الخميس:19. 01. 2006

ناصر الظاهري

هل يعقل أن يرتفع إيجار أستوديو دفعة واحدة من 18 ألف درهم وهو مبلغ مبالغ فيه أصلاً، ليصل مع موجة جنون الإيجارات في أبوظبي إلى 24 ألف درهم؟! وعليه قسmiddot;middot; دائماً نتكلم عن المنطقة الرمادية التي تخلو من وجود قانون يضبطها أو لوائح تحكمها، فتحرك طبيعة الإنسان الغريزية نحو الطمع واستغلال الظرف في ظل غياب قيود تردعه أو أحكام تحدهmiddot; إن ما يحدث في أبوظبي منذ سنتين أمر يصعب تصديقه أو تحمله، بدأ الناس يشترون كرافانات ويقلصونها بسياراتهم، وأين ما هبّت ذرت، كل يوم ينامون في باركنج أو سيح الله الوسيع بدأ النزوح للسكن في المناطق الصناعية، والعائلات بدأت تزدحم في غرفتين وتؤجر الثالثة، والبعض بدأ يتناوب مع آخرين في السكن بنظام الشفتات وهو نوعان، صباحي وليلي، وآخر يعرف بإيجار 8 ساعات صباحاً و8 ساعات بعد الظهر و8 ساعات في الليل، وهي الفترة الأغلىmiddot; أما غرف العزاب التي كانت تضم 6 أشخاص، أصبحت اليوم تضم أحد عشر مما تعدون، بنظام أسرة الطوابقmiddot; لقد بدأ الوضع وكأنه غير إنساني، فالموظف الذي يأخذ راتباً في المتوسط 5 آلاف درهم يصرف أكثر من نصفها للسكن، وما تبقى للأكل والمصروف البسيط الذي يذهب به الغلاء في كل شيءmiddot; إن عدم وجود قانون للإيجارات واضح يمنع الاستغلال والجشع يربك السوق، فالمستأجر هو المستضعف دائماً، والكلمة القوية للمؤجر، حتى المؤسسات التي تؤمن السكن لموظفيها بدأت تشتكي وتضغط عليهم لدفع الفروق الكبيرة بين سنة وأخرىmiddot; إن مشكلة الإيجارات وهمومها يتساوى فيها المواطن والمقيم حتى غدت شكوى عامة ومرهقة للجميع، ولا يعرف الناس لمن يلجأون، فظهرت تداعياتها كمسألة خلو الرجل، فبعض الشقق إيجارها 30 ألفاً والخلو بـ 15 ألفاً، وبعد سنة يصبح الإيجار بـ 35 ألفاًmiddot; إن من يتحكم اليوم في سوق الإيجارات هم الملاك والسماسرة ومكاتب التأجير أما دائرة الخدمات فهي مخترقة من الداخل، ولن تجد شقة من خلالها إلا بعد أن تعرف كيف تصرف أمورك في دهاليزهاmiddot; كثير من العائلات بدأت تتودد لملاك العمارات وترضيهم، مرة بـ تنكة زيت زيتون و تنكة زيتون من الضفة، ومرة يرسلون تورته وكيك ومعجنات من صنع أم العيال لنجاح ابنته في الإعدادية بعد شق الأنفس، بعضهم بدأ يدّرس أولاد المالك بالمجان وكل مستأجر له حيلة فهو اليوم يحتال، المهم أن لا يزيد إيجار السنة القادمة ستة آلاف مرة واحدة أو أن تضطره الظروف لأن يلجأ إلى سلف جديدة من البنوك وتجديدها كل عام مع تجديد عقد الإيجارmiddot; الناس طفرانه ولم يبق إلا الدعاء أو الدعوة، أن يوسع للمالك في رزقه بعيداً عنهم، وأن يلين قلبه ويشرحه للقناعة ويجنبه الجشع والطمع وأن يكون من الرابحين في سوق الأسهم، وأن يجعل له - اللهم- من كل ضيقة فرجاً وينجّح أولاده من الدور الأول، وأن يصبحوا من الذرية الصالحة التي تعينه على قبول الحياة كيفما هي، وأن يجنبهم الانتقال كل سنة من شقة إلى شقة، تكون أضيق وأسوأ من التي قبلها، وأن تظل الأسرة متماسكة متقاربة وتعيش مع بعضها، وأن لا يرجع الزوج الخمسيني أعزب من جديد أو يرجع إلى بلاده بعد ثلاثين عاماً من الغربة مديوناً أو معدماً أو عاطلاً من جديدmiddot;middot; يبحث عن الصبر والسترmiddot;