الإثنين:09. 01. 2006

جميل الذيابي

و laquo;شهد شاهد من أهلهraquo;... أقل ما يمكن ان يقال عن شهادة الحجاج العراقيين، الذين منعتهم حكومة رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري من أداء فريضة الحج، على رغم فوزهم بـ laquo;القرعةraquo;، خصوصاً أنها تزامنت مع الرد السعودي على تصريحات الجعفري، التي ادعى فيها أن المملكة لم تسهل دخول العراقيين الراغبين في أداء فريضة الحج هذا العام، وأنها لم تأخذ في الاعتبار رغبة أعداد متزايدة من العراقيين في الحج منذ سقوط نظام صدام حسين .

كانت شهادات الحجاج العراقيين أشبه بالصفعة الثقيلة التي ألجمت لسان الجعفري، اذ جاءت على عكس ما يتمنى، فبدلاً من أن يكسب بها جمهور الحجيج، خسر ثقة الشعب العراقي، لأنه حاول رمي اخطاء حكومته على غيره، والتواري وراء حجج واهية.

أتساءل: كيف لشخص بمكانة الجعفري الأكاديمية، يجيد إلقاء المحاضرات داخل القاعات الجامعية، أن يحاول الاستمرار في العمل السياسي عبر كيل الاتهامات والادعاءات والمزاعم المزيفة ضد الحكومات العربية. تارة يشهر سهامه نحو سورية، وتارة باتجاه السعودية، وتارات أخرى باتجاه بلدان عربية وإسلامية أخرى.

الجعفري رجل أكاديمي لا يجيد الحركة في حقول السياسة التي لا يجيد الركض على مضمارها إلا المتمرسون في شؤون العلاقات السياسية والدولية. أليس من الأجدر به ورفيقه صولاغ اعتزال العمل السياسي والتفرغ للعمل الأكاديمي، عسى ان يبدل الله حالهما بأفضل منه!

أعتقد أنه لو جاءت الشهادات ضد الجعفري من الحجاج العراقيين الموجودين في المشاعر المقدسة، لذهبنا بالتحليل في الاتجاه المعاكس، لكن الانباء جاءت من وسط المدن والمحافظات العراقية، وناقلوها عراقيون لا سعوديون، ما يعني ان الجعفري حاول ان يصطاد، ليستفيد من توظيف مواقفه لصالح أجندته السياسية، أو كما قالت وزارة الحج السعودية laquo;ورقة لمعالجة تردي مكانته السياسية داخل بلاده، والزج بشؤون الحجاج لتحقيق مكاسب انتخابيةraquo;.

في هذا العام، منحت وزارة الحج السعودية حوالي 8500 حاج عراقي تأشيرة دخول، فوق الحصة المقررة للعراق من منظمة المؤتمر الإسلامي، وسمحت لهؤلاء الحجاج بالدخول عبر المطارات والمنافذ الحدودية.

لم يقل السعوديون ان آلاف الحجاج العراقيين أمضوا حوالي الأسبوع في المطارات، وظل المئات في جامع أم القرى في انتظار نقلهم الى الديار المقدسة، بل ان الحجاج العراقيين هم الذين اتهموا حكومة الجعفري باعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية والرشاوى والوساطات، في اختيار المشمولين بأداء فريضة الحج.

وجاء على لسان خطيب جامع أم القرى في بغداد، الجمعة الماضية، أن laquo;الأحزاب التي تقود الحكومة تسببت في منع آلاف الحجاج هذا العام من الذهاب الى السعودية، على رغم فوزهم في القرعة التي اجرتها الحكومة، وإكمالهم الإجراءات القانونية الروتينية، ودفع الرسوم المحددةraquo;. وكرر القول: laquo;ان السعودية ليست مسؤولة عن عدم دخولهم، لأنها اكتفت بالعدد المحدد للعراقيينraquo;.

وبحسب ما لدي من معلومات، فإن الجعفري ورفيقه صولاغ قاما بتوزيع النصيب الأكبر من وثائق السفر الخاصة بحجاج العراق والمقررة ضمن حصته، على جماعة الحكيم وحزب laquo;الدعوةraquo;، بهدف دعم موقفهم في الانتخابات، ما يعني ان الوثائق لم توزع بصورة عادلة ومنصفة بين فئات الحجاج العراقيين، بل اخضعت للحسابات المناطقية والمذهبية.

لم يكن استهجان السعودية لمحاولة الجعفري اللعب بورقة الحج، لمعالجة تردي وضعه السياسي، وتذكيره بأنه سبق ان ترأس بعثة حج بلاده قبل توليه منصب رئيس الوزراء، إلا دليلاً على الثقة والمرونة التي تبديها الجهات المعنية بشؤون الحج، وحرصها على تسهيل عملية دخول الحجاج العراقيين وغيرهم.

على الجعفري ان يتذكر ان السعودية لم تفرق بين حاج عراقي أو ايراني أو ليبي، أو أي من الجنسيات الأخرى، نظراً إلى رغبتها في تنظيم أمور الحجيج وحفظ أمنهم، وعلى رغم بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الجهات المعنية بشؤون الحج في السعودية، إلا أنها حريصة على التعامل معهم بالتقدير والاحترام، وإيجاد الحلول لكل المشكلات التي تعترض فترة وجودهم على أراضيها لأداء فريضة الحج.

لا أعتقد ان الجعفري بحاجة إلى من يذكره بأن الحكومة السعودية تستضيف سنوياً الآلاف من حجاج العراق وفلسطين وكازاخستان والصين ووو.... من الجنسيات كافة، وكان هو أحد هؤلاء الضيوف في سنوات ماضية، لذلك فهو مدعو إلى مراجعة نفسه، والتوقف عند نقطة الصدق، ليقول للسعودية: laquo;أعانكم اللهraquo;، وللحجاج laquo;حج مبرورraquo; بدلاً من اللعب بورقة ركن من أركان الإسلام الخمسة، لمصلحة أجندته السياسية ولتحقيق مكاسب انتخابية!