السبت:14. 01. 2006

جمعة اللامي

ldquo;لا تستقيمُ أمانةُ رَجُلٍ حتى يستقيم لسانُهُ، ولا يستقيمُ لسانُهُ حتى يستقيم قلبهrdquo;

(الحسن البصري)

مر يوم السبت الماضي 7 يناير/ كانون الثاني ،2006 على كثير من شباب هذا اليوم، كما مرّ علي أيضاً حين كنت في الثامنة عشرة من عمري، ولكل واحدٍ منا فيه قصة حُلوة أو غَصّة مُرّة.

صادف يوم 6 يناير/ كانون الثاني ،1963 ذكرى عيد الجيش العراقي. وكان هذا يوم عطلتي الأسبوعية، حيث أمضيت ليل الخميس في مطعم شهير اسمه ldquo;جاردينياrdquo;، يقع على الرصيف الأيسر من شارع ldquo;أبونؤاسrdquo; البغدادي. كنا نختلف الى ذلك المطعم قبل أن نقرر الانضمام الى الجيش، ونحن في أوج عمر المراهقة، خضير عباس اللامي، وحسين العيال، وصباح حسين، وأنا، وكان ينضم إلينا، أحياناً، طالب ثانوي اسمه عبد جاسم الساعدي، والذي هو الآن الدكتور عبد جاسم الساعدي. عند ساعة من ليل الجمعة: 6 يناير/ كانون الثاني ،1963 خامرني شعور بأني صائر الى هَوْل. وقلت لصحبي الأقربين إن ldquo;معسكر الرشيدrdquo; يتعرض الى تصفية تنظيمية بعدما أطبقت الآلة الحكومية على ldquo;القاعدة الجويةrdquo; في كركوك. لكني لم أكن أدري أني سأكون الصيد الثمين غداً. عند الساعة السادسة تماماً من صبيحة يوم السبت: 7 يناير/ كانون الثاني ،1963 وحين كنت أقف خلف تجمّع ldquo;سرية مخابرة اللواء المدرع السادسrdquo;، أثناء العرض الصباحي، تقدم مني آمر السرية المقدم ldquo;خليل ابراهيم القيسيrdquo;، ومعهُ ثلة من جند الحراسة، وقال لي: ldquo;أين كنت ليلة أمس؟rdquo; قلت: ldquo;في جاردينيا، سيديrdquo;.

أمر ldquo;القيسيrdquo; جنوده: ldquo;قيدوه.. وضعوه في السجنrdquo;.

كنت وقتها هناك في مقر ldquo;الفرقة المدرعة الرابعةrdquo; بين مجموعة من كبار الضباط وضباط الصف والجنود، أنا الأصغر عمراً بينهم، بيد أني كنت مسؤولهم الحركي. لقد سيطرنا على مقر الفرقة بالكامل. وكان الزعيم الركن ldquo;عبدالجبار سعديrdquo;، أحد أقرباء الزعيم عبدالكريم قاسم، خارج المعسكر في حينه، وكان العقيد الركن ldquo;صبري محمد عليrdquo;، رئيس أركان الفرقة المدرعة الرابعة، هو القائد الفعلي لهذا التشكيل القتالي المهم. أما بقية ضباط ldquo;هيئة الأركانrdquo;، خصوصاً الرئيس ldquo;مزهر جواد الزبيديrdquo;، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، فكان في وضع المعتقل. وقف أمامي الملازم أول المهندس ldquo;محمد منير كشمولةrdquo;، من ldquo;آمرية أشغال معسكر الحبانيةrdquo;، وقال لي: ldquo;أبو داوود يسلّم عليكrdquo;. وكان هذا يعني أنني أصبحت مسؤول قطاع الضباط والجنود في هذا المعسكر المهم، بناء على الخطة الميدانية التي كتبتها كلمة كلمة.

في ذلك المساء الصيفي من شهر يونيو/ حزيران ،1962 كنت أنتظر ldquo;شيئاً ماrdquo; من إذاعة بغداد. وبدلاً من ذلك استدعيت على عجل الى لقاء غير متوقع مع ldquo;أبو داوودrdquo; في ldquo;الكولي كامبrdquo;، الذي بادرني: ldquo;ماذا فعلت بنا؟rdquo;.

كنا نحن، أولاد الفقراء، مخلصين لثقافة الحق والعدل والمساواة، وكان الغَدَرَةُ من أساطين ldquo;اللجنة المركزيةrdquo; يخبرون الزعيم عبدالكريم قاسم، بتحركاتنا لتسليم السلطة الى الشعب.