خيرالله خيرالله


مات ارييل شارون، أقله سياسياً، عاش أيهود أولمرت الذي حلّ مكانه على رأس حزب quot;كاديماquot; الذي أسسه شارون قبل أسابيع قليلة من تعرضه لجلطة في الدماغ وضعت حدأً لنشاطه السياسي.

مات ارييل شارون، أقله سياسياً، عاش أيهود أولمرت الذي حلّ مكانه على رأس حزب quot;كاديماquot; الذي أسسه شارون قبل أسابيع قليلة من تعرضه لجلطة في الدماغ وضعت حدأً لنشاطه السياسي.

ليس مفارقة أن يخلف أولمرت شارون على رأس الحزب الجديد. المفارقة أن يبقى الحزب الجديد متقدماً على حزبي العمل وليكود قبل شهرين ونصف شهر من موعد الأنتخابات الأسرائيلية. أكثر من ذلك، زاد تقدم quot;كاديماquot; على الحزبين الآخرين على الرغم من غياب أي أمل في أن يعود شارون الى ما كان عليه وأن يخوض الأنتخابات على رأس الحزب.
يحصل ذلك على الرغم من أن اولمرت ليس شخصية جذابة في أي شكل من الأشكال. كل ما في الأمر انه قرر التزام الشروع الذي كان شارون قرر تنفيذه وهو مشروع في غاية الخطورة يقوم على فكرة فك الأرتباط مع الجانب الفلسطيني والسعي الى رسم حدود دولة أسرائيل بواسطة quot;الجدار الأمنيquot; من دون التفاوض مع الفلسطينيين.
يضم حزبquot;كاديماquot; مجموعة من الشخصيات الأسرائيلية التي خرجت من ليكود ومن حزب العمل. بين هذه الشخصيات شمعون بيريس الذي قبل أن يحتل الموقع الثاني او الثالث في لائحة الحزب الجديد بما يضمن له موقعاً في الحكومة المقبلة في حال حافظquot; كاديماquot; على تقدمه في أستطلاعات الرأي العام. ما الذي يجمع بين كل هذه الشخصيات التي كان يفترض الا يكون هناك قاسم مشترك بينها؟ الجواب أن ما يجمع بينها الرغبة في الوصول الى السلطة أوّلا ثم الشعور بأنه يمكن الأستفادة مما حققه شارون أسرائيلياً خصوصاً بعد الأنسحاب الآحادي الجانب من قطاع غزة. أنه أنسحاب سمح لأسرائيل بالتخلص من عبء كبير اسمه غزة المنطقة الصغيرة والفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية. وفي حقيقة الأمر كان الهدف من خروج أسرائيل من غزة بعد سنوات طويلة من الأحتلال السعي الى احكام سيطرتها على مناطق معينة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية من اجل ضمها نهائياً ورسم حدود دولة أسرائيل بما يخالف قرارات الشرعية الدولية. الهدف الأسرائيلي كما يتصوره شارون والذي بات المجتمع الأسرائيلي مقتنعاً به، يتلخص بفرض أمر واقع جديد يقوم على الأستيلاء على أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد من الفلسطينيين.
لم ينجح أرييل شارون في غزة بسبب عبقريته، لكن نجاحه يعود الى الفشل الفلسطيني في تحويل الخطوة الأسرائيلية قي القطاع منطلقاً لجعل الأحتلال يتراجع في الضفة الغربية. وبكل صراحة، يمكن القول في ضوء الفشل الفلسطيني في غزة، أن الجانب الفلسطيني لم يستطع تحويل القطاع الى نموذج لما يمكن أن تكون عليه دولة فلسطينية مستقلة قادرة على أن تضبط الأوضاع في المناطق التي تسيطر عليها. بالطبع، لا يمكن توجيه اللوم الى السلطة الوطنية الفلسطينية، الاّ أن ما لا يمكن تجاهله هو أن مسؤولية كبيرة تقع على quot;فتحquot; التي تحولت الى جزء من فوضى السلاح في القطاع بدل أن تبقى حزب السلطة وان تساعدها في ضبط الأوضاع في مواجهة quot;حماسquot; وغيرها من الحركات التي لا هم لها سوى استمرار حال اللاحرب واللاسلم أرضاء لجهات خارجية تصر على أستخدام الشعب الفلسطيني حيثما وجد وقودا في معارك لا تعود عليه سوى بالضرر. وأذا كان ما يجري على أرض فلسطين ليس دليلاً كافياً على كيفية استخدام الشعب الفلسطيني وقوداً في معارك تعود عليه بالضرر، يمكن القاء نظرة على ما يدور في لبنان وكيف أن فلسطينيين يقبلون أن يكونوا مرتزقة وعملاء لأنظمة تعتبر القضية الفلسطينية آخر هم من همومها.
يفترض في الجانب الفلسطيني التنبه الى خطورة المرحلة المقبلة والى أن المجتمع الأسرائيلي بات يدعم المشروع الأستعماري لأرييل شارون في الوقت الذي دخل الرجل في غيبوبة قد يخرج كما قد لا يخرج منها. ثمة حاجة بكل صراحة الى مراجعة حقيقية للوضع الفلسطيني تأخذ في الأعتبار أن مشروع شارون لا يواجه الاّ عبر أستراتيجية ذكية تقوم على فكرة أن الفلسطينيين قادرون على تسيير أمورهم بأنفسهم وأنه ليس صحيحاً أن الفوضى تحل حيث يحلون. ما زال في الأمكان انقاذ الوضع في غزة بغية توجيه رسالة الى العالم تقول أن السلام مصلحة فلسطينية أوّلا وان هناك بالفعل شريكاً فلسطينياً يمكن التفاوض معه لأنه قادر على أحترام التزاماته. هل فات أوان انقاذ الوضع في غزة... أم ان المطلوب الأستسلام أمام مشروع شارون وما يعنيه من أستمرار للأحتل وتكريس له؟ قبل عشرة أيام من موعد الأنتخابات الفلسطينية، ليس هناك ما يبشر بالخيرالاّ أذا حصلت خطوة أولى في الأتجاه الصحيح. تتمثل هذه الخطوة بأن تخوض quot;فتحquot; الأنتخابات يداً واحدة وأن تعمل على التخلص من فوضى السلاح. الحاجة أذا الى معجزة لا أكثر ولا أقلّ...