خلعوا الأبواب والنوافذ ونهبوا المكيفات والمراوح واللوحات ولم يتركوا حتى مفاتيح الكهرباء

بغداد ـ نيلين نكمير

في الثاني والعشرين من نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي سلم كبار القادة العسكريين والمدنيين الأميركيين في العراق، واحدا من أهم مجمعات قصور صدام حسين وأكثرها بذخا، الى الحكومة والجيش العراقي الجديد ليكون تحت سيطرتهما وحمايتهما، وذلك في احتفال رمزي.
وقال الكولونيل مارك ماكنايت، آمر اللواء الأول القتالي في فرقة المشاة الثالثة الذي سلم مفاتيح قصور المجمع الى محافظ صلاح الدين، ان laquo;تسليم هذا القصر في احتفال بسيط هو تجسيد للتقدم المحرز من جانب الحكومة والشعب العراقيraquo;.

ولكن في الأيام التي انسحبت فيها القوات الأميركية والفرق الموسيقية العسكرية العراقية من الطريق الدائري للقصر المطل على نهر دجلة، دخل النهابون، كما يقول مسؤولون محليون الآن، وراحوا يخلعون الأبواب ومكيفات الهواء ومراوح السقوف ولوحات المصابيح من بعض قصور المجمع البالغة 136 قصرا، ولم يتركوا ما هو أكثر من الأسلاك الكهربائية المتدلية.

وكان من مارسوا عمليات النهب واللصوصية هم بعض من قوات الأمن ذاتها والموظفين العراقيين الذين سلم الأميركيون لهم القصور، وفقا لما قالته الشرطة والمحافظ.

وقال المحافظ حامد حمود بالهاتف انه laquo;بفضل الله كنا قادرين على إنقاذ الجدران من ايادي النهابين لأن كل شيء آخر تعرض للسرقةraquo;. وألقى المحافظ، شأن مسؤولي الشرطة، باللوم على الجنود العراقيين الذين كانوا موجودين في القصور وعلى مساعده. وقال ان laquo;القصر سلم الى الوحدات العراقية بحضور مساعد المحافظ عبد الله ناجي جباره. وبعد اسبوعين سمعت ان القصر قد نهب. فمن استطيع اتهامه بالنهب الآن؟raquo;.

ولم يكن ممكنا الوصول الى قادة الجيش العراقي في تكريت للتعليق على الموضوع. وقالت السلطات المحلية ان جباره كان قد غادر الى مكة لأداء فريضة الحج وبالتالي لم يكن ممكنا الوصول اليه.

وقال آمر الشرطة المحلية محمد هيازه ان الجنود والموظفين جردوا بعض القصور على الأقل وكانت مشغولة من جانب مسؤولين أميركيين. كما انه كانت هناك بعض القصور التي لم يشغلها أميركيون، وفيها نهب كل شيء.

ويبدو ان جولة في احد القصور اكدت المزاعم. فقد وجد شاهد زار أحد القصور المستخدمة الآن من جانب الشرطة العراقية، ضباطا يعملون في مكاتب خالية من الأثاث وقد خلعت ابوابها، مع وجود فتحات تدلل على اماكن المكيفات التي نهبت.

ووفقا لمسؤولين محليين فان القوات العراقية المسؤولة عن عمليات النهب جاءت من مكان آخر، بما في ذلك من مدينة الموصل. وخلال عدة ايام بعد نقل السيادة من القوات الاميركية الى ايادي العراقيين كانت أثاث اخذت من القصور معروضة للبيع في سوق محلية، وفقا لما قاله رشيد الجبوري، وهو احد المقيمين في تكريت.

وقال بعض المتحدثين باسم الجيش الأميركي انهم لم يعرفوا عن عمليات النهب بعد التسليم. وأكدوا ان قصور تكريت، التي تأتي في أهميتها بعد قصور المنطقة الخضراء ببغداد التي تضم اهم المؤسسات الأميركية، لم تعد في دائرة اهتمام القوات الأميركية.

وقال الكولونيل باري جونسون، المتحدث باسم الجيش الأميركي في بغداد laquo;أعتقد ان ما نراه عندما نكون قادرين على مغادرة المناطق وتسليمها الى الحكومة العراقية، هو اننا نعيد المزيد من المسؤوليات الى الحكومة العراقيةraquo;. وقال laquo;نحن نتوقع تماما ان تعالج السلطات العراقية اية اعمال اجراميةraquo; تكشف عن التورط في نهب قصور تكريت.

وكان الجنرال جورج كيسي، قائد القوات الأميركية في العراق والسفير الأميركي زلماي خليلزاد، بين المشاركين في احتفال التسليم الذي جرى في نوفمبر الماضي. ويذكر ان قذيفة مورتر سقطت في محيط موقع الاحتفال مما خلق ارباكا في صفوف الحاضرين.

وكانت الشرطة قد دخلت القصور بعد حوالي 20 يوما من مغادرة الأميركيين، وفقا لما قاله المقدم صبحي ناظم، مساعد آمر وحدة شرطة الطوارئ في المنطقة، الذي اضاف ان laquo;القوات العراقية كانت القوات الوحيدة داخل القصور الرئاسية بعد مغادرة الأميركيين. وخلال تلك الأيام العشرين كان مساعد المحافظ وأعضاء في مجلس المحافظة يدخلون ويخرجونraquo; مع القادة العسكريين الموجودين في القصور.

وقال هيازة، قائد الشرطة المحلية، انه بدأ بالتحقيق مباشرة بعد اول دخول للشرطة الى القصور. وقال laquo;وجدت ان كل شيء قد نهب، حتى مفاتيح الكهرباءraquo;. وعندما اتهم هيازة رسميا مساعد المحافظ وبعض اعضاء مجلس المحافظة بالصلة بأعمال النهب، نقلت السلطات هيازة الى بيجي، وهي من معاقل المتمردين. وقال هيازة ان laquo;سبب نقلي يعود الى انهم يريدون ان اقتل هناكraquo;. وقد قدم استقالته.

* خدمة laquo;واشنطن بوستraquo; ـ (خاص بـ laquo;الشرق الأوسطraquo;)