سمير عطا الله
لعل اهم محطة في جولة الملك عبد الله بن عبد العزيز الآسيوية، هي الهند. على الاقل من وجهة نظر نيودلهي ورؤيتها لبلد يعيش ويعمل فيه مليون هندي، ومنطقة يعمل فيها ملايين الهنود. وتكتب الصحف الهندية عن الزيارة التي تصادف في اليوم الوطني، او laquo;يوم الجمهوريةraquo;، وكأنها تحتفل بمجيء رئيس اميركي او عاهل بريطاني في مرحلة ما بعد الاستقلال. وتسعى دلهي الى اقامة علاقات اقتصادية وسياسية على أوسع وأعمق نطاق ممكن. ففي الاقتصاد تعتمد بلد المليار على الشراكة الموسعة مع اكبر مصدر للطاقة، وفي السياسة تأمل الهند بأن تستخدم السعودية رعايتها الاسلامية اولا في بعض النزاعات التاريخية مع باكستان، وثانيا حيال عشرات الملايين من مواطنيها المسلمين. ولذلك اعدت العاصمة الهندية استقبالا غير عادي للملك عبد الله، متوقعة رفع العلاقات الى مستويات غير عادية.
وتريد الهند، كما يقول كتّابها وسياسيوها، ان يوحوا للملك وللمملكة بمدى ما يعولون على دوره في القارة الآسيوية التي يجول عليها اول عاهل سعودي. وترى الهند والصين في المملكة مصدرا حيويا لا غنى عنه في المستقبل القريب والبعيد. وتعتقد دلهي انها اذا توصلت الى علاقة خاصة مع الرياض، امكنها ان تقيم توازنا نادرا في علاقاتها الآسيوية الاخرى، خصوصا اندونيسيا وباكستان، ناهيك من الدول الاسلامية او شبه الاسلامية الاخرى.
وفي هذا الباب يجب ألا يغيب عن البال ان الملك عبد الله بن عبد العزيز يقوم بجولته في زمن متغير. فلا الصين عادت تلك الدولة الشيوعية المندفعة بآيديولوجيتها نحو العالم الاسلامي، ولا الهند لا تزال تقيم تلك العلاقة الخاصة مع الاتحاد السوفياتي الشيوعي. لقد مضى زمن ذلك الصراع الذي كان يسقط فيه مئات الآلاف من الضحايا، في اندونيسيا او الهند او دول آسيوية اخرى، بسبب الصراع الايديولوجي بين المسلمين والشيوعيين المحليين، كما حدث في جاكرتا حيث سقط بعد وفاة احمد سوكارنو نحو نصف مليون قتيل على الاقل، في محاولة الشيوعيين للسيطرة على السلطة.
قسم الملك عبد الله بن عبد العزيز جولاته الخارجية التي بدأها قبل سنوات، الى مربعات او دوائر قارية. ويسافر قادة الدول عادة في الامم وهم يحملون رسالة سياسية واقتصادية ورؤية متطورة للمصالح المتبادلة. غير ان العاهل السعودي يضيف دائما الى كل ذلك، صفته كخادم للحرمين الشريفين. وهو اللقب الذي فضله الملك فهد بن عبد العزيز على أي تشريف.
التعليقات