كتب طلال العنزي وداهم القحطاني: وسط الترقب السياسي والشعبي امس لتصاعد quot;الدخان الأبيضquot; من اجتماعات أقطاب الأسرة الحاكمة، وهو الدخان الذي فُهم انه لن يظهر قبل مطلع الاسبوع المقبل، بدت quot;القرقعةquot; التي أثارها النائب أحمد السعدون في اليومين الأخيرين، على خلفية اعلان رئيس مجلس الأمة، أمس أيضاً وتكراراً، تمسكه بالدستور في شأن آلية اداء سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله اليمين الدستورية، عامل تشويش على quot;صمت القصورquot;، وعنصر تأجيج مفتعل لموضوع، حام طبعا،ً لكنه كان يمكن أن يبقى من دون اشتعال ظاهر على الأقل، quot;يحرقquot; الصورة الجميلة للانتقال السلس للسلطة الذي شهد له العالم بأسره.
وquot;ثقابquot; السعدون بلغ أوج ناره أمس باتهامه جهات لم يسمها بالسعي الى جعل مسألة القسم quot;منفذا لازاحةquot; الشيخ سعد وquot;عزلهquot;، فيما كان الرأي النيابي الغالب، ومنه رأي الخرافي، يعول مجدداً على quot;حكمة كبار الأسرةquot;، للوصول الى حل للجدل الدستوري، ولكل جدل يتعلق بمستقبل مؤسسة الحكم، يبعد هذا الأمر عن مجلس الأمة، ويجنبه التدخل في الموضوع المنوط، دستوراً، بالأسرة نفسها.
وفي مجلس الأمة، كان النواب، كما المواطنون في الخارج، يترقبون نتائج اجتماع أقطاب الأسرة ظهراً، ويحاولون تسقط أخباره، والحصول على quot;خيوطquot; معلومات، ودخل عدد منهم على الرئيس الخرافي، في مكتبه بالمجلس، أملاً في تلمس الأجواء التي يمكن أن تكون تسربت من الاجتماع، وللتشاور في السيناريوات الممكنة، والمعلومة الوحيدة التي توافرت أن الاجتماع النهاري استكمل بآخر مسائي في قصر الشعب، مقر اقامة سمو الامير الشيخ سعد العبدالله،
وقالت مصادر برلمانية ان المشاورات التي شهدها مكتب الرئيس الخرافي أظهرت quot;تفهما نيابيا لضرورة ألا يكون مكان حل الجدل الدستوري هو قاعة عبدالله السالم، بل خارجها، عبر وصول الاسرة الحاكمة الى تسوية شاملة لشكل الحكم في الكويت بعد مرحلة سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمدquot;، وتبلور اقتناع لدى النواب بأن quot;المسألة تتطلب تعاملا سياسيا لا اجرائيا، فتوافق الاسرة سيسهل مهمة المجلس في تنفيذ النصوص الدستورية كما يجبquot;.
ولوحظ صمت نيابي شبه كامل عن التعليق على هذه المسألة لحساسيتها، لكن نواباً لمسوا لدى الرئيس الخرافي quot;حرصاً فعلياً وحقيقياً ومنطلقاً من اقتناع مبدئي، على ضرورة احترام الدستور، لاعتباره أنها مسؤولية تاريخية في عنق كل رئيس مجلس الامةquot;.
وأكد الخرافي أمس أنه كان وسيظل quot;مجتهدا في تطبيق الإجراءات الدستورية والعمل على كل ما من شأنه ضمان استقرار البلاد وحماية الدستورquot;، وقال للصحافيين في مجلس الأمة quot;أنا سأجتهد في القيام بما هو مطلوب مني كرئيس للمجلس، وسأكون حريصا على كل الاجراءات الدستورية واللائحة المتعلقة بمجلس الامة، كما سأحرص على معالجة أمورنا بالحكمة والحرص على استقرار الكويت والحفاظ على دستور الدولةquot;.
ودعا الى quot;الحكمة الحكمة الحكمةquot; في التعامل مع الأحداث الراهنة، مشدداً على ضرورة quot;الحرص على استقرار البلد وعدم التشنج والإساءة الى الاخرين، وعدم تفسير النوايا او التشكيك فيهاquot;، وأبرز مجدداً quot;الثقة بحكمة الاسرة الحاكمة الكريمة ومعالجة كل ما يحتاج الى معالجةquot;.
وسئل الخرافي عن الاتهامات الموجهة الى الرئاسة من بعض وسائل الإعلام والانترنت فأجاب quot;اننا في بلد ديموقراطي ونتقبل كل وجهات النظر (،،،) وثقتي كبيرة في القارئ الكويتي (،،،) وفي تقييمه وقدرته على معرفة الحريص على بلدنا من غير الحريصquot;.
وفي المقابل، انتقد النائب احمد السعدون بشدة أمس quot;اصرارquot; بعض النواب على ان يؤدي سمو الامير الشيخ سعد العبدالله الصباح القسم الدستوري كاملا، ورأى في ذلك محاولة quot;لعزلهquot;.
وقال السعدون لوكالة فرانس برس: quot;هدفهم ليس المحافظة على الاجراءات الدستورية بل ان غرضهم الاساسي هو عزل سمو الاميرquot; مضيفا quot;لن نجعلهم باذن الله قادرين على الوصول الى هذا الهدفquot;.
وشدد السعدون على ضرورة تسهيل اجراءات القسم الدستوري داعيا الاسرة الحاكمة الى quot;عدم تمكين البعض من شق الصفquot;، واضاف موجها كلامه الى الاسرة الحاكمة quot;يفترض ألا يسمح لاحد بان يجعل من انتقال السلطة مشكلة في الكويت لاغراض يريدها هوquot;، وتابع quot;يريدون ان يجعلوا من القسم منفذا لازاحة سعد العبدالله واناشد مرة اخرى انه لا يجوز ان نسمح لهؤلاء بان يعزل امير الكويت بسبب اهوائهم وليس بسبب تمسكهم بالدستورquot;.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر برلمانية أن مجلس الأمة quot;يفترض ان يوافق على حل توافقي لهذه المسألة عبر ايجاد صيغة مختصرة لنص القسم او عبر قيام شخص بقراءته كاملا ويقوم الامير من جهته بالاعلان (اوافق)quot;.
النائب علي الراشد أكد في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot; الالتزام بتطبيق الدستور والمادة 60 التي quot;ليس باستطاعتنا ان نعدل فيهاquot;، لكنه أشار الى أن quot;ثمة توجهاً كبيراً لدى مجلس الأمة الى ألا يحسم الصراع (في شأن آلية اداء القسم) أمام المجلس وألا يكون المجلس طرفاً في هذا الصراعquot;، متمنياً quot;ان يكون الحل من خلال الأسرة الحاكمة نفسهاquot;، وأضاف quot;نحن على ثقة كاملة بأن هذه المسائل ستحل بحكمة كبار الأسرة وتالياً ستصل المسألة الى الطريقة المرجوة من دون ان تأخذ ابعاداً اكثر من ذلكquot;، وتابع quot;اعتقد أنه سيكون ثمة مخرج يرضى عنه جميع ابناء الشعب الكويتي وسيكون هناك توافق ولا تصل الأمور الى أكبر من ذلكquot;.
واذ ذكّر بأن الدستور ناط اختيار الأمير وولي العهد بالأسرة الحاكمة quot;بدايةquot;، أمل في quot;الا يكون مجلس الأمة طرفاً في هذه المسألةquot;، وقال quot;نريد من الأسرة الحاكمة ان تحل هذه المعضلة ونحن على ثقة كبيرة بحكمة آل الصباح وحكمة هذه الأسرة الكريمة لحل هذه القضية، ليأتوا بعد ذلك الى مجلس الأمة من دون أن يضعوا المجلس في هذه المسألةquot;، واذ أشار الى أن المصادقة على اختيار ولي العهد quot;من مسؤولية مجلس الأمةquot;، كرر أن quot;مسألة من يتم اختياره ليكون ولياً للعهد منوطة بالأمير فقطquot;،
وفي الاطار نفسه، دعت الحركة الدستورية الاسلامية في بيان أصدرته أمس، الأسرة الحاكمة الى quot;التمسك بوحدتها وتوافقها كأسرة واحدةquot;، وطالبت بـquot;الحفاظ على المكتسبات الشعبية التي تحققت في المرحلة السابقة ومن أهمها فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراءquot;، وأكدت الحركة quot;مواقفها السابقة باعتبار الأسرة الحاكمة من أهم مقومات استقرار الدولةquot;،