الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; يتحدث عن أزمة الحكومة اللبنانية وأزمة الوطن وملفات داخلية وإقليمية (الحلقة الأخيرة) ...

نصر الله: كلنا مسجونون في مقراتنا ووحده السفير الأميركي يجول في لبنان

laquo;حزب اللهraquo; المتضرر الكبير من المحنة ... ولا نقبل ان توجه الينا أصابع الاتهام


غسان شربل

طرحت laquo;الحياةraquo; على السيد حسن نصرالله الأمين العام لـlaquo;حزب اللهraquo; الأسئلة المثارة علناً أو همساً. سألته عن الجهات التي يمكن ان تكون ضالعة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي مسلسل الاغتيالات المفتوح. كما سألته عن مخاطر الفتنة المذهبية وعلاقته بقيادات لبنانية، وعن امكان اختصار ولاية الرئيس إميل لحود. وتطرق الحوار الى laquo;الصواريخ الغامضةraquo; في الجنوب وحضور laquo;القاعدةraquo; في لبنان فضلاً عن مسائل أخرى. وهنا الحلقة الثانية والأخيرة من الحوار:


gt; عندما يشار الى دور سوري في اغتيال الرئيس الحريري تسألون عن الدليل، وليس هناك أي دليل حتى الآن؟

- نعم، وأنا طبعاً لا أعتقد بأن لسورية أي علاقة في مقتل الرئيس الحريري وأعلم ان هذا الكلام يزعج البعض، لكنها قناعاتي.


gt; من تتهم باغتيال الحريري؟ لم تثبت أي علاقة لاسرائيل لا في تحقيق القضاء اللبناني ولا تحقيق اللجنة الدولية؟

- لم يجر تحقيق لا في القضاء اللبناني ولا في اللجنة الدولية حول فرضية علاقة اسرائيل. لم يعتقل أحد في لبنان ممن له علاقة باسرائيل وتدرب في اسرائيل، وله خبرة في التفجيرات والاغتيالات وعمليات خاصة، لم يتم توقيف أي شخص، بل تم التعاطي مع اسرائيل على انها يمكن أن تساعدنا وتزودنا المعلومات.


gt; فرضية أن تكون لـ laquo;القاعدة أو للأصوليين علاقة، ما تعليقك؟

- هذه فرضية قائمة وممكنة.


gt; هل ازدادت احتمالاتها في الفترة الأخيرة؟

ليست لديّ معلومات خاصة عن التحقيقات التي جرت مع مجموعة laquo;القاعدةraquo; سوى ما نشر في وسائل الاعلام. ولكن، بمعزل عن هذه التحقيقات، أعتقد بأنه من جملة الفرضيات القائمة.


gt; وهل هي أكثر ترجيحاً من فرضية اسرائيل؟

- لا أملك أدلة ومعطيات، لا يمكنني أن أقول شيئاً.


gt; معروف أن laquo;حزب اللهraquo; يمتلك ماكينة أمنية، فهل صحيح ما يشاع من أن السيارة التي استخدمت في محاولة اغتيال مروان حمادة فُخخت في الضاحية؟

- هذا رائج أم تم ترويجه؟ السيد وليد جنبلاط رمى هذا الموضوع الى الاعلام.


gt; ولكن هل هي معلومات، أم أنها مجرد كلام؟

- أنا سمعت عن هذا الموضوع في الاعلام. ليس لديّ أي شيء خاص اولاً. ثانياً من يقول أن السيارة فخخت في الضاحية فليأتِ بشاهد، او بدليل. ثالثاً ليست لنا سلطة في الضاحية الجنوبية، ولا نراقب من يدخل ومن يخرج. هناك مواقف سيارات قدر ما تشاء، ومواقف شاحنات، وهناك مناطق صناعية بكاملها، تشهد حركة مرور كثيفة. وأنا أقول لك ما يجري بين هاتين البوابتين اللتين تجتازهما للدخول الى هنا، هذا هو المربع الامني. وأنا مسؤول عما يجرى هنا، أما ما يجرى في الضاحية، فلا يمكنني القول أنني مسؤول عن كل ما يجري فيها. اغتيل اثنان من خيرة رجالنا في عمق الضاحية الجنوبية وبعبوات ناسفة، فلنفرض جدلاً أن أحداً ما جاء وفخخ السيارة في الضاحية ما علاقة laquo;حزب اللهraquo;؟ الذي قيل لي ليس ان السيارة فخخت في الضاحية، بل ان لوحتها صنعت في أحد محال صب اللوحات في الغبيري. والتحقيق في هذا الامر ليس من مهماتنا بل من مهمة القوى الامنية. بامكان أي كان أن يأتي بسيارة ويصنع لها لوحة ليس في الغبيري فقط بل في حارة حريك، الى ماذا يدل ذلك؟


gt; يشهد البلد اغتيالات، ولها وقع سياسي والناس كلهم يتساءلون أليست لدى laquo;حزب اللهraquo; معلومات، او الا يتهم أحداً.

- لأتهم أنا بحاجة الى معلومات، ومن أين تأتي؟ من اختراق تشكيل معين اذا كان هو مَن نفذ العملية. أتحدث فنياً. حسناً اذا كان المنفذ أي حزب لبناني أنا لا أملك نفوذاً داخل هذه الاحزاب. لا أملك أحداً في laquo;الكتائبraquo; ولا laquo;القواتraquo; ولا laquo;الحزب الشيوعيraquo; ولا القومي، ليس لديّ عمل معهم. ولنفترض أنه تنظيم laquo;القاعدةraquo;. أنا ليس لديّ عمل أيضاً مع laquo;القاعدةraquo;. عملي محصور باسرائيل و laquo;جيش لبنان الجنوبيraquo; والشبكات ذات العلاقة المباشرة باسرائيل.


gt; وهل تجزم بأن لا علاقة لـ laquo;حزب اللهraquo; بكل هذه الاغتيالات؟

- لا أقبل أصلاً بأن يوجه الينا أحد أصابع الاتهام. أجزم طبعاً، لكنني بداية لا أقبل الاتهام. نحن أكبر متضرر مما جرى في لبنان. تصور أنني أنا الذي كنت أجري المقابلات وأتحدث بلبنان وفلسطين والأمة، صرت أدخل في متاهات تفخيخ السيارات والانقسامات الطائفية من شيعة وسنة ودروز وموارنة... الخ.


gt; مَن استدرج المقاومة الى هذا الجدل الداخلي؟

- هذا الذي يجعلنا نقول ان عملية اغتيال الرئيس الحريري عملية مشبوهة جداً جداً ويجب التوقف قبل توجيه الاتهام لأي كان، لأن حجم الاستهداف كبير، وهو بحجم الرئيس الحريري نفسه. لو مثلاً اغتيل كادر حزبي او نائب في البرلمان هل يقال ان هذا استهداف للبنان والمنطقة؟ لا، بل يكون استهدافاً لهذه الجهة، أما بقتل الرئيس الحريري فالاستهداف للبنان والمنطقة. أي ان هناك من يحمل مشروعاً للمنطقة. من جملة العناصر الاساسية المحققة لهذا المشروع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. اليوم اذا أخذنا التداعيات بعد 14 شباط. لا استقرار ولا أمن ولا طمأنينة ولا وضع اقتصادياً جيداً. والدولة تنتقل من أزمة الى أزمة. لكن هذا كله سهل. الاسوأ أن كل الحساسيات والاحقاد والضغائن الطائفية والمذهبية أعيد احياؤها من جديد. وفي الشارع اللبناني انقسامات حادة جداً. بدأتَ بسؤال هل نحن على مشارف حرب أهلية، وهو سؤال محق، فالناس متخوفون ولما كنا وصلنا الى هنا لولا اغتيال الرئيس الحريري. اذ أن من نفذ هذا الاغتيال ويُتبعه باغتيالات أخرى يهدف الى تخريب لبنان، واحداث فتنة طائفية ومذهَبية وتفتيت لبنان. هذا هو هدف الاغتيالات. فغداً يشعر المسيحي أن الدولة غير قادرة على حمايته فيعيش في كانتون والدرزي أيضاً، والشيعة يتقوقعون في مناطقهم والسنة كذلك، هذا ان لم يحملوا السلاح في وجه بعضهم بعضاً. وهذا خطر جداً.


gt; هناك كلام مفاده ان في حال حُرّرت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وأُطلق الاسرى، وأوقفت اسرائيل اعتداءاتها، ما المبرر لهذه الترسانة؟ هل ترسانة المقاومة بتصرف الطائفة الشيعية؟

- عندئذ يمكننا أن نقيم حواراً جدياً ونسأل ماذا سنفعل بهذا السلاح.


gt; حُكِي عن مشروع لقاء مع العماد عون، فهل سيبقى مشروعاً؟

- في الوقت الراهن الاعتبارات الامنية مؤثرة. أنا ليس لديّ أي تحفظ أن أذهب الى الرابية في أي لحظة. ليس لدي بروتوكول. هناك بعض الاشخاص الذين لديهم بروتوكول. أما أنا فلا أملك مشكلة بروتوكولية أو سياسية لأن أزور أحداً، ولكن عندي مشكلة أمنية، وكلنا اليوم مسجونون في البلد. بالمناسبة أنا مسجون في حارة حريك، وكلما أردت أن اذهب الى مكان يجب اتخاذ اجراءات كثيرة، لذا لا أخرج. ووليد جنبلاط مسجون في المختارة والعماد عون سجين الرابية، الرئيس نبيه بري يزور بعض الدول أحياناً، لكنه أيضاً محتاط وحذر، سعد الحريري مهجّر من البلد في شكل أو بآخر. الملاحظة الطريفة أن الوحيد الذي يملك حرية الحركة ويتجوّل في لبنان ذهاباً واياباً ويلتقي كل الشخصيات بكل ارتياح هو السفير الاميركي. فهو يذهب الى المختارة والرابية وعين التينة والسراي من دون أي مشكلة، لكنه طبعاً لا يذهب الى اليرزة او بعبدا بسبب العماد لحود (ضاحكاً).


قصة الوصاية


gt; يحكى كثيراً عن تضخيم قصة الوصاية الاميركية والفرنسية فيما لم يكن هناك أي اعتراض من جانبكم على الادارة السورية اليومية للشؤون اللبنانية، حتى ان هناك من يقول ان laquo;حزب اللهraquo; شارك في الحكومة ليفجر الامور في اللحظة المناسبة، لحظة الوصول الى المحكمة الدولية. ففي اليوم الذي خرج الوزراء اتخذ القرار بمحكمة ذات طابع دولي، وتوسيع التحقيق. ما رأيك بهذه القرارات؟

- أنا غير موافق على المقدمة. شاركنا في الحكومة بعدما قيل لنا اننا شركاء وسنتفاهم على الامور الاساسية، ولدينا فرصة لنبني البلد. هذه هي الحيثية الاساسية وعلى اساسها شاركنا في الحكومة. فنحن لم نشارك في الحكومات السابقة لأننا لم نكن مقتنعين بالطريقة التي تدار بها الامور، لذا لم نكن نعطي ثقتنا. وكان يطلب منا ولم نقبل. لم أهاجم السوري، صحيح، لأن علاقتي به استراتيجية. أما على المستوى الداخلي فكنت أعبر عن قناعاتي بالطريقة السياسية المتعارفة. فعندما تشكل سورية الحكومة وأقوم أنا فأحجب الثقة، ماذا أكون فعلت؟ وعندما دخلنا الحكومة شاركنا بهذه الخلفية. حتى لجنة التحقيق الدولية التي تحفظنا عنها منذ البداية، وطالبنا بلجنة عربية سعودية لبنانية، صوّتنا للتمديد لها (اللجنة الدولية) مداراة لاخواننا وشركائنا. عندما وصلنا الى توسيع لجنة التحقيق وتعرضت الاعلامية مي شدياق لمحاولة اغتيال، طرح الوزير مروان حمادة توسيع اللجنة لتشمل كل الجرائم. وفي ذلك الوقت اصدر الحزب التقدمي الاشتراكي بياناً رفض فيه توسيع اللجنة. اتصل الاخوان في laquo;تيار المستقبلraquo; بنا وقالوا هذا ليس طرحنا، اذا طرح الموضوع في مجلس الوزراء نتمنى ألا تصوتوا معه. وهذا منسجم مع قناعاتنا. وعندما وقعت حادثة جبران، طرح الموضوع مجدداً، فقلنا سابقاً قيل لا نريد ان نوسع لتبقى اللجنة مختصة بالرئيس الحريري كي لا تطول فترة عملها عشرين سنة، والآن نضيف مهاماً؟ laquo;شو عدا ما بدا؟raquo;، هذا طبعاً اضافة الى ملاحظتنا بأن هذا اعلان عجز، والخ.

أما (في موضوع) المحكمة الدولية فطلبنا مهلة الى يوم الخميس، فرفضوا. واعتبرنا ان خروجنا هو بالدرجة الاولى اعتراض على المبدأ، وهو الآن موضوع السجال. انا شاركت في الحكومة، ومنحتها الثقة على اساس اننا شركاء فتبيّن أننا لا نتفاهم ولسنا شركاء ولا نستحق حتى أن نعطى مهلة ثلاثة أيام لنتشاور بماهية المحكمة ذات الطابع الدولي. واذا لم نكن شركاء، لماذا نبقى اذاً في هذه الحكومة؟ وتفادياً لمزيد من السلبية، لم نقدم استقالتنا لان هذا قد يأخذ البلاد نحو جو مشحون كثيراً.


gt; لكن هناك شيئاً من الجمود حالياً. هل من توجه نحو الاستقالة؟

- لا. باب الحوار لم يقفل بعد. نحن بانتظار اجابات الرئيس السنيورة.


gt; هل افتقدت الرئيس الحريري في هذه الظروف؟ ولماذا؟

- طبعاً. فبالنتيجة لكل شخص شخصيته وتجربته، وهذا ليس تقليلاً من أهمية أحد. يعني أنا لا أقلل من أهمية الشيخ سعد ولا الرئيس السنيورة أو أي من الاخوان في laquo;تيار المستقبلraquo;. حتى الشيخ سعد لا يقول أنه مثل والده. لا شك في ان تجربة الرئيس الحريري وشخصيته وقدرته على الاستيعاب والمبادرة، كلها مميزة. ولو أنه كان موجوداً في أزمة كهذه لتغيَّر الكثير من الامور أو تعالج بسرعة. وتجربتي معه، على رغم اننا مررنا بمرحلة خلاف حاد، أثبتت انه على درجة عالية من المرونة، وامتصاص الاشياء واستيعابها حتى في أشد المواقف.


gt; ما أهم ما ميز رفيق الحريري؟ وهل كان يشكو لك خلافاته مع السوريين؟

- القدرة على التحمل وعدم اليأس. كان يشكو لي من السوريين وغير السوريين.


gt; غير السوريين مثل مَن؟

- لن أذكر أسماء، فهم اليوم رفاقه ولا يجوز أن نتحدث عنهم. فللمصادفة أن من شكا منهم سابقاً هم اليوم في 14 آذار. فمن يرفعون راية الرئيس الحريري اليوم الحقوا به أذى كبيراً في حياته، وكانوا يقولون عنه ما لا يقل عمن اختلفوا معه لاحقاً والمصنفين الآن خصوماً له.


gt; هل تعرفت عن قرب الى سعد الحريري؟

- طبعاً الفرصة التي أتيحت بعد استشهاد الرئيس الحريري، وفترة الانتخابات وتشكيل الحكومة، جرت لقاءات عدة. وأنا اقدر، وهذا اعتقادي الشخصي، لو أن الشيخ سعد الحريري موجود في لبنان، لتمت معالجة الكثير من الامور في شكل أفضل. فأنا أقدّر انه من تواصلي المباشر معه والذي سبق سفره الذي طال، نشأ نوع من المودة والثقة وكنا ربما laquo;نمونraquo; على بعضنا بطريقة ما لمعالجة الامور. فالبعد مشكلة، وأنا لا استطيع أن أتحدث على الهاتف لأسباب أمنية، وفي كل الأحوال التواصل بالواسطة شكل من أشكال الخلل.


gt; هل موضوع الرئاسة مطروح؟

- لا.


gt; أي هل نحن باقون حتى نهاية ولاية الرئيس لحود على الوضع ذاته؟

- على ما يبدو.


gt; هل تلتقي الرئيس لحود؟

- لا


gt; هل ما يمنع؟

- ظروف الحركة فقط، لكن هناك تواصلاً دائماً من خلال نوابنا ووزرائنا.


gt; اذا طُرح حل من نوع اختصار ولاية الرئيس لحود لتنفيس هذا الاحتقان، هل يوافق عليه laquo;حزب اللهraquo;؟

- معالجة الوضع الآن بخطوات جزئية، لا تنفع وقد تعقّد الامور أكثر، فأي معالجة يجب أن تكون شاملة. مثلاً الرئيس الحص تقدم بمبادرة، فيها طرح كامل وتقترح استقالة الرئيس وحل المجلس النيابي، انتخابات مبكرة، رئيساً جديداً وحكومة جديدة. هذه مثلاً صيغة قابلة للنقاش.

الرئيس لحود نفسه يقبل النقاش إذا قدمنا له مشروعاً متكاملاً. هو لا يقول انه غير حاضر للنقاش في المطلق، بحسب انطباعي الخاص. وفي المنهج الذي تناولته سابقاً، أرى مثلاً أن مسألة السلاح الفلسطيني لا تعالج إذا أخذنا موضوع المواقع خارج المخيمات أو مسألة الحقوق المدنية أو غيرها كجزئيات منفصلة. لا تمكن معالجة الأمور بهذه الطريقة. نحن الآن في حاجة إلى وضع الملف الفلسطيني كاملا على طاولة النقاش، وان يحصل حوار بين الحكومة اللبنانية وبين الفلسطينيين في لبنان حول كل هذه المواضيع: السلاح خارج المخيمات، وضع المخيمات، حقوق المدنيين ومستقبل وجودهم. نحن اللبنانيين معنيون بهذا الموضوع.


gt; هل سبب لكم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات إحراجاً ما؟

- نحن نقول أن المسألة في حاجة إلى حل. لم نقل ان هذا السلاح يجب أن يبقى. لكننا نرفض القول انه تجب إزالة هذا السلاح بالقوة عبر إرسال الجيش اللبناني، لأن ذلك يؤدي إلى وقوع معركة. مع احترامنا لهذا السلاح نرى انه لا يستأهل وقوع مشكل كبير في البلد من أجله، فالمواقع في الجبال مخفية ومنعزلة. نحن نقول فلتبدأوا الحوار مع الفلسطينيين، وهم جاهزون للحوار ولا يرفضونه. من أفشل الحوار ليس الفلسطينيون بل اللبنانيون. كان الحوار جارياً معهم، عندما أرسلوا (الحكومة) إليهم الجيش بلا سبب.


gt; هل ما زال هناك إمكان لحصول لقاء بينك وبين النائب وليد جنبلاط؟

- طبعاً، حتى لو تخاصمنا أو اعتبرنا انه ظلمنا وتجرأ علينا وأساء إلينا. في النهاية نحن في لبنان محكومون بالجلوس مع بعضنا بعضاً وبالتفاهم لحل مشاكل البلد، ولا أحد يستطيع تجاهل الآخر. وقول جنبلاط إن قوى 14 آذار وحدها تقرر مصير لبنان من أخطائه التاريخية. هذا أعادنا إلى العزل، ولا اعني عزل الشيعة، فتقرير ميليس أشار إلى أن (المتظاهرين في) 8 آذار كانوا مليوناً، وهم يثقون بتقرير ميليس، ويعتبرون أن شهادته لا ترد. وعندما يقول جنبلاط أن قوى 14 آذار وحدها تقرر مصير البلد، فهو بذلك يعزل مليون شخص كانوا في الساحة، عدا عن أولئك الذين لم يتمكنوا من الحضور.

قناعتنا أن لبنان لا يقوم على ثنائيات ولا على ثلاثيات، لا على طوائف كبرى ولا وسطى ولا صغرى. لبنان في حاجة إلى الجميع، وعلى الجميع أن يتفاهموا. وإذا انطلقنا من هنا، يجب أن نتكلم مع بعضنا بعضاً، حتى لو أخطأ في حقي أو أخطأت في حقه، جنبلاط أو غيره.


gt; إذا طرحت فكرة لقائك مع سمير جعجع، هل هناك موانع؟

- أهلاً وسهلاً، ليس هناك أي موانع.


gt; هل خطر في بالك أن تشجع سعد الحريري على العودة إلى البلد، أو أن تسهل عودته وتبدد مخاوفه؟

- أحب ذلك، لكنني لا اجرؤ على دعوته. لست الجهة القادرة على تأمين أي شكل من أشكال الحماية له أو لغيره. مثلما حصل عندما قال وليد بيك انه يطلب الحماية مني، أنا لست قادراً. أنا أحمي نفسي وraquo;كثر خير اللهraquo;. أنا أقول أن هناك جهات مشبوهة تعمل على الساحة اللبنانية لتفكيكها.


gt; هل هي جهات إسرائيلية؟

- الله أعلم. أي استخبارات دولية أو إسرائيلية أو مجموعات لا نعرف طريقة تفكيرها. في ساحة من هذا النوع، أنا أتمنى وأرجو وأفضل وأرى من المصلحة الوطنية أن يكون الشيخ سعد موجوداً في بيروت، لكنني لا أستطيع تحمل مسؤولية توجيه نداء إليه ليعود.


مخاوف من الفتنة


gt; هل أنت خائف من فتنة سنية - شيعية، وهل تجد ان هناك من يدفع في هذا
الاتجاه؟

- نعم، أرى ان هناك دفعاً في هذا الاتجاه.


gt; هل عندك مخاوف من أمر كهذا في الشارع؟

- هناك احتقان في الشارع، وواحد من أسباب عتبنا على جنبلاط تصريحاته اليومية التي تؤدي إلى هذا الاحتقان. مثلاً، عندما يتحدث عني، يقدمني على أنني أدافع عن القتلة، وعلى أنني ضد كشف الحقيقة ومحاكمة قتلة الرئيس الحريري. ما الذي يفعله هنا؟ انه يحرض السنة ضدي وضد الشيعة. هو يقول انه لا يقصد التحريض، لكن كلامه يقود إلى ذلك.

ما الذي فعله عندما قال إن سلاح المقاومة هو سلاح الغدر؟ هو حرض كل من يحب المقاومة ويدعمها ضدي وضد من يدافع عني، ويقول انه لا يقصد التحريض، لكنه laquo;خرب الدنيا وأقامهاraquo;. وعندما يلمح (جنبلاط) الى سيارات مفخخة، هو يحرض الدروز على الشيعة في قصة مروان حماده، ويحرض المسيحيين على الشيعة في قصة التفجيرات التي وقعت في مناطقهم. وعندما يتكلم عن نص له علاقة بالمقاومة، هو نفسه الوارد في البيان الوزاري مع إضافة عبارة أن المقاومة ليست ميليشيا، يستنتج أن هذا اتفاق قاهرة جديد، ويحرض المسيحيين على laquo;حزب اللهraquo; والشيعة. وكذلك عندما يحرض اللبناني على الفلسطيني أو السوري، ويطالب الجيش بالذهاب إلى الجنوب.

لذلك أقول نعم، هناك مناخ سيئ جداً. مثلاً، نحن ما دخلنا نحن بحادثة الناعمة؟ إذا تكلمنا طائفياً، ما هي علاقة الشيعة في الحادثة؟ لا شيء. حصل الإشكال بين شرطيين من البلدية وبين شباب من laquo;الجبهة الشعبية - القيادة العامةraquo;، وهم فلسطينيون غير شيعة وحصل تراشق ناري. أحضروا 25 شاباً وقطعوا الطريق الدولية لأربع ساعات واحرقوا الدواليب، في حين انتظر عشرات آلاف المواطنين على جانبي الطريق عشية العيد، ولم تحرك القوى الأمنية ساكناً. هذا كله بسيط. أن يهتف الشبان الذين أحضرهم وليد جنبلاط مطالبين بالزرقاوي وخدام وصدام، ويشتموني ويشتموا الرئيس بري. يشتموني بسيطة، أما أن يشتموا الرئيس بري! لكن ماشي الحال. ما علاقتنا بالموضوع؟ نحن نقول إننا لا نقبل أن يعالج السلاح الفلسطيني خارج المخيمات بالقوة، لأننا حريصون على الأمن والاستقرار ونعتبر الفلسطيني أخاً لنا وجندي الجيش اللبناني أخاً لنا. لكن، ثمة أشخاص لا يجدون مشكلاً في قتال الجيش اللبناني مع الفلسطيني، لأن الفلسطيني وابن الجيش اللبناني لا يعنيان لهم شيئا. أما الخطر فهو أن نسمع هتافات تطالب بالزرقاوي، لأن ذلك يعني انهم يطالبون بالتفجيرات، بتفجير حسينيات وكنائس ومساجد وسنة وشيعة وأكراد... هل هكذا نبني البلد؟


laquo;القاعدةraquo; في لبنان


gt; الزرقاوي أعلن أن الصواريخ التي أطلقت من الجنوب، كانت بتوجيه من أسامه بن لادن. ما هي معلومات laquo;حزب اللهraquo; عن الموضوع؟

- ليست لدي معلومات خاصة، لكن لا استبعد ذلك.


gt; هل الأمر سهل إلى هذا الحد؟

- في الجنوب نحن مقاومة ولسنا سلطة. هناك جيش وقوى أمنية في الجنوب. حتى في مناطق الشريط المحرر، لا يوجد أي عسكري أو مسلح من laquo;حزب اللهraquo;. هناك حواجز للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي. وبالتالي نحن موجودون على الحدود في نقاط غير علنية، حتى إذا جاء الإسرائيلي ليعتدي على بلدنا، نواجهه. هذا هو الأمر. أما ما يحصل في هذه الضيعة أو المدينة أو الوادي، فأنا لست مسؤولا عن الأمن. وبالتالي يمكن لأي أحد أن يأتي إلى أي بستان - والجنوب واسع - ويضع صاروخين في صندوق ويصلهما بالبطارية الموقتة ويرحل، وبعد ساعة ينطلق الصاروخ.


gt; ألا تجد أن الأمر خطير؟

- نعم هو خطير وغير مقبول.


gt; إذا ما العمل؟

- لا يوجد حل لهذا الموضوع. حتى لو كان الجيش مرابطاً على الحدود. ففي المناطق التي انطلقت منها الصواريخ كان الجيش موجوداً، لكنه لم يستطع عمل شيء. الحل هو في ضبط الوضع الداخلي.


gt; هل ثبت أن laquo;القاعدةraquo; هي التي نفذت العملية؟

- ممكن، لكنني لا أستطيع التحديد. أنا اعرف ان في مخيم عين الحلوة بعض الأشخاص المبايعين للزرقاوي. ونحن نعتبر هذه العملية خطأ، لأننا نعتبر أن الكاتيوشا يستخدم في الاستراتيجية الدفاعية. إذا اعتدى علينا الإسرائيلي نرد عليه بالكاتيوشا، لكن الكاتيوشا ليس سلاح عملية جهادية. سلاح العملية الجهادية هو مهاجمة موقع أو آلية أو دورية أو زرع عبوة، هذا هو تاريخ المقاومة. نحن لم نستخدم الكاتيوشا إلا في حال رد الفعل. أما أن نطلق الصواريخ من دون سبب، فهذا مخالف لاستراتيجيتنا ولا نوافق عليه.


gt; هل تشعرون بإمكان حصول صدام بين laquo;حزب اللهraquo; وlaquo;القاعدةraquo; في المرحلة المقبلة؟

- من المفترض أن هذا الأمر مستبعد.


لبنان والنووي الإيراني


gt; يبدو الرئيس احمدي نجاد كأنما ينقل إيران إلى موقع الهجوم. هناك سؤال يقول: إذا أفقنا ذات يوم على طائرات تقصف المفاعل النووي الإيراني، فإن laquo;حزب اللهraquo; سيمطر اسرائيل بكمية من الصواريخ وسيشعل الجبهة. ما رأيك في هذا السيناريو، والى أي مدى يمكننا ربط الساحة اللبنانية بالمفاعل النووي الإيراني؟

- هذه أسئلة افتراضية، لكنني اسأل هل نحن معنيون بطمأنة إسرائيل إلى هذا الحد. ومن هنا لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، لأنني لو أجبت بالإيجاب لفتحت على نفسي مشكلاً منذ الآن. وإذا أجبت بالنفي سيكون ذلك تطميناً لإسرائيل.


gt; هناك من يعتقد بأن laquo;حزب اللهraquo; يحمّل لبنان أثقالاً وأعباء تفوق قدرته عبر هذه العلاقة الاستراتيجية مع سورية وإيران. هذا التحالف يدعم المقاومة، لكن هذه المعركة تعوق انضمام الحزب إلى صيغة استقلال واستقرار، ما هو رأيك؟

- فليشرحوا لنا ما هي هذه الأعباء.


gt; هناك أشخاص يستنتجون أن الدور الإقليمي لـ laquo;حزب اللهraquo; يمنعه من تقديم تنازلات في الداخل اللبناني وربما يحول دون استكمال عناصر الاستقلال والاستقرار؟

- ما هي التنازلات المطلوبة في الداخل لمصلحة الوطن ولم يقدمها laquo;حزب اللهraquo;. laquo;حزب اللهraquo; موجود في الجنوب كمقاومة. ويقوم بين فترة وأخرى بعملية تذكيرية ليقول أن مزارع شبعا ما زالت محتلة، وهناك موضوع الأسرى الذي يحتاج إلى حل والخروقات الإسرائيلية التي نتعاطى معها بمسؤولية. الحزب موجود كعامل توازن حتى لا يعتدي الإسرائيلي على لبنان بحجة وغير حجة. ودوره هو حماية لبنان في ما خص الصراع العربي- الإسرائيلي. طبعاً في الإعلام والسياسة نقف مع الانتفاضة الفلسطينية، لكن كلنا مع الانتفاضة وليس laquo;حزب اللهraquo; فقط. جزء كبير من الفضائيات العربية والإعلام العربي مع الانتفاضة مثلنا ويدعمها. هذا هو الحد الأدنى، أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في الإعلام والسياسة سواء كان معك سلاح أم لا.


الفيتو الإيراني


gt; هل هناك مصلحة عربية في تحول إيران دولة كبرى في المنطقة؟ مثلا، هل يتوجب على الرئيس السنيورة إذا أراد تشكيل حكومة أن يعالج إضافة إلى الفيتو السوري (في حال وجوده) آخر إيرانياً؟

- هذا الموضوع مرتبط بفهم الناس لإيران. نحن موجودون في لبنان، وشئنا أم أبينا ينظر الناس إلينا كقوة لإيران أو كشكل من أشكال النفوذ. إذا كان ذلك صحيحاً أم خطأ بحث آخر. نحن لبنانيون وإدارتنا لبنانية وقيادتنا لبنانية. ندخل إلى الحكومة أو نخرج منها عندما نريد ذلك. وإيران لا تتدخل في شيء لا معنا ولا مع الحكومة اللبنانية، مع العلم انه إذا أرادت إيران أن تمارس نفوذها بناء على هذه النظرية فهذا هو الوقت، على اعتبار أن laquo;حزب اللهraquo; اليوم، من دون نقاش، اكبر حزب سياسي في البلد، بغض النظر عن عدد النواب لأن هذا له علاقة بقانون الانتخاب، أو هو على الأقل من اكبر الأحزاب السياسية وقوة لا يستهان بها على كل صعيد، وهو محسوب على إيران. ليقدموا لنا مثلاً واحداً على تدخل إيران في الساحة الداخلية أو أمراً واحداً احتاج الرئيس السنيورة أو غيره أن يذهب إلى إيران لمعالجته. هذا واقع قائم. أنا لم أجد حتى اليوم أن إيران تتصرف بهذه الطريقة. حتى في العراق هي لا تقوم بهذا الأمر. من يتصور أن هناك قوى سياسية عراقية تنفذ أوامر إيرانية مخطئ. هناك علاقة متينة بيننا وبين إيران، لكن هذا أمر ومسألة أن إيران تستفيد من احترامنا لها للتدخل في شؤوننا أمر آخر، وهذا لم يتم. الائتلاف العراقي الموحد كتلة برلمانية كبيرة ومن حقه ترشيح رئيس وزراء، هل يتصور أحد أن إيران تقول للائتلاف أن يسمي (ابراهيم) الجعفري ولا يسمي (عادل) عبد المهدي أو غيره؟ هذا لم يحصل.


gt; من الملاحظ أن إيران تستكمل جمع الأوراق: خالد مشعل يذهب إلى هناك ليعلن التحالف، ورمضان شلح ليس محتاجاً ليذهب ليكون متحالفاً؟

- الفصائل الفلسطينية قرارها مستقل. هل تنفذ أوامر إيرانية؟ اسألوها لتؤكد ما قلته. حتى التليفونات مراقبة.


gt; هل يمكن أن نصل إلى حد أن نختار بين الحقيقة وبين الاستقرار؟

- في رأيي ليس هناك تناقض بين الأمرين.


gt; حتى لو وصل التحقيق القضائي إلى أن الفاعل ينتمي إلى جهاز معين؟

- إذا كشف التحقيق الفاعل، ففي الحد الأدنى سيكون هناك إجماع لبناني ضد الفاعل. وعندما يكون هناك إجماع لبناني حقيقي، لن يتمكن أحد من المس بالاستقرار. استقرار لبنان يتهدد في ظل انقسامات اللبنانيين وخلافاتهم.


gt; هل يستحق استقرار لبنان وسورية وتجاوز هذه الأزمة أن نبحث عن مخرج لا عن الحقيقة؟

- لم يطرح أحد فكرة البحث عن مخرج. نريد الحقيقة. وأنا من الأشخاص الذي يصرون على كشف الحقيقة ليس اقل من سعد الدين الحريري. وأنا أقول إن هذه الحقيقة عندما ستكشف ستترك انعكاسات كبرى على لبنان والمنطقة.


gt; هل ترى أن سياسة الرئيس الإيراني مستفزة إلى حد ما؟

- في الموضوع الإسرائيلي فقط، أما في الموضوع النووي فالسياسة نفسها ما زالت متبعة كما في زمن السيد محمد خاتمي. وهذه السياسة في الموضوع النووي محل إجماع داخلي في إيران.

في الموضوع الإسرائيلي أزعجت السياسة الإيرانية البعض في المنطقة وأحرجت البعض الآخر. وفي رأيي أن (محمود) احمدي نجاد قال ما يجول في خاطر ومشاعر 1.4 بليون من المسلمين في العالم. وأقدر انه لما تحدث عن موضوع المحرقة وفكرة اخذ إسرائيل إلى كندا أو ألمانيا أو الاسكا، فقد عبر عما يجول في ضمير بليون و390 مليون مسلم، والبقية سأسيء الظن بهم وأقول إن كلام نجاد أزعجهم. أما الأكثرية ففرحوا واعتبروا انه يعبر عن مشاعرهم وقناعاتهم التي لا يمكنهم التعبير عنها نتيجة الظروف الدولية والإقليمية والأنظمة والحكام. فما هي المشكلة من خطاب نجاد ضد إسرائيل؟ هل يضر ذلك بالعرب؟ اعتقد أننا نستفيد.

الجزء الأول من الحوار:

نصر الله: تسألون عن الحرب الأهلية وجوابي...