باءت محاولات منع الانتخابات النيابية الفلسطينية او تأجيلها بالفشل رغم الخطف والمداهمات والتهديدات والتبريرات. لكن لماذا فعلت ذلك الرؤوس الكبيرة في السلطة الفلسطينية بزعامة رئيس الحكومة نفسه، ودعمتها جماعات فتحاوية حملت السلاح في وضح النهار وهددت بأكثر من ذلك ان جرت الانتخابات في موعدها.

السر في منع الانتخابات هو الخوف من الهزيمة. يعلمون جيدا ان حركة حماس ستكون الكاسب الأكبر عند اللجوء الى استفتاء الناس. لهذا خرج علينا رئيس الوزراء أحمد قريع يعلن موقفا اخلاقيا جديدا انه لا تجوز الانتخابات طالما ان اسرائيل تمنع المقدسيين من التصويت. اي وفقا لرؤيته فانه واسرائيل معا سيحولون دون فوز حماس من خلال حجة الصوت المقدسي. أي ان قريع يمنح بهذا الشرط الاسرائيليين فرصة منع الشعب الفلسطيني من الاستفتاء الموعود. ولسوء حظ المعارضون وافقت اسرائيل على السماح المشروط للمقدسيين بالتصويت وبالتالي حتى هذا العذر سقط وباتت الانتخابات مؤكدة في موعدها.

حجة بليدة لتحقيق هدف غير نبيل، منع الانتخاب تفاديا للهزيمة. الحجة تبرير للاحتفاظ بالحكم ولا علاقة لها بالهدف الوطني المعلن تحرير الصوت المقدسي. وينطبق السبب أيضا على المنشقين الفتحاوييين الذين ارعبتهم فكرة الخسارة، وان حماس ستشاركهم السلطة لهذا اطلقوا صيحتهم التحذيرية انه لا انتخابات مع الاحتلال. ياله من عذر سقيم ان يمنع الفلسطينيون من الانتخاب لأن هناك احتلالا اسرائيليا. طرح تؤيده اسرائيل التي تقول ان الانتخابات مضرة بالسلام لأن حماس ستكسب.

ليس من قبيل المبالغة عندما نقول ان الرئيس ابومازن يحتاج الى الانتخابات بقدر ما يرفضها رئيس وزرائه، وبقدر ما يحاول تعطيلها صقور فتح المنتوفة العاجزة عن الطيران في سماء الانتخابات. ابومازن بانتخابات قد تجيء بحماس وتبعد الرفاق ستوسع خيمة العمل السياسي الفلسطيني وستكون كبرى المنظمات المعارضة، أي حماس، طرف في أي سلام مستقبلي بمفاوضاته وتنازلاته وهدنته وحربه.

ويمكن ان ننظر الى دخول حماس بايجابياته وسلبياته، فالمحصلة الأخيرة تصب في صالح السلم الأهلي الفلسطيني المهدد اليوم بالتفكك، والذي اصبح علاجه اولوية تسبق تحرير الارض المحتلة. فايجابيات حماس كشريكة انها ستجعلها حكومة كل الفلسطينيين، وستمنح المواطن الفلسطيني عينا اضافية على الممارسات الادارية والمالية للحكومة التي ظلت محل الطعن والانتقاص من قبل خصومها. أيضا ستكون وعاء تصهر حماس فتكون أكثر واقعية ومسؤولة أيضا. اما سلبيات المشاركة فمرهونة بضعف او قوة الرئيس ابومازن في املاء سياسته وادارته للحكومة. فان ظهر ضعيفا ستتوقف السلطة عن مشروعها السلمي، او قد تتخذها اسرائيل عذرا جديدا لتعطيل المفاوضات التي يفترض ان تقود الى قيام دولة فلسطينية مستقلة. وهذه احتمالات مستبعدة لأن دخول حماس يعني رغبتها في المشاركة لا المقاطعة، وسكوت اسرائيل على ذلك يعني استسلامها والاعتراف بأن حماس من فصيل متمرد الى شريك في الحكم لا فكاك من التعامل معه.

[email protected]