الثلاثاء:10. 01. 2006

محمد المنشاوي

وجدت مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) في عام 2002 وهي تخضع لإشراف إدارة الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية، وتترأسها السيدة ليز تشيني Liz Cheney إحدى مساعدات وزيرة الخارجية وابنة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، والرجل الثاني في ميبي هو جاي كاربينتر، وهو يشرف على الإجراءات وإدارة العمل اليومي. وخلال السنوات الأربع الأخيرة اعتمد الكونغرس الأمريكي ما يقرب من 330 مليون دولار للمبادرة.
خلفية سكوت كاربنتر
انضم السيد كاربنتر إلى إدارة الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية في أغسطس 2004 ليشارك السيدة ليز تشيني في إدارة MEPI ، وقبل عمله هذا مديرا للشئون الحكومية في سلطة التحالف المؤقتة التي حكمت العراق بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، ثم عمل مستشارا في عملية تشكيل مجلس الحكم السابق في العراق. وللسيد كاربنتر خبرة طويلة في مجال دعم الديمقراطية وحماية حقوق الإننسان، وعمل من قبل في المعهد الجمهوري الدولي، ووكالة التجارة الدولية.
كذلك عمل كاربنتر كمتحدث صحفي لعضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا دانكان هنتر، ومساعدا سياسيا لعضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا ريك سنتروم.
حصل كاربنتر على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة هوب بولاية ميتشيجن، وشهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جون هوبكنز بواشنطن العاصمة.
وهذا نص المقابلة مقابلة مع سكوت كاربنتر نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط

تقرير واشنطن:
لماذا لا تعلنون عن أنشطتكم وبرامجكم للقراء العرب بصورة مباشرة من خلال الصحف العربية؟
كاربنتر:
لقد شرعنا في ذلك بالفعل، وبدأنا في نشر إعلانات في الصحف لكي نجعل الشعوب في العالم العربي على دراية بأنشطتنا. نحن نحاول استبعاد دعم عدد من المنظمات غير الحكومية الكبيرة الموجودة هنا في الولايات المتحدة أو في أوربا كوسيط بيننا وبين الشعوب العربية، في مقابل دعم ومساعدة المنظمات الموجودة في المنطقة العربية بصورة مباشرة، والتي ربما ترغب في المشاركة. الأمر الآخر الذي نفعله والذي يحتاج لمراجعة، هو انه عندما نقدم منحة أو نعلن عن برامج(إعلانات)، فإننا نقوم بذلك باللغة الإنكليزية بدلا من العربية وهو محل مراجعة، نحن نسير في هذا الاتجاه لردم الهوة بيننا بقدر المستطاع.
تقرير واشنطن:
ما هي أهم الأفكار التي تحاول مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) أن تنقلها للعالم العربي؟
كاربنتر:
لدينا العزم بسبب الموارد التي نملكها على أن نفيد الناس مباشرة من خلال الدعم والمنح التي نقدمها. لدينا موارد لفرع الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية والتي نسعى من خلالها إفادة جمعيات مدنية في مختلف الدول العربية.
أما فيما يتعلق بالشخص أو الجماعة التي تحظى بالمنح التي نقدمها، فإننا نطلب من كل من تقدم بخطة أو مشروع أن يوضح الكيفية التي سوف يعلنون بها عن دعايتهم كما نسمح لهم بوضع ميزانية مشروعاتهم كي يمكنهم التحدث بصورة أكثر فاعلية عن الرسالة والهدف من وراء المشروع وماذا يحاولون أن يفعلوا.
تقرير واشنطن:
هل من الأفضل أن تصبح مبادرة الشراكة MEPI منظمة أهلية غير حكومية وتبتعد عن الحكومة الأمريكية؟
كاربنتر:
لدينا مؤسسة quot;National Endowment for Democracyquot; ولدينا مجموعة كبيرة متنوعة من المنظمات الغير حكومية. واطلقنا مع مجموعة الدول الثماني الكبرى والحكومات العربية منتدى المستقبل. وسنسعد بالتعاون ودعم المنظمات غير الحكومية ولكن ذلك أمر حرجا أن نجعل المبادرة غير حكومية.... إنني أختلف تماما مع بعض العاملين في مراكز الأبحاث الذين لا يدركون أهمية الربط بين سياستنا كما هي الآن وما يمكن أن تقوم به برامجنا في تغير وتحسين صورة الولايات المتحدة. أنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة تفتقد إلى المصداقية، وبناء على ذلك يفترضون أن نتصرف على هذا النحو. مشروع الشراكة MEPI هو أحد الوسائل التي نعمل من خلالها لبناء علاقات قوية بننا وبين العالم العربي مباشرة. سوف نستمر في جهدنا بالتعاون بقدر المستطاع مع المظمات الأهلية. ولا زال لدينا المرونة والقدرة على توضيح اهتمام حكومة الولايات المتحدة بالإصلاح. وإذا لم تفعل MEPI كل ما لدينا وتقوم بالدور المنوط بها، فيصح أن نصف سياستنا بسياسة الخطابة والكلمات المنمقة.
تقرير واشنطن:
هناك من يقول أن 70% من أموالكم تذهب إلى الحكومات والنظم العربية؟
كاربنتر:
هذه معلومة خاطئة، وواجهنا من يدعى ذلك أكثر من مرة وطالبنا بتصحيح هذه المعلومة. وبصراحة هذا الكلام يفتقر الدقة، فليس معنى تمويل أي مؤسسة تابعة بشكل أو بأخر إلى الحكومة يعني أننا نعطي التميل للحكومات. يحاول البعض أن يصور مساعدة أي حكومة هدفه الضغط عليها لتنفيذ مطالب منظمة التجارة العالمي أو لانضمتمها لاتفاق منطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. هذا لا يعني أننا نبعث برسالة غلى الحكومات مفادها أن لديكم شيك على بياض لتفعلوا ما تريدون. هذا ليس صحيحا، فهذه البرامج مخطط لها بشكل جيد ودروس.
تقرير واشنطن:
كيف تتم عملية المحاسبة والتقييم للبرامج التي تقدمون الدعم المالي لها؟
كاربنتر:
أحد أوجه النقد التي كانت توجه إلى MEPI في بدايتها هو عدم وجود طريقة عمل ومنهج واضح وفعال لمسألة المراقبة والمحاسبة. وبصورة عامة لا توجد مؤسسة مكتملة دون نقص أو عيب ولذا فقد قمنا بعمل عدة أمور بهدف إصلاح.
شرعنا كذلك في تأسيس مكاتب إقليمية لـMEPI، فهناك مكتب في الإمارات ومكتب في تونس. والهدف من تأسيس المكاتب الإقليمية هو أن يتوفر في المنطقة موظفون قادرون على التعاطي مع المنح والبرامج وتكون أحدى مهامهم الرئيسية مراقبة ومراجعة النتائج. يستطيع هؤلاء الموظفون بسهولة أن يسافروا إلى دول المنطقة المختلفة ويشاهدوا عن كثب تطور البرامج والمشاريع يوميا. بالإضافة إلى ذلك، يوجد داخل كل سفارة في المنطقة فريق تابع لـ MEPI مسئول عن المتابعة مع المكاتب الإقليمية والمنح والمشاريع المحلية. وفضلا عن كل هذا نتعاقد مع شركات محاسبة وتدقيق من الخارج. لا نقصد بالمراقبة هنا تدقيق الحسابات وتقييم المشاريع فقط، ولكن متابعة تطور المشاريع وإذا ما كانت حققت أهدافها أم لا.
تقرير واشنطن:
هل الأفضل لكم أن تعملوا مع الحكومات أم مع المنظمات غير الحكومية؟
كاربنتر:
كان التعامل مع المنظمات الأهلية في البداية أمرا في غاية الصعوبة ، حيث كان يسود شعور في أن عمل تلك المنظمات يهدد الحكومات . ونحن نعتقد أن أعمال ونشاط تقوم به الحكومات وهناك أعمال يجب أن تقوم بها المنظمات الأهلية دون التناقض بينهما. فإذا نظرنا مثلا إلى السبب الرئيسي في نمو الإسلام السياسي في المنطقة وإلى السبب في النجاح الذي يحققونه، نجد أنه دورهم في تلبية احتياجات الشعوب على المستوى المحلي، يردمون الفجوة التي فشلت الحكومات في ردمها. وهذا هو دور المجتمع المدني في الولايات المتحدة أو في أوربا.
تقرير واشنطن:
ماذا عن موقف الحكومة المصرية الذي عطل البيان النهائي لمنتدى المستقبل في البحرين؟
كاربنتر:
هذا ليس صحيحا. نختلف مع مصر في موقفها عندما رفضت في منتدى البحرين الأخير مبدأ تمويل ودعم أي منظمة تعمل في مجال المجتمع المدني. وكان اعتراض مصر قائم على رفض تمويل أي منظمة غير مسجلة قانونيا. هناك سوء فهم ، حيث إننا لا نقصد تمويل ودعم مؤسسات تعمل خارج دائرة القانون وتنتهك قواعده. ولكن في الوقت ذاته لا نستبعد أي منظمة أو جماعة مشكلتها الوحيدة أنها إلا تحظى برضا الحكومة. لقد حاولت الحكومة المصرية مرارا تشويه سمعة أناس وجمعيات تعمل في مجال المجتمع المدني ونشر الديمقراطية. ولتوضح وجهة نظرنا نضرب مثالا من القاهرة حيث توجد جمعية غير حكومية في مصر في مجال نشر الديموقرطية وترأسها سيدة. تواجه هذه السيدة والجمعية انتقادات على نطاق واسع في الجرائد بحجة حصولها على منحة أميركية مقدارها 50 ألف دولار. والمدهش أن الحكومة المصرية ذاتها تتلقى معونة سنوية من الولايات المتحدة تزيد عن المليار ونصف المليار دولار.
تقرير واشنطن:
هل تدعمون الإسلاميين في العالم العربي؟
كاربنتر:
ابد من التركيز في هذا السياق على أمرين، الأول هو عدم تقديمنا أي دعم للمنظمات الإسلامية التي نعتبرها إرهابية مثل حماس. والأمر الثاني هو عدم رغبتنا في وجود حكومات أخرى في المنطقة تمول مؤسسات إرهابية. أما عن مسألة دعم وتمويل مشروعات المؤسسات إسلامية، فإننا نعتقد أن المنظمات الإسلامية لا تحتاج إلى مساعدات مالية، حيث إن لها مواردها الخاصة كما أنها ترفض في ذات الوقت قبول ذلك. أظن أن هناك الكثيرين في مصر والأردن والمغرب وغيرها يمكن أن يكون لديهم القدرة على تلبية احتياجات شعوبهم بطرقة لا تتناقض مع قواعد الحكومات وبأجندة مختلفة عن الأجندة الإسلامية.
اهتمامنا الأساسي من وراء سياستنا في المنطقة هو أن نري تنوعا وتعددا في المجتمعات العربية. ولذلك فنحن نمارس ضغطا على الحكومات لكي تنفتح على القوى السياسية الأحرى.
تقرير واشنطن:
هل لديكم برامج محددة لتدريب الكوادر الصحفية العربية؟
كاربنتر:
لدينا برامج مثل تلك في وزارة الخارجية، لكنها ليست في ضمن مشروع الشراكة MEPI. وعموما يمكن أن أقدم لك بعض المعلومات الأساسية عن تلك البرامج. ففي كل بلد يوجد صحفيون محترفون مهمتهم تدريب الصحفيين الأحدث، وأظن أن هناك طلبا كبيرا لمساعدة عدد من المنظمات غير الحكومية. ولكن يظل السؤال هو الاحتراف في وسائل الإعلام العربية . هذا السؤال يحتاج إلى أنواع أخرى وأشكال أخرى من تبادل الخبرات بين الصحفيين وتدريب المحررين. ولن تقلق كثيرا إذا قام الصحفيين الذين تدربوا في هذه البرامج بانتقادنا فهذا ليس مهما. المهم هو أن يكون هذا النقد موضوعيا ويتسم بالاحتراف. ففي الولايات المتحدة تقوم الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست بانتقادنا دائما بصورة لاذعة. وهذا لا يضايقنا بسبب أن هذا النقد لا يفتقر معايير الاحتراف ومبادئ الموضوعية. ولكن أين هذه الصحف المحترفة ذات السمعة والمهنية في العالم العربي؟!
تقرير واشنطن:
هل يوجد نشاط لـ MEPI في العراق؟
كاربنتر:
لا يوجد نشاط لـ MEPI في العراق. ربما يبدو مبلغ 100 مليون دولار في السنة المالية 2006 مبلغا كبيرا، لكنه بالنسبة للوضع في العراق لا يعني شيئا. على كل حال، نحن في MEPI نتعاون مع بعض الزملاء الذين يعملون في العراق ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان لتصميم برامج ومجالات دعم الديمقراطية في العراق. لكن MEPI لا تمول أيا من تلك المشروعات والبرامج.