تشارلي ريس


الآن وقد شن الرئيس بوش حملة دعائية جديدة لإقناع الأمريكيين أننا ننتصر في الحرب في العراق، فإن من المفيد العودة إلى الأمور الأساسية والنظر إلى السلبيات والإيجابيات لهذه الحرب.

السلبيات نعرفها جميعاً. الحرب تم تسويقها بناء على ادعاءات كاذبة، ولم تكن هناك أسلحة دمار شامل ولا علاقات مع القاعدة، كانت حكومة صدام حسين حكومة علمانية، وغالبية العراقيين من الشيعة. القاعدة حركة دينية أصولية متطرفة من السنة، ولذلك لا يمكن للقاعدة أبداً أن تسيطر على العراق.
السلبيات الأخرى تشمل خسارة الهيبة الأمريكية، وحوالي 2.200 قتيل، وحوالي 16.000 جريح، و221 مليار دولار من التكاليف التي ما زالت ترتفع. إذاً هذه سلبيات الحرب على العراق، فما هي الإيجابيات؟
حسناً، لنفترض، على سبيل الجدال، أننا سنربح الحرب، مهما كان التعريف الذي تضعه إدارة بوش للانتصار غريباً. لنفترض أننا انتصرنا وأن المسلحين انهزموا. وتم انتخاب حكومة موالية لإيران. فما هي الفوائد التي سيجنيها الشعب الأمريكي؟
عندما سأل شاب من سلاح المارينز ذلك السؤال لنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، عدد مجموعة من الفوائد للشعب العراقي لكنه لم يذكر كلمة واحدة عن الأمريكيين. وحيث إن النصر الافتراضي دفع الأمريكيون ثمنه دماً وأموالاً، فلا بد أن يستفيدوا قليلاً منه أيضاً، فما هي هذه الفوائد؟
لا أستطيع أن أفكر بأي فائدة. إنه ثمن كبير ليشعر المرء فقط بأنه قدم معروفاً لدولة أجنبية بتخليص شعبها من حاكمها الدكتاتور.
يمكن أن يقول المرء إن الأمريكيين يستطيعون أن يزوروا العراق بعد النصر كسياح. لكن قد تمضي سنوات طويلة قبل أن يتخلص العراقيون من عدائهم لأمريكا التي جعلت حياتهم منذ 1991 بائسة وتعيسة بشنها حربين عليهم، وقيامها بالقصف من حين لآخر، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي القاسي.
إن الأمريكيين لن يكونوا في أمان أكثر بالتأكيد. إن مقولة إن الإرهابيين إذا لم يكونوا يحاربوننا في العراق فسوف يحاربوننا في نيويورك لا تستحق الحديث عنها. إن 90% من الذين يقاتلوننا في العراق ليسوا إرهابيين، لكنهم من المقاومة التي ترفض احتلال العراق من قبل دولة أجنبية. أما الـ10% الباقون فإنهم يستخدمون العراق كأرض تدريب. بعد أن نخرج من العراق، قد يهاجمنا بعض هؤلاء في أماكن أخرى. إن مجرد مرور أربع سنوات على هجمات 11 سبتمبر لا يعني أن تنظيم القاعدة قد استسلم أو أنه تم القضاء عليه من قبلنا. كان هناك فاصل كبير بين الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي والهجوم الثاني. القاعدة تنظيم يتحلى بالصبر.
هذا، بالمناسبة، جانب سلبي آخر للحرب في العراق. كانت القاعدة هي العدو وليس العراق، وقد ساعدنا القاعدة بغزونا لبلد مسلم وتشتيت الموارد التي كان يمكن توجيهها للعثور على بن لادن وقتله.
أما بالنسبة لاعتقاد المحافظين الجدد بأن العراق الديمقراطي سوف يؤثر على باقي دول الشرق الأوسط وقد تستطيع إسرائيل أن تعيش بسلام، فإنه اعتقاد مضحك من اليوم الأول. الأصدقاء الوحيدون الذين تملكهم إسرائيل ونملكهم نحن في الشرق الأوسط هم بعض الذين نرشوهم ليصبحوا أصدقاءنا. الحكومات المنتخبة شعبياً عليها أن تعلن صراحة عن عدائها لإسرائيل وأمريكا.
أستطيع أن أذكر جانباً إيجابياً وحيداً لهذه الحرب، إذا تعلم الأمريكيون منها درساً، علينا ألا نسمح مطلقاً لمجموعة من الأكاديميين الأيديولوجيين الذين لا يعرفون شيئاً عن العالم الحقيقي ليسيطروا على أمريكا مرة أخرى، خاصة السياسة الخارجية.
الرئيس الأمريكي القادم يجب أن يطرح سؤالين على جميع الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم كخبراء للشرق الأوسط: هل عشتم في دولة عربية؟ هل تتحدثون وتقرؤون العربية؟ إذا كان الجواب لا، فعليه أن يقول لهم quot;مع السلامةquot;. لو كان بوش طرح هذين السؤالين على الأيديولوجيين من المحافظين الجدد الذين سوقوا الحرب ودعوا إليها، ربما كان 2.200 جندي لا يزالون على قيد الحياة الآن.