الإثنين:23. 01. 2006

ديفيد بروكس

يقوم السجال الدائر بشأن العراق بتقسيم أميركا حاليا إلى معسكرين حزبيين، أما السجال بشأن إيران فهو أكثر خطورة من ذلك حيث يمكن أن يؤدي إلى إحداث صدع بين ''المحافظين'' ذاتهم وبين إدارة بوش، وأن يقسم ''الديمقراطيين'' إلى فئات متنافسةmiddot; وهذا السجال مرهق للغاية لأن البدائل التي يقدمها رهيبة كلها، ومع ذلك فإن الأمر المرجح هو أنه سيكون السجال الرئيسي للانتخابات الرئاسية middot;2008 ويمكننا أن نرصد من الآن بروز أربعة اتجاهات رئيسية يمكن تبيانها على النحو التالي: الاتجاه الأول: أنصار العمل الاستباقي: يعتقد جون ماكين ومعظم ''المحافظين'' أن الموقف الآن يشبه الموقف في ألمانيا النازية 1933: هناك الآن في إيران رجل متعصب معاد للسامية يدعو إلى محو إسرائيل من الخريطة مما يعني أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح لإيران بامتلاك القنبلة النوويةmiddot; صحيح أن أحمدي نجاد لن يسقط تلك القنبلة فورا على تل أبيب ولكن إيران المضطربة ذهنيا، والساعية إلى الهيمنة، يمكن أن تطلق أتباعها الإرهابيين من عقالهم، وتخنق الجهود الديمقراطية في الشرق الأوسط كما يمكنها أيضا إشعال فتيل حرب كارثيةmiddot; وأنصار العمل الاستباقي سيعملون مع أوروبا والولايات المتحدة لتصعيد الضغط على إيران والقيام بكل ما يتعين القيام به لإيقاف البرنامج النووي الإيرانيmiddot;
الاتجاه الثاني: أنصار العقوباتmiddot; بدأ المتنافسون الديمقراطيون في الانتخابات المزمع إجراؤها 2008 في الهجوم على إدارة بوشmiddot; ولكن هذا الهجوم في الحقيقة ليس مجرد موقف انتخابي لأن أصحابه يؤمنون بأن حصول إيران على قدرات نووية أمر غير مقبول، لأنه سيؤدي إلى سباق تسلح إقليمي، كما سيؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة تعد من أكثر مناطق العالم اضطراباmiddot; وأنصار هذا التوجه يدعون إلى قيام الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات مع إيران، في نفس الوقت الذي يقوم فيه العالم بفرض عقوبات اقتصادية عليهاmiddot;
الاتجاه الثالث: أنصار الإصلاح: الشيء الغريب هنا أن إدارة بوش تجد نفسها في الجانب الذي يتوخى الحذر؛ فمسؤولوها يقولون إنك عندما تكون في الحكم وتريد اتخاذ إجراء معين، فإنك يجب أن تعمل حساباً للعواقبmiddot; وبالنسبة لحالتهم، فإنهم يريدون أن يحافظوا على التحالف الدولي قائما، وألا يتخذوا إجراءات، أو يفرضوا عقوبات تدفع إيران إلى تفكيك العراقmiddot; والحجة الرئيسية التي يعتمد عليها أنصار هذا الاتجاه هي أن الإيرانيين لا يريدون أن يكونوا منبوذين عالمياًmiddot; فهناك صفوة إيرانية تسافر، وتقيم علاقات تجارية مع رجال الأعمال الأجانب بدأت في العمل بالفعل ضد خطاب أحمدي نجاد المتطرفmiddot; والإدارة تؤمن بأن فرض عقوبات قاسية ضد إيران، قد يدفع بالسواد الأعظم من الشعب إلى أحضان النظام وأن المطلوب بدلا من ذلك هو اتخاذ عقوبات ''جراحية'' لتغيير مسار النظام، وجعله أكثر قبولا واستساغة، عما هو عليه الآن، وهم يؤمنون في قرارة أنفسهم بأنه ليس هناك طريق للحيلولة بين إيران وبين الحصول على القنبلة النوويةmiddot;
الاتجاه الرابع: القدريون الصامتونmiddot; الديمقراطيون المنتمون إلى التيار العام كانوا هادئين بشكل لافت للنظر بصدد هذا الموضوعmiddot; فاقتناعهم الرئيسي هو أن أي عمل عسكري تقوده الولايات المتحدة ضد إيران سيكون كارثياًmiddot; وهذا الاقتناع هو الذي يتحكم في صياغة تعريفهم للمشكلةmiddot; فإيران النووية ربما لن تكون كارثية على النحو الذي يتخيله الكثيرونmiddot;middot; ثم لماذا لا يكون لها حق امتلاك قنبلة مثل الآخرينmiddot; صحيح أن النظام شرير، ولكنه مع ذلك قابل للاحتواء والمشاغلةmiddot; وهذه الاتجاهات الأربعة يجمع بينها شيء واحد وهو أنها جميعا تفتقر إلى الإقناعmiddot; فعلى الرغم من آمال الإدارة في إصلاح النظام الإيراني، فإن هناك القليل جداً من الأسباب التي تدفع للاعتقاد بأن النخبة الإيرانية ذات الاتجاهات الكوزموبوليتانية ستقوم بإغلاق البرنامج النووي لبلادها، أو أنها ستستطيع ذلك إذا ما أرادات، أو أنها ستقوم بذلك في الوقت المناسب وقبل أن تقوم إسرائيل بدفع الموضوع إلى نقطة الأزمةmiddot;
إذن هذا السجال سيكون مطولاً ومرهقاً وسيؤدي إلى تقسيم الحزبينmiddot; والأمر الأكثر ترجيحاً هو أننا جميعا سننغمس فيه حتى اللحظة التي نجد فيها أن القنابل النووية الإيرانية قد صنعت، وأنها قد أصبحت جاهزة تماماً للعملmiddot;