(٤ )‬

عقيل سوار

إزاء هذه القراءة السريعة لشخص علي‮ ‬سيار‮ ‬،‮ ‬كان طبيعيا أن‮ ‬يظهر التباين‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الندوة التي‮ ‬أسهمت فيها مع الزميلين علي‮ ‬صالح وإبراهيم بشمي‮ ‬وهما من أصحاب السير الصحافية الأكثر إلتصاقا بصدى الأسبوع‮ ‬،‮ ‬حيث اتفقنا في‮ ‬ملتقى الجزيرة العامر،‮ ‬على أمور واختلفنا على أخرى في‮ ‬تحليلنا أو(روايتنا‮) ‬لسيرة علي‮ ‬سيار التي‮ ‬هي‮ ‬بالضرورة سيرة صدى الأسبوع‮ ‬وموقعها في‮ ‬تاريخ صحافتنا البحرينية،‮ ‬التي‮ ‬مثل أي‮ ‬رواية تاريخية‮ ‬،‮ ‬كان لكل منا فيها شهادته وتحليله الموضوعي‮ ‬غير البريء بالضرورة من الخصومات العاطفية‮. ‬
كان مصدر علاقتي‮ ‬العاطفية الخاصة والمتينة بعلي‮ ‬سيار‮ ‬،‮ ‬هي‮ ‬أنني‮ ‬طالما حسبته‮ ‬في‮ ‬مقام والدي‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬فقدته صدفة في‮ ‬نفس الوقت الذي‮ ‬إلتقيت فيه علي‮ ‬سيار‮ ‬،‮ ‬عام‮ (٧٠ /٧١) ‬وتعاملت معه بهذه الروح‮ ‬،‮ ‬ولا أزال،‮ ‬لكن خارج هذه العلاقة أو ربما بتأثير‮ ‬غير مباشر منها‮ ‬،‮ ‬طالما نظرت لعلي‮ ‬سيار موضوعيا،‮ ‬على أنه إنموذج للإنسان البحريني‮ ‬الشريف النقي‮ ‬النادر الوجود خارج جيل آبائنا بما‮ ‬يحمله ذلك الجيل من قيم تعلمها بالفطرة‮ ‬،‮ ‬وحاول علي‮ ‬سيار أن‮ ‬يعلمنا إياها‮.‬
في‮ ‬الجانب الموضوعي‮ ‬،‮ ‬لم‮ ‬يعلمني‮ ‬علي‮ ‬سيار كيف أكتب مقالا،‮ ‬لكنه علمني،‮ ‬بإحساسه الفني‮ ‬والجمالي‮ ‬المرهف وبمثابرته على قراءة وتنقيح كل ما‮ ‬يكتب في‮ ‬صدى الأسبوع من الغلاف إلى‮ ‬الغلاف بعد صدور العدد وليس قبله أبدا‮ ‬،‮ ‬كيف أكون صحافيا‮ ‬،‮ ‬عبر إحترام اللغة،‮ ‬وعبر الحرص على خصوصيتي‮ ‬الفنية،‮ ‬كحرصي‮ ‬على موقفي‮ ‬الأخلاقي‮ ‬وشرفي،‮ ‬وقد أتاح لي‮ ‬علي‮ ‬سيار بما علمني‮ ‬إياه من تلك المبادئ أن أرفد موقفي‮ ‬الإنساني‮ ‬في‮ ‬لعبة الخير والشر‮ ‬،‮ ‬بما لم‮ ‬تعلمني‮ ‬إياه مدرسة السياسة الحزبية‮ (‬حركة القوميين العرب‮)‬،‮ ‬التي‮ ‬ما زلت أدين لها بمنة‮ ‬تثقيف أبجديات هذه العلاقة فيَّ‮ ‬،‮ ‬لكنها منة لم تمنعني‮ ‬أن أغادرها‮ (‬الحركة‮) ‬مبكرا في‮ ‬وقت ما على مشارف السبعينيات مستعيدا عبر العمل الصحافي‮ ‬،‮ ‬إنسانيتي‮ ‬وشخصيتي‮ ‬وذاتي،‮ ‬التي‮ ‬عززها علي‮ ‬سيار بما علمه لي‮ ‬من معاني‮ ‬الاستقلالية والوسطية،‮ ‬وحسن تقديم الكلام الذي‮ ‬نستحي‮ ‬منه،‮ ‬وجسارة ارتكاب الأخطاء‮.‬
‮ ‬لقد أرجعت في‮ ‬كل مرة تحدثت فيها عن علي‮ ‬سيار،‮ ‬وأثره فيً‮ ‬وفي‮ ‬صدى الأسبوع‮ ‬إلى كون علي‮ ‬سيار قد تركنا نخطئ،‮ ‬وتحمل معنا وأحيانا عنا تبعات تلك الأخطاء،‮ ‬وذلك حمل‮ - ‬طالما البخل المنسوب لسيار محور في‮ ‬هذه المقالات‮ - ‬لا‮ ‬يأتي‮ ‬مثله من لا‮ ‬يملك نفسا كريمة‮.‬
وكذلك فعل مع‮ ‬غيري‮ ‬من الزملاء بفطرة لا افتعال فيها،‮ ‬انعكست علينا جميعا بدرجات متفاوتة،‮ ‬وارتسمت في‮ ‬شخصية صدى الأسبوع ذاتها،‮ ‬التي‮ ‬تحولت بسبب جسارة علي‮ ‬سيار وحيويته الإنسانية إلى شخصية حية قائمة بذاتها‮.‬
للحديث صلة