الأربعاء:11. 01. 2006

عاطف الغمري


تشهد الآن عملية إدارة السياسة الخارجية في الولايات المتحدةrlm;,rlm; ومنذ عدة أشهرrlm;,rlm; وضع لمسات علي الوجه الظاهر لهذه السياسةrlm;,rlm; تكسبها تحديدا أشد لكيفية عملها بالنسبة للمختصين في الادارة الأمريكيةrlm;,rlm; ووضوحا أكثر للذين يتعاملون معها هنا في منطقتناrlm;,rlm; باعتبار أننا نحن العرب المعنيين أكثر من غيرناrlm;,rlm; بالمفهوم للجديد للسياسة الأمريكيةrlm;.rlm; ولعل أكثر هذه اللمسات التي يهمنا استيعاب معناهاrlm;,rlm; هو تعريف من هو الخصم أو الطرف المضاد لهمrlm;,rlm; علي الجانب الآخر من خط الدفاعrlm;,rlm; أو خط حماية أمنهم القوميrlm;.rlm; فلمدة طويلة ركزت آلة الاعلام بتكثيف شديدrlm;,rlm; في ترويجها لفكر حركة المحافظين الجدد بالاضافة الي ائتلاف اليمين المسيحيrlm;[rlm; الصهيوني الوجهةrlm;],rlm; علي ان الارهاب الاسلاميrlm;,rlm; هو العدوrlm;,rlm; الذي احتل الجانب الآخر من خط المواجهة بديلا عن العدو الصهيوني السابقrlm;,rlm; لكن هذا المفهوم كانت تصده قوتانrlm;,rlm; لا يمكن تأسيس أي استراتيجية للمدي الطويلrlm;,rlm; حسب طبيعة عمل النظام السياسي الأمريكي ـ بدون تقبلهما لهذا الفهم ومساندتهrlm;,rlm; وهماrlm;:rlm; ـ

rlm;(1)rlm; توافق الرأي العام والتيارات الشعبية الفاعلة والمؤثرةrlm;,rlm; في موجات محتشدة وراء هدف هذه الاستراتيجيةrlm;,rlm; حتي يمكن للدولة ان تتحرك بكامل امكاناتها وطاقاتها نحو هذا الهدفrlm;.rlm;

rlm;(2)rlm; النخبة المتربعة علي قمة التنظير وصياغة الفكر السياسيrlm;,rlm; والتي تتعايش مع بعضها في عملية تفاعل بين مختلف اتجاهاتهاrlm;,rlm; بحيث ينتج في النهاية من هذا التفاعلrlm;,rlm; أسس استراتيجية بعيدة المديrlm;.rlm;

وهذه النخبة تمثل في دولة كالولايات المتحدةrlm;,rlm; النبع ومصدر الإلهامrlm;,rlm; وفي غياب التوافق فيما بينهاrlm;,rlm; لا تملك اي استراتيجية امكانية مد جذورها في عقل المجتمعrlm;,rlm; مما يجعلها نبتا وضعت جذوره عند السطحrlm;,rlm; فيطيح بها أي اعصارrlm;.rlm;

ومنذ شهور قليلةrlm;,rlm; بدأت موجات من المناقشات بين النخبة في مراكز البحوثrlm;,rlm; والمعاهد الاكاديميةrlm;,rlm; لاستراتيجية حكومة بوشrlm;,rlm; ولم تغمض هذه المناقشات عينها عن موقف الرأي العام وتقبله لهذه الاستراتيجيةrlm;,rlm; من خلال رصد استطلاعات الرأيrlm;,rlm; وكانت المناقشات تركز علي سؤال رئيسي هوrlm;:rlm; ما الذي يهدد الأمن القومي؟ هل الجماعات الارهابية التي تحمل اسم الاسلام هي مصدر التهديد للأمن القوميrlm;,rlm; أم ان لهذا الارهاب تربة في خلفية نشاطهrlm;,rlm; تولدهrlm;,rlm; وتنشئه وتصدره؟rlm;..rlm; وبالتالي يكون استئصال الجذور أجدي من قطع فروع النبتrlm;.rlm;

وبدا ان الاتجاه العام في هذه المناقشات يأخذ بالفكرة التي تقول ان الجذور تتمثل في غياب الديموقراطيةrlm;,rlm; وشيوع حكم الاستبدادrlm;.rlm; هذا مع ملاحظة تجاهلهم ان الجذور تتعددrlm;,rlm; ومنها علي الأخص الظلم الواقع علي الفلسطينيينrlm;,rlm; والذي يوجد بيئة للاحباطrlm;,rlm; الذي يمكن ان ينتج ردود فعل غير محسوبةrlm;.rlm;

وبالتالي ينبغي التحول من توصيف الخصم علي خط المواجهة من ارهاب اسلامي الي أنظمة الاستبداد والاتفاق علي ان وجود هذه الأنظمة هو مصدر التهديد للأمن القوميrlm;.rlm; وكان الرئيس بوش قد أدخل تعديلا جوهريا علي نظرته لقضية الديموقراطية في الدول العربيةrlm;,rlm; أعلنه في خطاب تنصيبه للولاية الثانية في ينايرrlm;2005,rlm; تحول فيه من مطالبة الأنظمة بالاصلاح السياسي والديموقراطيةrlm;,rlm; الي جعل سياسته في موقف مواجهة ضد الأنظمة التي لا تأخذ بالحكم الديموقراطيrlm;,rlm; حين هدد العدو بعبارة حكم الاستبدادrlm;.rlm; وأن رسالة أمريكا في العالم هي الحريةrlm;,rlm; ووعد باستخدام نفوذ أمريكا من أجل قضية الحريةrlm;.rlm; وكان هناك عنصران يشددان من توجهه نحو إعادة الصياغة هماrlm;:rlm;

rlm;1rlm; ـ موقف الرأي العامrlm;,rlm; والنخبةrlm;,rlm; خاصة من أصحاب الاتجاه الليبراليrlm;,rlm; وليس المحافظrlm;,rlm; غير المقتنع بأن العدو علي خط المواجهة هو جماعات ارهابية بلا عنوانrlm;,rlm;

بينما الأمن القوميrlm;,rlm; يجب ان يستند الي تعريف واضح المعالم لمصادر تهديدهrlm;,rlm; بأبعادها الاستراتيجيةrlm;,rlm; وليس بما هو ظاهر علي السطحrlm;.rlm;

ان فشل الحرب الأمريكية في العراق في تحقيق أهدافها بعيدة المديrlm;,rlm; يعتبر حكما بالفشل علي استراتيجية جماعة المحافظين الجددrlm;,rlm; ومشروعهم للتغيير الشامل من الداخل للعالم العربيrlm;.rlm; ولهذا فإن اعادة صياغة الهدفrlm;,rlm; بتغيير صفة العدو الواقف علي الجانب الآخر من خط المواجهةrlm;,rlm; من الارهاب بشكل مطلقrlm;,rlm; الي أنظمة حكم غير ديموقراطية بصورة محددةrlm;,rlm; يجنب المشروع الأمريكي ـ ولو تكتيكيا ـ الحكم عليه بالفشلrlm;.rlm;

وبذلك يضيق بوش والمحافظون الجدد من مساحة الفجوة بين مشروعهمrlm;,rlm; وبين التيار الغالب بين الرأي العامrlm;,rlm;وأيضا وسط النخبةrlm;,rlm; خاصة من الليبراليينrlm;,rlm; والمحافظين المعتدلين من غير المتطرفينrlm;,rlm; والمؤيدين للمحافظين الجددrlm;.rlm;

هذه اللمسات أو إعادة الصياغة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه عالمنا العربيrlm;,rlm; أشارت اليها ضمناrlm;,rlm; كوندوليسا رايس في مقال نشر الشهر الماضي بصحيفة واشنطن بوستrlm;,rlm; قالت فيهrlm;:rlm; ان الشرق الأوسط فيه من المشاكل الرئيسية اكثر مما في غيره من مناطق العالمrlm;,rlm; بسبب نقص الحريةrlm;,rlm; وهو ما يخلق أرضا خصبة لنمو الكراهيةrlm;,rlm; وتصدير الارهابrlm;.rlm; وان الهدف النهائي لسياسة حكومة بوشrlm;,rlm; التي اعلنها في خطاب الولاية الثانيةrlm;,rlm; هو إنهاء حكم الاستبدادrlm;.rlm;

ونفس المعني أكده ريتشارد هاس رئيس المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجيةrlm;,rlm; والذي شغل هذا المنصب بعد استقالته من عمله في حكومة بوش مديرا للتخطيط السياسي بوزارة الخارجيةrlm;,rlm; وكان من قبل احد مساعدي الرئيس بوش الأب للسياسة الخارجيةrlm;,rlm; وقد قال هاس ان الولايات المتحدة لن تكون آسفة ما دامت هناك نظم استبداديةrlm;.rlm; والمتفق عليه ان التغيير من الداخل في اوضاع المنطقة العربيةrlm;,rlm; يمثل مبدأ من مباديء السياسة الخارجية لحكومة بوشrlm;,rlm; وان أجندته للتغيير الديموقراطي لها وجهة نظر تري انه اذا أمكن نشر الديموقراطية في المنطقةrlm;,rlm; فسوف يؤدي ذلك الي استئصال الارهاب من جذورهrlm;.rlm;

وضمن الوسائل التي تتبع هذا الاتجاه ما وصف بأسلوب الاحتواء والمواجهةrlm;,rlm;اي بمحاولة استئناس من يمكن استئناسهم للحصول علي تغييرات مطلوبة داخليةrlm;,rlm; وفي العلاقات الاقليمية في نفس الوقت الذي تمارس فيه أسلوب المواجهة عن طريق الضغوط الدبلوماسيةrlm;,rlm; والاقتصاديةrlm;,rlm; وتشجيع وتحريض جماعات من الداخل في اتجاه الأنظمةrlm;,rlm; تطبيقا لمبدأ دعم الحركات والمؤسسات الديموقراطية في كل دولةrlm;.rlm;

ان هذا التغيير أو وضع لمسات جديدة علي مبدأ أساسي من مباديء السياسة الخارجية للولايات المتحدةrlm;,rlm; جاء نتيجة عملية تفاعل لفكر أصحاب نظرية الحرب علي الارهاب من المحافظين الجددrlm;,rlm; مع الاحتياج الي تأسيس الاستراتيجية علي أسسها التي لا يقبل بغيرها النظام السياسي الأمريكيrlm;,rlm; وهما تقبل واقتناع الرأي العامrlm;,rlm; وتوافق النخبةrlm;,rlm; لكنه لا يلغي حقيقة أساسيةrlm;,rlm; وهي ان القوة المحركة للسياسة الخارجيةrlm;,rlm; وهي أصلا جماعة المحافظين الجددrlm;,rlm; لهم فكر عقائديrlm;,rlm; وأجندة سياسية قديمة وثابتةrlm;,rlm; لن يقبلوا التنازل عنهاrlm;,rlm; فهي عقيدتهم ومذهبهمrlm;,rlm; ومحور فلسفتهمrlm;,rlm; يتصدرها مبدأ مهم ومركزي عندهمrlm;,rlm; هو ان كل شيء يجري ممارستهrlm;,rlm; هو من أجل التمكين لاسرائيل من المنطقةrlm;.rlm; وهذا ليس اجتهادا مناrlm;,rlm; لكنه حقيقة مسجلة ومكتوبة في اوراقهم المنشورة ومنها مشروع القرن الأمريكي الجديدrlm;,rlm; وأوراق استراتيجية وخطط اعادة رسم خريطة الشرق الأوسطrlm;,rlm; وغيرها الكثيرrlm;.rlm;