براين كونلي


أكثر من 400 أجنبي اختطفوا في العراق منذ بدء الاحتلال في 9 أبريل 2003. عددٌ أكبر من العراقيين اختطفوا أيضاً، لكن اختطاف الأجانب هو الذي يصنع الأخبار ويحتل عناوينها الرئيسة ويجعل منهم بحد ذاتهم هدفاً للخطف.
في الأسبوع الماضي اختطِفَ شخص آخر في بغداد يحمل الجنسية الأمريكية. هي جيل كارول، صحفية تعمل في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور. اختُطِفَت في حي العدل لتصبح بذلك آخر رهينة في آخر موجات اختطاف الأجانب.
لقد برز الاختطاف في عام 2004 باعتباره الخطر الرئيسي الذي هددَ الأجانب في العراق. وأدت سلسلة من عمليات خطف الصحفيين، وأفراد منظمات الإغاثة في ذلك العام إلى إصابة النشاطات المدنية بشللٍ تام. لقد تمت تسوية المشكلة في آخر الأمر، لكن ليس قبل إجراء تغيير جوهري في عمليات الإغاثة المدنية.
في العام الماضي قلصَ الصحفيون بشكل جوهري من حركتهم ونشاطِهم في تغطية الأحداث بالعراق. وكان أشجَع الصحفيين هم من حبسوا أنفسهم في فنادقهم، في حين غادر أغلبهم. كما انسحبت أغلب منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية من العراق. مازال هناك حوالي 40 مختَطفاً أجنبياً غير معروف مصيرهم، ولا وضعهم النهائي، لكن من الناحية الظاهرية فإنهم مازالوا محتجزين من قِبل خاطفيهم.
هناكَ نوعان رئيسيان من الاختطاف. الأكثر شيوعاً هو من أجل الحصول على فِدية. الثاني هو اختطاف الأجانب لأسبابٍ سياسية بالدرجة الأساس لسد الطريق على الاحتلال من مواصلة فرض نفوذه وهيمنته على العراق.
العصابات الإجرامية التي كانت نشطة قبل الغزو ازدهر وضعها في الأيام الأولى التي أعقبت الغزو إثر انهيار الحكومة وفشل قوات التحالف في الحفاظ على الأمن والنظام. بالنسبة للبعض الآخر من العصابات كانت الجريمة وسيلة للبقاء، وفي بعض الأحيان للعيش، بل حتى لتحقيق الثراء.
لم يكن أمام جواد كاظِم، 31 عاماً، مِن خيارٍ إلا أن يدفع ثمناً باهظاً لواحدة من العصابات التي اختطفت ابن أخيه. يقول: quot;ابن أخي اختطِفَ من قبل واحدة من هذه العصابات في بغداد، طلبوا منا 20.000 دولار لإعادتهquot;. مثل هذه القصص باتت شائعة جداً، ليس في بغداد فحسب بل في العراق خاصة في وسطه وجنوبه، فكل عراقي تقريباً يعرف شخصاً ما قد اختطِفَ. في أغلب الأحيان يطلب الخاطفون فدية باهظة.
يقول جواد: quot;اضطُرِرنا لبيع منزلنا من أجل إطلاق سراح ابن أخي، لأنه لا يوجد أحدٌ، بما فيها كافة أجهزة الشرطة وقوات الأمن، من يستطيع أن ينقذهquot;. يضيف: quot;أعتقد أن الولايات المتحدة مسؤولة مباشرة عن هذا الوضع، لأننا لم نكن نعرف الخطف، ولم يحصل الخطف عندنا من قبلquot;.
كريك رولنس، عضو في فريق صنع السلام المسيحي، وصديق لأعضاء الفريق الأربعة الذين اختطفوا في نوفمبر الماضي، يقول أيضاً إن قوات الاحتلال تتحمل المسؤولية واللوم الكاملين لهذه الأعداد الكبيرة من عمليات الخطف. يضيف: quot;لو أن قوات التحالف التي جاءت للعراق غازيةً قامت بإصلاح الكهرباء، وإمدادات المياه، وقدمت فرص العمل وغيرها من الخدمات، فلا أعتقد أن الخطف سيكون بمثل هذه الدرجة من السوء كما هو عليه الآن... لو أن القوات الأمريكية أوقفت مهاجمة المدن والبلدات مثل الرمادي، وراوة، وتلعفر، وهيت، والقائم، وغيرها، لو أنهم أوقفوا اعتقال الأشخاص بتلك الطرق المهينة، لو أنهم لم يمارسوا إذلال العراقيين بطرق التعذيب المُذلة تلك التي شاهدناها، لو أنهم نقلوا قواعدهم إلى خارج المدن والبلدات، لكان هناك اليوم القليل جداً من العنف والخطفquot;.
لقد تم اختطاف أعضاء فريق كريك رولنس في 26 نوفمبر لما يبدو الآن أول موجة جديدة من الخطف. لقد بقي فريق صنع السلام المسيحي يعمل في العراق بالرغم من موجة اختطاف الأجانب القوية في عام 2004 والتي انتهى الكثير منها إلى القتل.
أعضاء فريق السلام المسيحي مازالوا يعيشون بين الشعب العراقي. يقول رولنس: quot;فريقنا يريد أن يحقق السلام، ويحتاج أن يتحدث مع الناس في الشارع، يتحدث مع العراقيين الحقيقيين في البداية تحدثت مع أناس يعيشون في المنطقة الخضراء، سألتهم ما هو انطباعهم عن العراقيين، وكيف يبدون؟ أجابوني: لا نعرف عن العراقيين شيئاً وكيف يبدون، نحن لم نغادر المنطقة الخضراءquot;.
هناك عدم اتفاق حول التأثيرات التي يتركها الخطف. يقول جواد: quot;لا أحد يستفيد من الخطف أكثر من قوات التحالف... لأن خلال الهجوم الأول على الفلوجة في أبريل 2004 كان هناك الكثير من الصحفيين في هذه المدينة أو قريباً منها يغطون أعمال القتل والتدمير، لكن خلال الهجوم المدمر الثاني على المدينة، في نوفمبر 2004، لم يبق هناك أي من الصحفيين الأجانب يُغطي أعمال القتل بعد أن هرب أغلبهم خشيةً الخطف، إذاً القوات الأمريكية هي المستفيدة من خطف الصحفيين... أما الصحفيون العراقيون فلم تسمح الولايات المتحدة لهم بالدخول للمدينة.quot;
في الهجمات البرية الأمريكية اللاحقة التي أعقبت الهجوم الثاني على الفلوجة، والتي طالت راوة، وحديثة، والقائم، وتلعفر، وقرى الكرابلة، والبغدادي... إلخ كان الصحفيون الأجانب الذين يغطون العمليات هم ممن اختارتهم القوات الأمريكية وبشكل خاص من (سي. إن. إن، وسكاي نيوز). كانوا يلتقطون الأفلام التي تلائم سياسة البنتاجون، فالجندي يتقدم بشجاعة وسط النيران، أما ماذا يفعل بعد وصوله إلى هدفه، وغالباً ما تكون بيوتا قروية وضيعة، فلم نشاهد شيئاً.
يقول ضابط في الشرطة العراقية طلب عدم الكشف عن اسمه إن quot;الخطف في العراق أصبح الآن خطيراً جداً، بل أكثر خطورة من قبل... إنهم يخطفون الأجانب لأنهم لا يريدون العالم الخارجي أن يستمع إلى كلام العراقيين الذين يتحدثون عن معاناتهم... لهذا السبب يخطفون الأجانب، إنهم يريدون أن يجعلوا الرأي العام والحكومات في كافة أنحاء العالم تستمع إليهم وحدهمquot;.

* صحفي أمريكي