05 الاستقلال
يحيى جابر
بلا إذن ولا دستور، قرر الاخوان والشباب في الحي المجاور، ان يمارسوا لعبة كرة القدم الحربية تحت البيت، وتحديداً في الحديقة الخلفية، وبدأوا يتراشقون بالعبوات والسيارات المفخخة. فنزلت صوبهم، واتجهت نحوهم كرجل مسالم ومدني مثل أي عصفور، أو حمامة بيضاء، وقلت لهم، يا شباب لو سمحتم العبوا حروبكم بعيداً عن أرضي، هذه بلاد وليست ملعباً. هذه جمهورية وليست مدينة رياضية لالعاب القوى والمبارزات. وما ان أنهيت مطالعتي وخطابي المسالم، حتى تقدم أحدهم وشاطني خطاباً نارياً، وشتائم من كعب الدست. quot;نحنا احرار، بدنا نلعب وين ما كانquot;. قلت له quot;كل واحد يلعب بأرضه، ليش هون، بدي نام، وما عم تخلونا نرتاح...quot; فأجابني quot;إذا ما عجبك راح نبلط البحر بأجسادكمquot;.
عدت الى البيت أشعر بالاحباط الوطني والقومي، وانا اساساً عندي احباط مالي وعاطفي، ومعي ايضاً احباط صحي، واحباط تاريخي وجغرافي، ولدي ايضاً احباطات من كل القياسات كبير زغير ولادي محير، وما كان ينقصني سوى انني حين دخلت الى بيتي فوجئت بمجموعة من الجيران، شي عم يلعب شطرنج بالمطبخ وشي عم يلعب داما بالصالون، وشي عم يلعب بالطابة بغرفة النوم. ماذا تفعلون هنا، قالوا quot;جاي على بالنا نلعب ورق سياسيquot; فقلت لهم quot;هذا بيت، هذا وطن وليس مقهىquot; فأجابني كبير الجيران، quot;مش عاجبك روح دق راسك بالحيطquot; وقررت فعلاً ان ادق رأسي بالحيط، وفوجئت ان بيتي بلا جدران، بلا حيطان، بلا أبواب... وين بدق راسي؟...
التعليقات