توقيع

فاتح عبدالسلام

افتقدت الساحة العراقية زمناً طويلاً الاعلان بوصفه فناً راقياً تشترك فيه جميع الفنون البصرية والتكنولوجيا الحديثة.

وكانت الاعلانات رسمية سقيمة ولأنَّ الانفتاح علي الشركات والبضائع غير متاح في ظل سيطرة الدولة علي كل شيء وخنق القطاع التجاري الخاص فان التنافس الاعلاني لم يكن له وجود حقيقي. غير ان الحال لم يتحسن كثيراً، فقد هجمت علي العراقيين انواع اخري من الاعلانات التي جاءت في سياق الحملات الدعائية الانتخابية وظهر هناك استخدام طفيف لبعض التقنيات الفنية لترويج رأس مسؤول او كلامه او الشعار الذي ينادي به. ويبدو ان الاسلاميين اندمجوا في عالم الاعلان اكثر من العلمانيين فراحوا يسخون علي بند الاعلانات سخاءاً كبيراً وبعد إنتهاء موسم الانتخابات اختفت الاعلانات ولم يعد أحد يولي اهتماماً بلافتة تحمل شعاراً او عنواناً لحركة او حزب، ولعل أهم اعلان يسترعي انتباه المواطن العراقي هو اللوحات الحديدية التي تحذّر من الاقتراب من دورية عسكرية او رتل عسكري امريكي، لأنَّ تجاهل قراءة ذلك الاعلان يكلفّ المواطنين ارواحهم ثمناً لتلك الغفلة. في شوارع العواصم الرئيسة نري لوحة الاعلان الالكترونية مصممة بدقة وجمال وفن تخاطب الجميع، وتبدل معلوماتها وموادها بين ساعة وأخري ومنها من يتبدل بين دقيقة وأخري او اجزاء من الدقيقة. ربما اعلانات من هذا المستوي في العراق تحتاج الي قوات تحميها.لم يعد مجدياً تسويق رؤوس السياسيين العراقيين الضخمة الحاسرة او الملفوفة او المغطاة في اعلانات تجارية، لأن اولئك لم يستطيعوا تسويق انفسهم للعراقيين سياسياً خلال ثلاث سنوات لعبوا فيها كيف شاءوا.. فمن اين ان ينقذهم اعلان تجاري لا أحد يدري من أين تمويله.