقع لتحديد هوية المزارع وصولاً الى اتخاذ القرار المناسب الذي لا يتعارض والمناخ الدولي الذي يحضر له.