علي حماده
quot;ورقة الاقتراحاتquot; السورية التي قدمها الرئيس بشار الاسد الى الثنائي العربي السعودي والمصري، هي إهانة للشعبين اللبناني والسوري معا. وينطبق عليها وصف ورقة الاذعان بكل ما للوصف من معنى سياسي واخلاقي وتاريخي. فما يطلبه النظام السوري من لبنان هو بمثابة استثمار مضمون في صراع لا ينتهي بين لبنان والنظام السوري، ولا بد ان ينعكس في شكل مديد على العلاقات الاخوية بين الشعبين اللذين يبدو ان الحكم في سوريا لا ينفك يزرع الشقاق بينهما تهربا من موجبات دولية وقضائية تتعلق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الارهابية والتي لا يشك عاقل على وجه الارض في ضلوع النظام السوري فيها. انه اقتناع راسخ، ولا يبدو انه الى تراجع في ظل تراكم الشهادات المورّطة للنظام بأسره.
وبالعودة الى ورقة الاذعان التي يطالب النظام السوري لبنان بتطبيقها، يتساءل اللبنانيون: هل هي الرد على اصرار الاخوة العرب على وقف الاغتيالات في لبنان؟ غالب الظن انها كذلك. فالمطلب الاخرق بقيام لجان مشتركة بين الجهة المعتدية والجهة المعتدى عليها يحمل في طياته مقاربة عدمية للعلاقات بين البلدين تقوم على المعادلة الآتية: إما نحن وإما الموت. وتنبع العدمية من كون النظام السوري رافضا أخذ العلم بأن لبنان أصبح مستقلا، وانه لن يعود الى مرحلة الوصاية والهيمنة السوداء مهما يكن الامر. ان هذه الحالة اللبنانية الاستقلالية هي حالة راسخة ولن يقوى أي طرف خارجيا كان أم داخليا على اعادتها الى الوراء.
لقد أراد النظام السوري تضليل الرأي العام العربي واللبناني من خلال تسويقه ورقة الاذعان باعتبارها ورقة سعودية مصرية، ليأتي الرفض اللبناني الجامع بمثابة رفض لمبادرة عربية بدلا من رفض لغم سوري جديد يزرع في أخطر المراحل بعد القفزة النوعية التي حققتها التحقيقات الدولية، منذ ادلاء نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام بشهادته امام لجنة التحقيق الدولية.
والحال ان الاقتراحات السورية المطاطة والغامضة في ما يتعلق بقضية ترسيم الحدود واقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، تتناقض تماما مع وضوح اقتراحي انشاء لجنة أمنية مشتركة ووقف الحملات الاعلامية (بمعنى آخر اسكات الاعلام اللبناني الحر) والتنسيق في السياسة الخارجية. فما لا تريده سوريا يبقى غامضا، وما تسعى اليه من وسائل لاعادة انتاج نظام الوصاية بحلة جديدة يصبح واضحا وضوح الشمس.
إن اللبنانيين يرفضون عودة المافيا المخابراتية السورية اللبنانية، كما انهم يشددون على أن المطلوب هو وقف المعتدي اعتداءاته المتكررة والمتواصلة اغتيالا وتفجيرا وتهديدا وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية. والمطلوب ايضا انصياعه التام لمطالب المجتمع الدولي لجهة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. أما في شأن المطلب المسموم في أدنى القائمة حول التنسيق في السياسة الخارجية، فنقول لهم: quot;لا. لا تنسيق، لا وحدة مسار ولا وحدة مصير. فقد انتهى زمن الوصل البعثي، شاء من شاء وأبى من أبى. وخلاصة الرسالة الى المعتدين: لن تعودوا أبدا الى بلاد الارز!
التعليقات