الثلاثاء:17. 01. 2006
ناصر الظاهري
الشائعات نوعان: نوع بريء يأمل في الخير ويسابقه، لعل وعسى تصدق الإشاعة وتكون بادرة خير يستفيد منها الناس، كأن تسري إشاعة عن زيادة الرواتب أو إسقاط مديونية الإسكان وقروضها أو أنباء عن تشكيل وزاري جديد أو زيادة سعر الرودس هذا العام، هذا النوع من الإشاعات رغم أنه لا يضر الناس، ولا يعطل مصالحهم، ولا يقلق الأجهزة الأمنية ولا يثير البلبلة، ويمكن أن يكون قياساً للرأي العام أو مقياساً وصورة لما يفكر فيه الناس أو يشغل بالهم، هذه الإشاعات مناسباتية تلاقي تواريخ ومناسبات معينة، وحين تنتهي هذه المناسبة، سرعان ما تنتهي معها الإشاعةmiddot; نوع خطر وهو نوع من الإشاعات مضر ومعطل ومثير للفزع والبلبلة بين الناس، هدفه تقويض شعور الناس بالأمن والأمان والاطمئنان، وهدفه إشغال الأجهزة الأمنية ومؤسسات المجتمع المختلفة، وتصريف نظرها عن عمليات يراد القيام بها في مناطق مختلفة، والتأثير بطريقة ما على برامج المجتمع وزرع الشكوك والافتراضات السيئة والتي من شأنها تعكير الصفو وتلويث السمعةmiddot; ولنأخذ مثالاً الإشاعة التي سرت قبل فترة، واليوم ربما نسيها الناس، إن كنتم تذكرون فريق الإيدز الذي كان مندساً بين الناس مثيراً الهلع والفزع، وكيف سيّرها كل شخص حسب ما يريد، ووفق ما تشتهي أهواؤه، وكيف زاد عليها لتخدم مصالحه وتوجهه، وفي ذلك خطأ جسيم علينا التنبه له: - اليهود هم وراء هذا الفريق المندس لتخريب الأسرة العربية والمسلمةmiddot; - هذا بلاء من الله عظيم، عودوا لدينكم هو ملاذكم وملجأكم يا أخوانmiddot; - القيامة قربت والساعة وصلت، فأين المفر وهذه أولى إشاراتهاmiddot; - حبس الزكاة وقلة الصدقات، وهذا أول نذرهاmiddot; - المجتمع الذي يرفع من نانسي ويحط من خديجة، يكرم شاكيرا ويهين المرأة الحرّة المنقبة التي إن خطبت ودها، تربت يداك، جزاه على قدر فعالهmiddot; - بداية فساد المجتمع منذ أن تخلى عن عاداته وتقاليده، وفتح بلاده لمن هبّ ودبّmiddot; ستبقى الشائعات تطل برأسها كل يوم، وسيبقى الناس يتكلمون ويثرثرون ويخرصون ويهرفون بما لا يعرفون، إما لأن بعضهم يتسلى أو لأن بعضهم الآخر بسبب مرضه اجتماعي وقهره وشعوره بالدونية وعقد النقص أو بسبب الجهل ومسايرة الناس أو لأسباب شخصية تتعلق بالشائعة نفسها والأطراف التي فيها، ولعلكم تدركون مدى فداحة أن تقبر شائعة بني آدم حياً يرزق أو تفجر خبرية أسرة فلان وتقلب حياتها إلى جحيم أو تنعت وطنياً بصفته خائناً وغيرها من الشائعات وفهمكم يكفيmiddot;middot; إن حماية المجتمع من مطلقي الإشاعات ومروجيها مثل حمايته من مروّجي المخدرات لأن في كليهما ضرراً للمجتمع وأفراده ويهددان بنيانه وكيانهmiddot;
التعليقات